«المستقبل»: إمّا أنا أو الإرهاب!

محمد حمية

لم يعد خافياً الصراع الذي تعيشه الساحة السنّية في لبنان بين تيّارَي الاعتدال الذي يمثله تيار المستقبل، والتطرّف. وتجلى في صور متعددة، اجتماعية وسياسية وحتى عسكرية، كما انعكس صراعاً داخل البيت المستقبلي الواحد، وتجلّى في مجلس الوزراء بين وزيرَي الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي. إلا أن اوساط إسلامية رفضت تصنيف التيار الأزرق في خانة الاعتدال، لا بل رأت فيه واجهة تنظيمَي «النصرة» و«داعش» الإعلامية والسياسية، وكل اشكال التطرف في لبنان، بسبب التبرير الذي يقدمه لممارسات هذه التنظيمات، فضلاً عن استغلاله لمصالح سياسية وانتخابية.

الطائفة السنّية تعيش اليوم في دولة «سعد وحده لا شريك له»، هكذا توصّف مصادر إسلامية المشهد، فالثنائية موجودة في كل الطوائف، مارونية وشيعية ودرزية إلا في الطائفة السنّية هناك أحادية، فإشعار الناس بأنهم مظلومون ومهمشون هو الذي دفع الناس باتجاه التطرف علماً ان المسلمين السنّة يستعصون على الالغاء والاستئصال، لأن المسلمين هم مليار و500 مليون، والسنّة مليار و200 مليون. فهل يقدر احد على إلغاء هذا العدد؟ بعض الشارع السنّي يتعاطف مع الموقوفين الإسلاميين في السجون بسبب رابط القربى والمنطقة والبيئة، الشارع يقيس بميزان الشارع والعاطفة والعشيرة.

المستقبل، ومنذ مرحلة الرئيس الراحل رفيق الحريري، ألغى كل القوى الموجودة على الساحة السنّية. حتى الرئيس سليم الحص وآل سعد والبزري، والسياسة نفسها اتبعها الرئيس سعد الحريري، إذا كان هناك من تهميش للتيارات السنّية الاخرى، فالمسؤولية تقع على التيار الاكثري، تقول مصادر إسلامية.

وتؤكد مراجع دينية سنّية بيروتية أن لا وجود للشارع المتطرف في لبنان، بل هو يملك أكثرية بمكان واحد فقط هو سجن رومية بفضل تيار المستقبل الذي يدفع السنة إلى التطرف من خلال النكايات السياسية والتحريض الإعلامي وتبرير ممارسات التطرف والإرهاب، فخدمة الطائفة لن تكون على حساب تدمير الوطن، الشارع البيروتي محصن من التطرف وممتعض من الحالة المتطرفة.

وتقول مصادر دينية صيداوية أن موقف تيار المستقبل نفعي واستغلالي، فهو يعمل عبر بعض نوابه على تعزيز المشاعر الطائفية التي تصب في مصلحة الفتنة المذهبية، وهو من خلال ذلك يريد ان يقول اما ان تقبلوا بنا كتيار معتدل على الساحة السنّية او ان تصطدموا بالجماعات الإرهابية، صيدا لم تكن يوماً الا في طليعة الموقف الوطني المقاوم وعلى امتداد السنوات قدمت الشهداء من أبنائها الذين هم بغالبيتهم من أهل السنّة في سبيل الدفاع عن الأرض بمواجهة العدو الصهيوني.

المستقبل لا يفتخر بأنه تيار سنّي، بل يفتخر بانه تيار اسلامي مفتوح للجميع. ومبادؤه لا ترتكز بأي شكلٍ من الاشكال إلى الدين، بل إلى المنطق المدني، هكذا يقول القيادي في التيار مصطفى علوش.

أظهرت وقائع واحداث في مناطق متعددة أن الشارع الاسلامي المتطرف يملك حضوراً وانتشاراً لا يستهان بهما، حتى بدا أن هذا التيار يأكل من الصحن «المستقبلي»، لا سيما في طرابلس عندما عجزت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على الصمود أمام اعتقال الأمن العالم للمطلوب شادي المولوي فضلاً عن جولات القتال في طرابلس وعجز الأجهزة الامنية عن وضع حد قبل تطبيق الخطة الامنية مؤخراً، كما ظاهرة احمد الاسير في صيدا، اضافة إلى وضع خطوط حمراء أمام دخول الجيش إلى عرسال، فضلاً عن التظاهرات وقطع الطرقات بتوقيت واحد في عدد من المناطق احتجاجاً على تعذيب سجناء في سجن رومية، كما أظهر الشريط المسرّب.

فما هي أسباب هذا الصراع وخلفياته، وما هو المعيار الذي يفصل التطرّف عن الاعتدال؟ وأين يقف تيار المستقبل؟ وهل التيار الاسلامي المتطرّف قوة قائمة بذاتها أم هناك قوة تدعمه وتحركه وفقاً لمصالحها؟ وكيف ينظر الشارع السنّي إلى التطرف، وهل يملك مستقبلاً له في لبنان؟

بين التطرّف والاعتدال

رئيس حركة التوحيد الاسلامي الشيخ بلال شعبان يؤكد في حديث لـ«البناء» أن ما يحدد الفارق بين التطرّف والأصولية والاعتدال، غايات الدين الاساسية وهي توحيد عبادة الله وحفظ الضرورات الخمس، حفظ الانسان بدمه وماله وأرضه وعقله ودينه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، الانسان لا يحاسب الانسان بل الله في يوم القيامة يحاسب، الانسان يحاسب الانسان على السلوكيات ولكن لا يحق لي أن أحاسب الانسان على فكره، الله الذي خلق الانسان لا يحاسبه على فكره بل قال: «ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة وينبئكم بما كنتم تعملون».

وأضاف شعبان: «المتطرف هو كل من يكفّر الناس على رأيهم. النبي ابراهيم عندما بنى الكعبة قال: ربي اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالغيب واليوم الآخر، والله قال: من كفر سأمتعه قليلاً ثم أذيقه عذاب النار، الجميع متساوون في الدنيا وفي الآخرة. من يعمل مثقال ذرة خيراً يرى ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرى». كل تيار اصولي متطرف مسيحياً أو سنّياً أو شيعياً أو علمانياً، هو الذي يبرّر اجتياح الانسان بدمه وماله وعرضه».

وقال: «التيار المتطرف في العالمين العربي والاسلامي سلّط ووجه إعلامياً لخدمة مصالح ما يسمى دول الاعتدال العربي، لأن إشعار الناس بأنهم مظلومون ومهمشون، هو الذي دفع الناس في هذا الاتجاه. علماً اننا كمسلمين سنّة نستعصي على الالغاء والاستئصال، لأنّ عدد المسلمين مليار و500 مليون، والسنة مليار و200 مليون، فهل يقدر أحد على إلغاء هذا العدد؟».

«المستقبل» وإقصاء الآخرين

ولفت شعبان إلى أن تيار المستقبل ومنذ مرحلة الرئيس الراحل رفيق الحريري ألغى كل القوى الموجودة على الساحة السنّية. حتى الرئيس سليم الحص وآل سعد والبزري، والسياسة نفسها اتبعها الرئيس سعد الحريري، حتى في انتخابات المجلس الشرعي الاعلى التي هي انتخابات سنّية بحتة، لم يسمح المستقبل بدخول كتل أخرى، وكانت حرب إلغائية.

وأوضح أن تيارات التطرف اليوم في لبنان، والشمال خصوصاً، صنعت وموّلت لأن تكون في خدمة مشروع المستقبل، لكي تستغل على قاعدة ينتقم منه ثم ينتقم به، وهذا ظهر في حرب التبانة ـ جبل محسن القذرة، فبعد 21 جولة عنف وعندما حصل اتفاق بين قوى 8 و14 آذار، رُمي هؤلاء من قبل مشغّليهم. إذا كان هناك من تهميش للتيارات السنّية الاخرى، فالمسؤولية تقع على التيار الاكثري، الذي صنف الوزير محمد الصفدي والرئيس نجيب ميقاتي في خانة الخونة، نعيش في دولة «سعد وحده لا شريك له»، فالثنائية موجودة في كل الطوائف، مارونية وشيعية ودرزية إلا في الطائفة السنّية هناك أحادية.

وأضاف: الاسلاميون لا يعني انهم متطرفون، مثلاً حزب الله وحركة التوحيد وجهة العمل وتجمّع العلماء المسلمين تربطهم علاقات مميزة بكل الطوائف في لبنان. المتطرفون لا وجود لهم مع تيار المستقبل الا «عتالة»، إنما يملكون أكثرية بمكان واحد هو في سجن رومية بفضل تيار المستقبل الذي يدفع السنّة إلى التطرّف من خلال النكايات السياسية والإعلام والتبرير والقراءات الخاطئة المتعمدة للاحداث، في لبنان لا مستقبل للتطرف، هو نسبة ضئيلة جداً كفكر، ولكن التحريض يدفع الكثيرين للتعاطف معه، فأكثر ضحايا ممارسات «داعش» و«النصرة» هم مشايخ أهل السنّة.

وقال شعبان: «حركة التوحيد تعرضت إلى حملة إبادة، اغتيل عدد من علمائنا، الشيخ سعد غيا اغتيل من قبل المتطرفين وهم الآن في سجن رومية. والشيخ عبد الرزاق الاسمر اغتيل بهجوم على إذاعة التوحيد الاسلامي من قبل عناصر المستقبل بإيعاز من عميد حمود. واغتيال حسام الموري. نحن نتعرض للابادة منذ عهد الرئيس رفيق الحريري الذي أغلق تلفزيون الهلال».

ولفت شعبان إلى أن فيديو تعذيب سجناء في رومية له شق داخلي طرابلسي مستقبلي ـ سنّي بين ريفي والمشنوق، والثاني له علاقة بما جرى في جرود عرسال بعدما حسمت المقاومة جبهة القلمون. فكان لا بدّ من تحرّك لإظهار أننا في رومية نقتَل، وفي عرسال نقتَل، فهبّوا يا سنّة كما قال محمد سلام «المارد السنّي استيقظ».

تكفير «الجماعة» وتخوينها

مصادر خاصة لـ«البناء» كشفت أن «الجماعة الإسلامية» تعرّضت لهجموم على موقع «واتس آب» ومواقع التواصل الاجتماعي بعبارات نابية وقاسية، «يا خونة و…»، على خلفية حضور مسؤولين في الجماعة الإسلامية افطار لحزب الله.

وأضافت المصادر: «الجماعة الإسلامية إجر في البور وأخرى بالفلاحة، الافضل لها الوقوف مع مشروع المقاومة، فكيف تتحالف مع المستقبل حليف السعودية في لبنان وتقاتل معها في العراق وتحاربها في مصر؟».

وتابعت المصادر: «يوجد صراع فكري على الساحة السنّية بين تيارات متعددة ولكنه ليس صراعاً عسكرياً. تيار المستقبل ليس تيار اعتدال، بل هو الواجهة الإعلامية والسياسية لتنظيمي داعش والنصرة. وهو الذي غطى ظاهرة أحمد الاسير ومدّه بالسلاح، وهيئة علماء المسلمين اثناء معارك جبل محسن والتبانة كانت تتصل بداعي الشهال، وتثني على إعلانه الجهاد ضدّ جبل محسن».

وأشارت المصادر إلى أن وزير العدل أشرف ريفي هو الذي يلمّ شعبية الحريري إذا لم يأت إلى لبنان، ريفي يطلب النيابة في طرابلس، فيحرض تارة على أبو العبد كبارة وعلى ميقاتي والنائب السابق مصباح الاحدب طوراً، لا يريد ان يتقاعد بل هو يقاتل ويدعم التطرف في السنّة ليركب موجته.

المستقبل والتطرّف

مصادر إسلامية أشارت في حديث لـ«البناء» إلى أن تيار المستقبل هو الواجهة الإعلامية والسياسية لتنظيمَي «داعش» و«النصرة» وكل أشكال التطرّف في لبنان، لأن التبرير الذي يقدمه لممارسات هذه التنظيمات فضلاً عن استغلالها لمصالحة سياسية وانتخابية، فهو الذي صنع تنظيم «فتح الاسلام» لإحداث توازن مع حزب الله، لكنه عندما فشل في ذلك اضطر للتضحية به.

وأضافت: «السعودية الآن تدعم داعش والنصرة اقليمياً على رغم انها وضعتهما على لائحة الإرهاب، فتنظيم القاعدة هو الذي يقف في وجه الحوثيين في اليمن، المستقبل يخادع ويستغل هذه المجموعات وربما لا يلتقي معها ايديولوجياً إنما براغماتياً ووصولياً يلتقي معها ويستخدمها لتحقيق مشروعه».

منسّق تيار المستقبل في الشمال مصطفى علوش رأى أن التطرّف بمعناه العملي هو حالة نادرة في الشارع السنّي، أما الفكر المتطرّف فهو يمثل أقلية ضئيلة ولكن لها وجود.

وأضاف: «ما يسمى الاسلام السياسي المتطرّف يمثل حوالى 4 إلى 5 في المئة من السنّة في لبنان، لكن الاكثرية الساحقة من السنّة على رغم بعض ردود الفعل التي تأخذ طابعاً مذهبياً بعض الوقت، إنما هم سنّة محافظون ويعتبرون التطرّف من كل الجهات، اي أن البعد عن القضايا الاجتماعية المعتدلة هو تطرّف».

وأشار علوش إلى أن تيار المستقبل لا يسيطر على الشارع السنّي على هذا المستوى الاجتماعي، وإن كان بعض السنّة اتبعوا المستقبل لظنّهم أنه تيار يمثل السنّة. لكن الاكيد أن المستقبل لا يفتخر بأنه تيار سنّي، بل يفتخر بأنّه تيار إسلاميّ مفتوح للجميع. ومبادؤه لا ترتكز بأي شكلٍ من الاشكال إلى الدين، بل إلى المنطق المدني بكل ما للكلمة من معنى.

وشدّد علوش على أن الوقائع تؤكد ان المستقبل الفريق الأكثر استهدافاً من الحالة المتطرّفة خلال السنوات العشر الماضية، أقلّه على المستوى الإعلامي. اما الحليف الطبيعي لهذا التطرّف، وحتى لو كان بمنطق العادات هو التطرّف الآخر من الجهة الاخرى، لأنه يبرّر وجوده. المستقبل لم يحاول الدخول بمنطق اللعب بالتطرّف ولو أن بعض الألاعيب الاستخباراتية قد حصلت في هذا الاتجاه.

التطرّف خروج عن السنّة

إمام مسجد الخضر في بيروت الشيخ محمود مسلماني يؤكد في حديث لـ«البناء» أن التنظيمات الإرهابية خرجت عن معتقدات أهل السنّة والجماعة ولا يقال عنها من أهل السنّة. «الشارع مغرّر به، لا شك أن هناك أشخاصاً يتعرضون للظلم لا سيما بعض السجناء في رومية، لكن يجب أن يأخذ القانون مجراه وتتم المحاكمات بشرط ألا تكون هناك تدخلات خارجية للضغط على المساجين. بعض الشارع السنّي سيتعاطف مع هؤلاء أولاً لأنهم أولاد منطقتهم وبيئتهم. الشارع يقيس بميزان الشارع والعاطفة والعشيرة، فحالة أحمد الاسير الشاذة بدأت لإثبات الأسير في الشارع، إلا ان مطابخ الاستخبارات الخارجية أوصلته إلى ما وصل اليه. نحن أول من حذّر من الأسير وتحدّثنا مع المفتي محمد رشيد قباني واتصل قباني بالقيّمين في صيدا، وقالوا له إنه ليس سوى إمام مصلّى لا قوة له».

وأضاف مسلماني: «بعض التيارات السياسية همها أن تكسب الشارع لغايات انتخابية، وكل شيء يمتّ للدين بصلة نؤيده، وإذا كانت التظاهرات لمصلحة الطائفة والمصلحة الوطنية نحن معها، لأننا ايضاً يجب ان نحافظ على الوطن. فخدمة الطائفة لن تكون على حساب تدمير الوطن، الدين يدعو للحفاظ على الارض، فهل نسمح لشذاذ الافاق أن يأتوا ويحتلوا أرضنا؟».

وأشار إلى أن التطرّف مستفيد كما تيار المستقبل مستفيد. الا انه أعرب عن اعتقاده أن الشارع في بيروت محصّن من التطرّف وممتعض من الحالة المتطرّفة ولا يوافق المتطرّفين على افكارهم وأفعالهم، لا لجهة الفكر والمنهج، ولا المسيرة. بل هو تربى على الاعتدال والوسطية وعلى مبادئ الرئيس جمال عبد الناصر.

وأكد أن دار الفتوى تلعب دوراً في هذا المجال من خلال تصاريح المفتي عبد الطيف دريان بأننا لن نكون بيئة حاضنة للإرهاب والتطرّف.

الصراع بين الإسلام ومن يدّعي الإسلام

وأكد مام مسجد ابراهيم في صيدا الشيخ صهيب حبلي، أن الصراع ليس في الساحة السنّية فقط كما تريد بعض الجهات تصوير الأمر، بل هو صراع بين الإسلام الحنيف الشريف الطاهر الذي يحمل رسالة المحبة والتسامح والعدل في الحكم، وبين من يدّعي زوراً وبهتاناً انه يمثل الإسلام والخلافة المزعومة وفق فتاوى ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب. وبالتالي فإن أهل السنّة والجماعة هم في الموقع الأول من دون أدنى شك، لأنهم أهل الاعتدال والاقتداء بنهج الرسول. وبالتالي يمكن القول إن المسلمين المؤمنين لا يمكن أن يكونوا إلا أهل اعتدال، أمّا من يزعم أنّه آتٍ لإقامة شرع الله بحدّ السيف وبالقتل والنحر والتفجير، فهو أبعد ما يكون عن الإسلام والمسلمين.

وأضاف حبلي: «للأسف إن موقف تيار المستقبل نفعي واستغلالي، فهو يدرك ان المجموعات الإرهابية التي تدّعي أنها تمثل أهل السنّة والجماعة تضعه نصب أعينها وتعتبره عدواً لها لكنه في الوقت نفسه، يعمل عبر بعض نوابه على تعزيز المشاعر الطائفية التي تصبّ في مصلحة الفتنة المذهبية. وهو من خلال ذلك يريد أن يقول: إما ان تقبلوا بنا كتيار معتدل على الساحة السنّية، أو أن تصطدموا بالجماعات الإرهابية التي تتغذى وتيار المستقبل من المصدر نفسه أي من آل سعود الذين يسعون إلى تشويه صورة الإسلام وتقسيم المنطقة وطرد المسيحيين خدمة للمشروع الصهيوني الساعي إلى إقامة الكانتون اليهودي في فلسطين المحتلة».

صيدا ومقاومة «إسرائيل» والتطرّف

ولفت حبلي إلى أن صيدا لم تكن يوماً الا في طليعة الموقف الوطني المقاوم. وعلى امتداد السنوات قدّمت الشهداء من أبنائها الذين هم بغالبيتهم من أهل السنّة في سبيل الدفاع عن الأرض، في مواجهة العدو الصهيوني وفي مواجهة التسلط والجور والظلم. وبالتالي لا يمكن لأي فريق سياسي وإن كان يهيمن على نتائج الانتخابات عبر الاموال وما إلى ذلك من الوسائل والطرق، أن يحتكر قرار مدينة صيدا التي هي عاصمة المقاومة، وهي صيدا معروف سعد ونزيه البزري، وغيرهما من رموز وطنية مقاومة سجلت وقفات العزّ في مواجهة المحتل والظالم. والشارع الصيداوي، على رغم بث السموم الطائفية والأحقاد المذهبية، هو داعم للمقاومة ومشروعها، لا بل يعتبر جزءاً أساسياً منها، ونحن شاهدنا كيف لفظ أبناء صيدا حالة الإرهابيّ أحمد الأسير، مع الإشارة إلى انه كان يلقى غطاء سياسياً من النائب بهية الحريري التي استغلت حالة الأسير في خدمة مشروعها السياسي، وظهر ذلك بوضوح قبل ان تتنصل منه مع بداية أحداث عبرا».

المستقبل وعرسال

وقال حبلي: «الوضع في عرسال خطير جداً لجهة سيطرة بعض الجماعات الإرهابية على مناطق في الجرود. وهي تقوم بترهيب السكان، وسقط عدد من أبناء المدينة ومن النازحين السوريين على أيدي أولئك الإرهابيين. أبو طاقية وأبو عجينة لا يمثلان عرسال وأهلها، وهما جزء من المشروع الإرهابي. وموقف تيار المستقبل أيضاً خاضع لأجندته السياسية، فهو يستغل الوضع القائم للتجييش طائفياً ومذهبياً ضد المقاومة، من دون ان يقدم اي مبادرة تضمن الأمن والآمان لأبناء عرسال وللنازحين فيها».

وتابع: «كما لم يمنح المستقبل الجيش اللبناني الغطاء للقيام بعملية أمنية في الجرود واستعادة العسكريين الأسرى، فهو يعطي غطاء للجماعات الإرهابية تحت ستارة التحذير من المسّ بأهل السنّة، ولكن نسألهم ماذا فعلتم لحماية أهل السنّة من سكاكين إرهابيي داعش والنصرة وبنادقهم؟».

التطرّف نتاج المشروع الإرهابي

وأوضح حبلي أن «ما شهدناه في طرابلس وصيدا من حالات متطرّفة كحالة الأسير ما هي الا نتاج المشروع الإرهابي المدعوم من السعودية وقطر وتركيا بهدف خلق بيئة تشكل حاضنة للمجموعات الإرهابية التي تسعى إلى تفتيت البنية الاجتماعية في الدول والمجتمعات، لمصلحة كانتونات مذهبية منعزلة. لا تعاطف شعبياً مع الحالات الشاذة كحالة الأسير وغيره ممّن يخرجون بخطابات مذهبية وطائفية. لكن هناك من يسعى إلى تصوير الأمر وكأن أهل السنّة هم من يحمي أولئك المجرمين، وهذا يضرّ بأهل السنّة. فهناك للأسف بعض من يغرر بهم، وفي هذا السياق نشير إلى الدور الذي تلعبه هيئة العلماء المسلمين التي تسعى عند كل حدث إلى تجييش الشارع كنوع من الضغط على أصحاب القرار السياسي والأمني. وهذا ما حصل إبان إشتباكات عبرا ومؤخراً في أحداث السعديات حاولت الهيئة أن تقم بالدور نفسه، لكن الجيش كان حاسماً بقرار ضبط الشارع ومنع انفلات الأمور».

وشرح حبلي أن «الأصولية موجودة في لبنان كما في سائر الدول الأخرى ولكن تمت تغذيتها مع بدء الأزمات في المنطقة تحت شعار الربيع العربي الذي ما هو الا مشروع اميركي خليجي صهيوني لتقسيم دول المنطقة مرة جديدة بعد سايكس بيكو، وتحويل هذه الكيانات الهجينة أصلاً إلى مزارع طائفية ومذهبية متناحرة، وهذه المجموعات تشكل خطراً كبيراً لجهة ضرب الأمن والاستقرار والبنية الاجتماعية المتنوعة في لبنان».

المقاومة بالمرصاد للإرهاب

وقال حبلي: «من دون أدنى شك، إن الإنجازات الميدانية للمقاومة ستساهم في القضاء على الجهات التي تغذّي المجموعات المتطرّفة في لبنان، كما ستحدّ من مشاريعها الإرهابية وهذا ما ظهر جلياً في وقف مسلسل التفجيرات بعد تحرك المقاومة في جرود عرسال وغيرها من المناطق الحدودية. من دون أن ننسى إنجازات الجيش واستخباراته في كشف عدد من المخططات الإرهابية وإحباطها قبل تنفيذها، ما ساهم في توجيه ضربة قاصمة للمجموعات الإرهابية».

الصراع داخل البيت المستقبلي

وأضاف حبلي: «لا شك أنّ تسريب فيديو التعذيب في سجن رومية هو ضربة معلّم كما يقال. وتم ذلك بغية استثماره سياسياً على أكمل وجه في سياق الصراع القائم داخل البيت المستقبلي. بيت الوزيرين ريفي والمشنوق. فهما، وعلى رغم انتمائهما إلى التيار السياسي نفسه، إلا انهما مرتبطان بجهات مختلفة في السعودية. فريفي محسوب على بندر بن سلطان الذي أقصي عن الحكم. بينما المشنوق يرتبط بمحمد بن سلمان الممسك حالياً بكلّ مفاصل الحكم. وبالتالي جاء تسريب المقاطع لحشر المشنوق الذي يقوم بعمله الأمني بكل موضوعية وشفافية بعيداً عن المحسوبيات، وهذا ما ظهر في سجن رومية وهو يتصدى للمشاريع الإرهابية بكل حزم. ولعل هذا ما أزعج ريفي ومن يمثّل، فعمل على فرملة انطلاقة المشنوق وتصويره كمدافع عمّن يسيء لأهل السنّة في السجون. وعلى رغم إدانتنا التعرض للمساجين على اختلاف انتماءاتهم نسأل: هل بات الإرهابي عمر الأطرش الذي نقل الانتحاريين والسيارات المفخخة يمثل أهل السنّة؟».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى