رغم ثرثرة تركيا والأردن عن التدخل في سورية أميركا تطلب التريث… لن تدخلوها آمنين

عطلة عيد الاستقلال الأميركي، في الرابع من تموز، ألقت ظلالها على حجم ونوعية الإسهامات والدراسات المعتادة.

تجديد تركيا «العدالة والتنمية» تهديدها بالتدخل العسكري في الشمال السوري شكل أحد أبرز القضايا ذات الاهتمام، والتي ستناولها قسم التحليل بالتزامن مع إطلاق الأردن نيته إنشاء منطقة آمنة موازية داخل الأراضي السورية المحاذية له. التحكم بمفاصل قرار التدخل من عدمه يقبع في البيت الأبيض، ليس إلا، والذي أحجم عن التجاوب مع الرغبة التركية الأردنية المشتركة، منبّها الطرفين «للمخاطر اللوجستية الكبيرة» المترتبة على خطوة بهذا الحجم، أقلها استدامة توفير الحماية الجوية ميدانياً. سيستعرض التحليل أيضاً تباين الأهداف الأميركية والتركية، رغم توفير الجانب الأميركي ضمانات بعدم تأييده إنشاء كيان كردي مستقلّ، هاجس تركيا الدائم.

مواجهة «داعش»

يستمرّ مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بتفحّص أسباب ما يسمّيه فشل الاستراتيجية الأميركية في تقويض تقدّم «داعش». وقال إنّ «الحملة التي تقودها الولايات المتحدة تعتمد على الأسلحة العسكرية، مما يحفزها على نفاد صبرها أيضاَ… الحفاظ على نمط معيّن من التقدّم في الحملة العسكرية أمر صعب». واسترشد المركز بتصريحات وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، للدلالة على تعثر الحملات العسكرية، إذ قال: «رأيت نشوب أربعة حروب بدأت بقدر كبير من الحماس والدعم الشعبي، وكلها لم نكن ندري كيفية نضع حدا لنهايتها، بل في ثلاثة منها انسحبنا من جانب واحد». وحذر المركز من استمرار الاعتماد على «العقيدة العسكرية التقليدية لمواجهة الدولة الإسلامية التي لن تحرز أي تقدم».

معهد كارنيغي سعى للبحث في جملة خيارات باستطاعة الولايات المتحدة تطبيقها ضدّ «داعش»، تشمل «استغلال مواطن ضعفها… لتقويضها من الداخل والاشتباك مع قوات «داعش» دون حصرها في غارات جوية فقط». وأضاف إنّ الأمر يتطلب «عمليات قتال برية تنفذها المجموعات العسكرية والتي تنسّق مع التحالف الدولي في سورية والعراق… وتعزيز القدرات العملياتية ونمط الحكم في الجبهة الجنوبية للجيش الحر». واستدرك بالقول انه «يتعيّن على الدول الغربية وحلفائها إجراء مفاوضات حول تسوية سياسية في سورية نظراً لأنّ هدف اقتلاع داعش لن يتحقق بدون ذلك».

مؤسسة هاريتاج استرشدت بالتاريخ الإنساني في الشرق الاوسط للتعرّف على ماهية «الجهادية»، لا سيما أن «الديمقراطيات الحديثة تواجه نموذج الألفية للجهاد … الذي يضرب بعرض الحائط كافة الحريات الفردية». واوضح انّ النزعة الجهادية في العصر الراهن لا تحفزها عوامل الفقر او تضاؤل الفرص، بل رؤيا جماعية طوباوية من شأنها إبادة الغرب».

الحركة السلفية كانت محور اهتمام معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، معتبراً «المجموعات السلفية التي لا تلجأ إلى العنف في مصر هي امتداد لداعش»، وكذلك الأمر للحركة السلفية في الأردن «التي جهدت لتمييز نفسها عن الحركات الجهادية الأخرى وتعزيز مفهوم السلفية كعنصر ضارب الجذور في المجتمع والتاريخ الاردني».

حذر معهد الدراسات الحربية من تداعيات فشل الاستراتيجية الأميركية التي «تركز على عنصر أوحد لأهداف العمليات الأميركية لمحاربة الارهاب… مرتكبة مغامرة لتجاهل التهديد الكامن لقيادات فاعلة للمجموعات الرديفة للقاعدة». وحث صناع القرار على «إعادة النظر باستراتيجيتها ضدّ القاعدة والأخذ بعين الاعتبار الحقائق الراهنة والإقرار بالتوجهات داخل المجموعة والتي قد تستوجب من الولايات المتحدة انتهاج سياسة أكثر شمولية».

السلطة الفلسطينية

واكب معهد واشنطن التحوّلات الداخلية في تشكيلة حكومة السلطة الفلسطينية معتبراً أنها تنوء تحت وطأة صيغة «الحكومة الوطنية»، أو إقصاء حركة حماس، وتركز أنظارها على الضفة الغربية. وأعرب عن اعتقاده بأنّ تصريحات رئيس السلطة محمود عباس، «ربما انه لم يقصد تركيبة حكومية تضم وزراء من حماس… بل أوردت التقارير انه استثنى ذلك الخيار في مشاوراته الأخيرة مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس». ومن المرجح، في نظر المعهد، ان يزكي «محمود عباس صيغة إجماع وطني عمادها التكنوقراط… والتي بالرغم من عدم ارتياح واشنطن لها الا انها ستكون مقبولة دولياً».

ايران

المفاوضات النووية كانت محط اهتمام معهد المشروع الأميركي من زاوية «تصوّر إيران لدور السعودية… اذ لديها قلق من تشدّد الملك سلمان والقيادة السعودية بتأييد أميركي » لإبقاء ضغوطها على الدور الاقليمي لإيران. وأوضح أنّ التوصل إلى اتفاق نووي من شأنه «تأجيج الحروب الإقليمية بالوكالة من سورية مروراً باليمن الى ما هو أبعد».

بروفة التدخل أعدّت منذ زمن

تسارعت تصريحات القادة والمسؤولين الأتراك باللجوء الى الخيار العسكري في سورية، خاصة عقب زيارة رجب اردوغان لطهران في شهر نيسان من العام الجاري، بل التمادي في التصريح بجاهزيتها للتدخل في اليمن أيضاً. وكُشف النقاب حينها عن تلقي أنقرة رسالة قوية من واشنطن «تمنعها من القيام بعمل عسكري في سورية لمؤازرة قوى المعارضة». فهل تخلت الولايات المتحدة حقيقة عن هدفها المعلن بالإطاحة بالنظام السوري، وكيف يمكن قراءة تزامن التصريحات وتصعيد الاشتباكات العسكرية لكلّ من تركيا والأردن فكي كماشة ضدّ السيادة السورية.

في بُعد التوقيت، يتداول أميركياً انه «يسلط الضوء على محاولة إرسال رسالة قوية لواشنطن» من الطرفين «مفادها انّ الوقت قد حان للتدخل عسكرياً في سورية… ومن الصعوبة بمكان التكهّن انْ كان الحديث حول إنشاء مناطق عازلة سؤدّي هذه المرة الى نتيجة ملموسة».

رسمياً، عارضت واشنطن إقامة مناطق آمنة، وأوضحت عبر الناطق الرسمي للخارجية الأميركية انّ بلاده «لا تجد مبرّراً كافيا لمثل تلك الخطوة… وتواجه تحديات لوجستية خطيرة» تحول دون إنشاء مناطق آمنة في سورية، مستدركاً انه لا تتوفر لأميركا «أدلة ثابتة» للتحركات العسكرية المقصودة. كما جرى تفسير تزامن «رسالتي الأردن وتركيا» بأنّ البلدين ربما يعبّران عن نفاد صبرهما من سياسة واشنطن التي لم تتبنّ المخاوف التركية من تفاقم الأوضاع الأمنية بالقرب من حدودها المشتركة مع سورية.

بعبارة أخرى شديدة الوضوح فإنّ أميركا تعتبر «المنطقة الآمنة» ثمرة مصلحة دولية تقرّرها واشنطن، وليس نتيجة لمخاوف أمنية اقليمية. نزع واشنطن الغطاء السياسي عن تركيا، في هذا الظرف الدقيق، دفع أردوغان وحزبه إلى التصريح بأنّ تركيا لن تدخل سورية وحدها، على الرغم من الحركة النشطة للسياسة التركية حشد تأييد الدول الاقليمية، لا سيما الخليجية، في الآونة الاخيرة تمهيداً للتدخل. وربما اعتبر اردوغان انّ حليفه السعودي تورّط أكثر من اللازم في العدوان على اليمن ويخشى تكرار التجربة الحية.

ونقلت أسبوعية «نيوزويك»، في نشرتها الالكترونية «ذي ديلي بيست» عن مسؤول سابق في وزارة المالية الأميركية قوله نهاية شهر أيار الماضي انّ «تركيا في مأزق الآن، إذ خلقت وحشاً داعش ولا تحسن التصرف معه». يشار في هذا الصدد الى توجيه صحيفة «اندبندنت» البريطانية أصابع الاتهام لتركيا «وتواطؤها مع داعش»، عقب عملية إفراج الأخير عن 49 ديبلوماسياً تركياً كانوا معتقلين لديه «دون ايّ مقابل».

أردوغان والنزول سريعاً عن الشجرة

امام اعتراض أميركا، من ناحية، والإنجازات العسكرية الميدانية للجيش العربي السوري في شمال البلاد وجنوبها على الحدود مع الاردن، سبقتها تهديدات إيرانية ونصائح روسية أيضاً، اضطرت أنقرة الى إعلان التراجع، بعد صراخ النفير وتهديد الجوار بالويل والثبور وعظائم الأمور. ولا يجوز التقليل من عامل تغيّر الخريطة السياسية الداخلية في تركيا عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة لتعزز مواقع القادة العسكريين الأتراك والقوى والأحزاب الأخرى المعارضة للتدخل.

رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أجرى مقابلة لمحطة تلفزة تركية، خلال إعداد التقرير، أوضح فيها انه «وفقاً للوضع الراهن فإنّ التدخل العسكري أحادي الجانب ليس مطروحاً… لن ننجرّ أبداً الى مغامرة، فليطمئن شعبنا».

في المحصلة، وجدت تركيا «العدالة والتنمية» نفسها امام معضلة قلقها من تنامي إنجازات القوات الكردية ضدّ «داعش»، وتخوّفها من مطالبتهم اقتطاع جزء من أراضيها لدولتهم وأولوية واشنطن المعلنة في «محاربة داعش» وما يتطلبه من تأييد القوات الكردية المختلفة في المرحلة الراهنة. وسارع أردوغان لإرسال قوة عسكرية مؤلفة من نحو 18.000 جندي بكامل عتادهم وأسلحتهم الى المناطق الجنوبية بمحاذاة القوات الكردية متوعّداً بأنّ بلاده «لن تسمح مطلقاً بإنشاء دولة كردية في سورية… سنمضي في قتالنا مهما كانت جسامة الأكلاف»، والحيلولة دون تواصل جغرافي مباشر بين المناطق الكردية في الشمال السوري.

أردوغان وجد نفسه أمام قضية شائكة لم يستطع التغلب عليها، خسارته للأغلبية البرلمانية وفشله في تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات، مما سيحرمه أيضاً من تأييد وإجماع داخلي لمخططاته خارج الحدود، لا سيما أنّ معارضة بعض قادة الجيش التركي للتدخل في سورية خرجت الى العلن.

خصم تركيا التاريخي، حزب العمال الكردستاني، لم يخف لهجة تهديده لحكومة أردوغان محذراً في حال إقدامه على التدخل عسكرياً في المناطق الكردية، تحت ايّ ذريعة، فإنّ حزبه «سيحوّل كامل الأراضي التركية الى ساحة حرب». تهديدات الحزب، الذي يقبع رئيسه عبد الله أوجلان في معتقلات تركيا، تؤخذ على محمل الجدّ، جسّدها بشنّ هجوم على قاعدة داغليكا العسكرية مطلع الأسبوع الماضي مستخدماً قذائف الهاون والأسلحة الرشاشة، وانخراط سلاح الجو التركي بقصف مواقع يعتقد انّ مقاتلي الحزب يتحصّنون داخلها.

تركيا والاردن علاقة التبعية لأميركا

بروز تركيا كلاعب إقليمي حديث النشأة، وجاء بالتزامن مع احتلال العراق، وهي التي كانت تتطلع غرباً تقدّم التنازل تلو الآخر دون بلوغها هدف الانضمام الى أوروبا. أميركا التقطت اللحظة وسخّرت تركيا للعب دور قيادي أكبر وأشمل في استراتيجيتها لإعادة تقسيم النفوذ في منطقة «الشرق الاوسط»، بالتزامن مع تراجع دور الكيانات الأوروبية، منفردة ومجتمعة، في الحسابات الأميركية. واشنطن شجعت بروز وازدهار فلسفة «الإسلام المعتدل» المتصالح مع الكيان الصهيوني على حساب النظام العلماني السابق في تركيا، وهي تبتعد عن أوروبا باتجاه الشرق بدعم وتأييد أميركي واضح في أغلب الأحيان.

المعطيات المتوفرة لطبيعة المصالح المتبادلة بين الدولتين تشير بوضوح الى معارضة أميركية نشوء دولة مستقلة للأكراد، تلبية لهواجس تركية قديمة، وعدم السماح للأكراد بتخطي الحواجز الموضوعة والخروج عن السيطرة. الازدهار الاقتصادي لتركيا بلغ مرحلة متقدّمة منذ احتلال العراق، وأنعش أحلامها لمنافسة أوروبا على الأسواق الإقليمية، والخليجية تحديداً، ولم يكن الأمر بعيداً عن المرسوم أميركيا للمنطقة، سياسياً واقتصادياً، وتوجّهها للمراهنة على جماعات «الإخوان المسلمين» تحت سيطرة انقرة ظاهرياً.

وانطلقت محاولات استغلال مدروسة للاحتجاجات الشعبية للإطاحة بالنظم والدول المعترضة على النفوذ الأميركي، وحتى المؤيدة له كما في تونس، وبرز عنصر «الإسلام السياسي» كعامل مفصلي يعوّل عليه في «الثورات الملونة»، رغم إدراك أميركا والقوى الأخرى بعدم أهلية التنظيم المتديّن تبوؤ مفاصل الحكم كي تبقي المفاتيح الأساسية الإقليمية ضمن سيطرتها التامة. وتنفسّت الصعداء لاصطفاف نظام الإخوان في مصر ضدّ سورية وابتعاده عن ايران، وتمّت تغطيته بعباءة دعم تركية أيضاً.

جدير بالملاحظة انّ الولايات المتحدة رفضت تصنيف الإخوان جماعة إرهابية حتى بعد انكشاف العلاقة الوثيقة التي تربطهم بالتنظيمات المتشدّدة والإرهابية، القاعدة وأخواتها.

انشئ الاردن كمنطقة عازلة بين «إسرائيل» والعمق العربي في الهلال الخصيب، سورية والعراق، وأسندت له وظائف متعددة للوقوف في وجه المدّ القومي وحماية أمن «اسرائيل»، ومهام فرعية أخرى تتعلق بخدمة المصالح الأميركية في المنطقة: الانضمام إلى تحالف واشنطن ضدّ «داعش».

تدخل النظام الأردني في المأساة السورية يعود الى أزمنة غابرة منذ تشكيل الأحلاف الاقليمية الغربية للوقوف في وجه المد الوطني والقومي، وتجدّده تحت عباءة الاستراتيجية الأميركية والغربية لإسقاط الدولة والنظام في سورية بشكل مباشر منذ بدء عام 2011.

سخر الأردن أراضيه وأجوائه في خدمة المشروع الغربي لتفتيت الدولة السورية، ولم يعد ينفي دور غرفة العمليات المشتركة «الموك» على أراضيه لإدارة معارك التنظيمات المسلحة ضدّ سورية والتي تضمّ قيادات عسكرية رفيعة من الولايات المتحدة والسعودية و»إسرائيل». الدعم الأميركي والمالي السعودي حفزه لإعداد نفسه وراثة أراضٍ سورية يضمّها إلى كيانه عبر هجوم متزامن من أراضيه نحو الجنوب السوري وتهديد تركي في الشمال لمشاغلة الجيش العربي السوري.

قرار التدخل والعبث باستقرار سورية لم يكن يوماً رهن حسابات فردية لكلّ من تركيا والأردن، ودول الخليج المموّلة والداعمة، بل القرار بيد أميركا وكلّ له دور خاص به. التطورات العالمية في الفترة الأخيرة، من أوكرانيا إلى أوروبا وأزمتها الاقتصادية والعدوان السعودي المتعثر ضدّ اليمن، فضلاً عن فشل أدوات العدوان في المعارضة السورية، شكلت عاملاً ضاغطاً على صاحب القرار للتريث في المرحلة الحالية دون التخلي عن هدف التدخل والإطاحة بالنظام السوري.

يجدر التنبيه الى التحوّلات الميدانية التي طرأت على العقيدة العسكرية الأميركية، بعد فشل حروبها المكلفة في افغانستان والعراق، وانخراط قواتها المسلحة بشكل مباشر، تعدّلت العقيدة العسكرية في عهد الرئيس أوباما لاستمرار القتال ولكن بأدوات تنفيذ محلية، والتي ستتحمّل مسؤولية الهزيمة وحدها أمام العالم، كما هو حاصل للمملكة السعودية الغارقة في أوحال اليمن وتلكؤ القرار الأميركي بتوفير الغطاء السياسي لانسحابها. وهذا يفسّر الى حدّ بعيد تراجع الانخراط العسكري الأميركي المباشر في سورية، على الرغم من إصرار أنصار الحرب وممثليه في الكونغرس بأهمية إرسال قوات مسلحة أميركية للقتال في كلّ من سورية والعراق.

التدخل الأميركي في المنطقة يتمّ عبر وحدات من القوات العسكرية الخاصة، لمهام محدّدة، وتأييد انخراط مرتزقة الشركات الأمنية الأميركية في العمليات القتالية مما يوفر لها عنصر التنصل من مسؤولية التدخل.

مستقبل المناطق الآمنة

إنشاء مناطق نفوذ آمنة، داخل الحدود السورية، مهمة محفوفة بالمخاطر لا سيما حاجتها الدائمة لتوفير الحماية النارية لها وما ينطوي عليه من مجازفات قد تخرج عن نطاق السيطرة. الإمر الذي تحذر منه أميركا مطلب تركيا الثابت بإنشاء منطقة حظر على الطيران السوري.

الأمر بالنسبة إلى الإردن يختلف بعض الشيء بحكم تداخل العامل «الاسرائيلي»، من ناحية، وامتداد «داعش» واخواتها بالقرب من حدوده المشتركة مع العراق وسورية.

الحسابات التركية الداخلية محكومة بسقف السيطرة على أوضاع الأكراد والحيلولة دون بروز كيان ولو شبه مستقلّ، على الرغم من استفادتها التعامل تجارياً وعسكرياً مع إقليم كردستان العراق لإدامة الضغط على بغداد. الانتخابات البرلمانية الأخيرة قلبت حسابات الساسة الأتراك التي أسفرت عن دخول نحو 80 ممثل عن الأكراد البرلمان التركي، وما رافقه من خسارة العدالة والتنمية نسبة الأغلبية المريحة السابقة واضطراره الى تشكيل أما حكومة بالتحالف مع أحزاب أخرى أو الذهاب لانتخابات مبكرة، كما يهدّد أردوغان، وهو خيار لا يخلو من المغامرة.

تنفيذ أردوغان لتهديده بالتدخل العسكري المباشر في سورية لا يؤخذ على محمل الجدّ نظراً إلى جملة اعتبارات، أبرزها سياسياً عدم توفر الغطاء الدولي، وميدانياً اضطراره لخوض حرب استنزاف مع القوات الكردية بتشكيلاتها لمختلفة، الخصم اللدود للمؤسسة التركية الحاكمة وتنظيم «داعش» على السواء. الحديث عن «فوز» تركيا ميدانياً، في حال إقدامها على تلك المغامرة، يغيب عن الخطاب السياسي والإعلامي.

خصوم الرئيس أوباما من أنصار الحرب، يتزعّمهم السيناتور جون ماكين، يقفون الى جانب تركيا وتشجيعها على التدخل العسكري. القابض على القرار السياسي في البيت الأبيض لم يبدِ حماساً لقرار يعتبره مغامرة غير مدروسة تنعكس سلباً على الاستراتيجية والمصالح الأميركية في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى