الانتخابات الرئاسية السورية في الخارج: هنا دمشق
عامر نعيم الياس
مائتان وخمسون ألف سوري في لبنان صوتوا في اليوم الأول للانتخابات الرئاسية السورية في الخارج، العملية الانتخابية أجريت في العديد من الدول منها روسيا وبيلاروسيا وبولندا وإيران وفنزويلا وبولونيا والأردن. ثلاثون ألف سوري سجلوا أسماءهم في السفارة السورية بالإمارات العربية المتحدة وتم اتخاذ قرار بمنع إجراء الانتخابات الرئاسية السورية قبل يوم واحد من موعد الانتخاب، الكويت والسعودية والبحرين منعوا الانتخاب أيضاً بالتزامن مع فرنسا وألمانيا وبلجيكا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى.
الانتخابات الرئاسية السورية في الخارج أجريت بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية المصرية في داخل مصر 37 في المئة ممن يحق لهم الانتخاب شاركوا وتم تمديد الاقتراع يوماً وسط مناشدات من المرشحين ووكلائهم والنخب السياسية والفنية لزيادة نخب المشاركة في بلد لا يماثل في وضعه السياسي والأمني الوضع السائد في سورية والاستقطاب الحاد والممارسات العنصرية العدوانية تجاه السوريين سواء الموجودين في مناطق سيطرة الميليشيات المسلحة أو حتى أولئك الموجودين خارج البلاد، ولعل في دعوة قوى الرابع عشر من آذار في لبنان، بعد المشهد غير المتوقع لجموع الناخبين السوريين أمام السفارة السورية في لبنان، دعوتهم لإبعاد كل من شارك في الاقتراع الرئاسي كون «لا تنطبق عليهم شروط النازحين واللاجئين»، ما يعكس الأساليب الملتوية الممنهجة التي تمارس بحق السوريين في الخارج، أساليب وقرارات تتفاوت في مضمونها وشكلها بحسب ظروف كل دولة. لبنان يعجز عن اتخاذ قرار رسمي ضد الانتخابات السورية وضد السفير السوري، أجريت الانتخابات وبقي السفير، ووفقاً لقواعد الانقسام قفزت قوى 14 آذار لتمارس لعبة الترهيب والابتزاز بحق السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية. الأردن، دولة من دول جوار سورية، تقع على عاتقه مسؤولية استنزاف للدولة السورية من البوابة الجنوبية، لكن من دون الاندفاع نهائياً وإشهار الحرب على سورية، إرث رسخه الملك حسين الذي أعطى قيادة العدو الصهيوني «ساعة الصفر» الخاصة بحرب تشرين 1973 في الوقت الذي كان الملك يعرب عن استعداده للانخراط في هذه الحرب إلى جانب سورية حافظ الأسد ومصر أنور السادات، نحن هنا أمام مملكة شرق الأردن القائم استقرارها على الموازنة قدر الإمكان بين تركيبة الداخل ومتطلبات الارتهان السياسي والاقتصادي للخارج أي الإدارة الأميركية ومملكة آل سعود وعند هذه النقطة تحديداً لوحظ اندفاع الصحف الأميركية لمباركة القرار الأردني بطرد السفير السوري في عمان ووصفته واشنطن بوست بأنه «قد يكون إشارة على بدء انهيار العلاقات بين البلدين»، لكن الانتخابات أجريت ولم تمنع. أما الإمارات التي تحتمل ثلاثين ألف ناخب سوري في وسط دبي المركز التجاري العالمي، منعت الانتخابات ورضخت لأمر العمليات الأميركي وموقف غالبية دول مجلس التعاون الخليجي من الانتخابات الرئاسية السورية.
نحن أمام مشهدين، الأول، دولة قاومت جيشاً وشعباً وقيادةً الربيع القادم من الصحراء، لم تناشد أحداً للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، نظّمت وتركت نسب المشاركة تحدد الموقف وترسم الصورة، صورة الدولة الداعية مواطنيها لممارسة حقهم الدستوري في انتخاب رئيس للبلاد، رئيس في مواجهة شعبيته لا يوجد من خيار سوى منع الانتخابات وإسقاط هذا الحق، في سورية الدولة تنتصر على رغم المؤامرة الكونية عليها والشعب في المغترب يقول هنا دمشق. أما المشهد الثاني فهو المشهد المصري ارتباك في الداخل وصورة لدولة أضعفت أركانها، وإحجام شعبي يقف وراء التمديد وتصدر النخب مشهد الترويج لاستعادة صورة الدولة التي حكمها الإخوان عاماً كاملاً.
كاتب سوري