قالت له

قال لها بعد فراق طويل: إن أسوأ ما نعيش في الحب مواسم الهروب من الشعور بالفشل في حب آخر، لأنّ الاشتعال يكون سريعاً والاستعداد للتسامح تجاه النقائص يكون عالياً، ويقع الحبيب على حقيقة نفسه في لحظة غضبنا وأوصافنا المتسرعة له، لا في لحظات تبادل الرضا، ونكشف للحبيب نقائصه وضعفه عندما نغادره ونصرّ على البقاء، وقد وجدنا ضالتنا في آخر، في البداية يعترينا وهم الشفقة عليه، وبينما نريد أن نطمئنه أنه ليس بديلاً بدلاً من أن نتسريح ونريح، ونقول إن ثمة شيئاً في قلبنا يخفق للمرة الأولى وأنه فشل في منحنا طاقة الجنون، نكون نتحسب لخط العودة خوفاً من الفشل، وننسى أن ثمة ما حصل بوهم لأن ثمة حب معه قد فشل، وأن النجاح لا يكون لفشل البديل، إلا بانتظار حب جديد، لكن القلوب تقرأ لغة القلوب فيكون الحبيب قد أحس الفتور وانشغال الشرود في العيون، وراح مثلنا يبحث عن خافق الجنون واشتعل فيه حب جديد، لكنه تكتم على صدمتنا لنعيش حبنا الجديد، فنفشل ونعود وهو بكل الاناقة يحتفل بنا وعيناه ذابلتان وقلبه فاتر، لكنه لا يقول أن ما حدث معنا قد حدث معه ايضاً، لكنه لم يفشل بعد، ونعيش تناقض التأقلم كلانا بين ماض وحاضر ومتسقبل، فهي الحياة لا مكان فيها للانتظار، والمستقبل هو شيء نبنيه من حجارة الحاضر، وحاضر بنيناه بحجارة الماضي، الذاكرة أثمن ما لدينا وأبشع كلمات اللغة النسيان، فالتسامح شيء جميل والنسيان شيء كريه، ومن يقدر على نسيان السيئ لا يتذكر الجيد.

قالت هل نتسامح؟ فأجاب أنت لم تخطئي بل فعلت ما قاله قلبك، وأنا آسف لأنني لم أستحقه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى