هل تسمح واشنطن بتعاون أمني سوري ـ عراقي؟

حميدي العبدالله

منذ أن أعلن عن لقاء ثلاثي يضمّ وزراء داخلية سورية والعراق وإيران لبحث التعاون الأمني، ولا سيما على صعيد مكافحة الإرهاب بين الدول الثلاث، تنبّأ كثيرون بأن لا يسفر الاجتماع عن أيّ نتيجة عملية، لأنّ الولايات المتحدة والدول الحليفة لها تعارض قيام مثل هذا التعاون بين الدول الثلاث، أولاً لأنّ التعاون يكرّس هذه الدول كمحور، وينقل العراق إلى محور المقاومة، وثانياً، لأنّ الدول الغربية وحكومات المنطقة لا تريد فعلاً القضاء على «داعش»، لأنها تعتمد عليها في إعادة نفوذها إلى العراق.

وفعلاً ما أن أعلن عن الاجتماع حتى تعالت الأصوات داخل العراق التي تهاجم هذا اللقاء من قبل الجماعات الأكثر ارتباطاً بدول المنطقة، وعلى رأس هذه الأصوات التي تعالت كتلة أسامة النجيفي الذي كان له دور كبير في تسليم محافظة نينوى لتنظيم «داعش» من دون أيّ مقاومة.

لكن ثمة توقعات أخرى تشير إلى توافر مجموعة من العوامل تخلق توازنات تدفع الولايات المتحدة، للموافقة، أو على الأقلّ غضّ النظر، عن هذا التعاون الجديد، وأبرز هذه العوامل:

أولاً، التوازن الجديد داخل العراق، بعد دخول «داعش» إلى مدينة الرمادي، فقد أدّت سيطرة «داعش» على الأنبار بعد سيطرتها على نينوى، وتحرير محافظات صلاح الدين وديالي على أيدي قوات الحشد الشعبي إلى تراجع نفوذ الجماعات السياسية المرتبطة بالولايات المتحدة ودول الخليج، نظراً إلى فشل هذه الجماعات في الدفاع عن سكان المناطق التي تعتبر نفسها ممثلة لها في وجه تنظيم «داعش». بمعنى آخر أنّ اعتراض هذه الجماعات على التعاون الأمني السوري العراقي الإيراني لا يحظى بدعم شعبي في المحافظات التي يشكل السنة غالبيتها المطلقة، بل إنّ سكان هذه المحافظات يبحثون عن مخلّصهم من تنظيم «داعش» وسيطرته الوحشية.

ثانياً، تعاظم خطر «داعش» والإرهاب وعجز الاستراتيجية الأميركية الحالية عن وقف تمدّده، وانتقال هجماته إلى الدول الخليجية وإلى داخل أوروبا، وبالتالي أصبح احتواء هذا الخطر يمثل أولوية على غيرها لدى الولايات المتحدة، وبالتالي لدى الدول التي تدور في فلكها في المنطقة.

ثالثاً، عدم اعتراض الولايات المتحدة من حيث المبدأ على مثل هذا التعاون وخصوصاً بعد التطورات الأخيرة، ومعروف أنّ الولايات المتحدة عندما شكلت التحالف الدولي ضدّ «داعش» وشنت هجمات ضدّه في سورية حرصت على دفع الحكومة العراقية إلى التنسيق مع الدولة السورية نيابة عن التنسيق المباشر بين واشنطن ودمشق، وقد نقل عن مصادر في الحكومة العراقية تأكيدها «وجود ترحيب أميركي بعقد المؤتمر الثلاثي، من دون وجود أيّ معارضة أو رفض من قبلها، بعدما أجريت اتصالات بين الإدارة الأميركية ومسؤولين عراقيين» فقد تكون هذه قناة خلفية توفر على الولايات المتحدة حرج التنسيق المباشر مع الحكومة السورية لمكافحة «داعش».

رابعاً، اقتراب موعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران ودول الـ 5+1 ، إذ أنّ توقيع هذا الاتفاق من شأنه أن ينقل مسار العلاقات الأميركية الإيرانية والعلاقات بين منظومة المقاومة والممانعة إلى مسار جديد أقلّ تصادماً وعداءً مما كان عليه الحال منذ انتصار الثورة الإيرانية وسقوط نظام الشاه، وهذا من شأنه نقل العلاقات على مستوى إقليمي من المواجهة إلى المنافسة، وهذا قد يؤدّي إلى عدم اعتراض وجود مستوى من التنسيق الأمني لجبه تحدي «داعش» على الأقلّ.

هذه العوامل مجتمعة قد لا تدفع الولايات المتحدة إلى تعطيل النتائج والتوصيات والسياسات التي يمكن الاتفاق عليها بين الدول الثلاث.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى