الإرهاب ورحلة البحث في المستحيل
د. سليم حربا
على رغم بعض أبواق الإرهاب التي ما زالت تنعق وتنهق وتجترّ مصطلحات مسيلمة، وتنقب في أنفاق وجحور المستحيل، لكن الواضح أنّ قنوات الإرهاب وغرف عملياته الإعلامية والعملياتية من غرفة «موك» في الجنوب وغرفة «موم» في الشمال وغرف الماما أميركا داخل وخارج المحيطات، راحت تبتلع ألسنتها، وتلعق خيباتها ونكباتها، وتلطم على وجناتها، وتُخمد فوراتها الإعلامية، وتتحطم عواصف جنونها الجنوبية والشمالية، وتتدحرج رؤوس متزعّميها، ويتنفّس الغارقون في مستنقعاتها الآسنة من تحت الماء الآسن في أنقرة والأردن ورياض الإرهاب ودوحته وكيانه، وتبقى أشرعة الوطن مشرّعة في كلّ حدب وصوب وميدان في شهر رمضان وموسم صيف الزبداني وبلودان الذي نشتاقه أمناً وسهراً و«سيراناً» على موائد الوطن التي يفرشها ويمدّها الجيش العربي السوري والمقاومة في لبنان، مع صفاء ونقاء مياه بقين ونبع الفيجة، ليبقى القلمون وليظلّ بردى نظيفاً رقراقاً سلسبيلاً، وليبقى محور دمشق ـ بيروت ومحور المقاومة مفتوحاً قوياً منيعاً، ولتبقى قامات وهامات الوطن والمواطن والمقاتل راسخة كالطود وشامخة كحرمون في السويداء ودرعا والقنيطرة، لتبقى مواسم الغلال والخير والعطاء في الجولان وحوران أكبر من قدرة تجار البندقية وحاخامات التلمود والبغدادي والجولاني على قضمها، وها هي راياتنا ترفرف على مشارف تدمر وبياراتها وأوابدها معلنة ساعة التطهير ومسح الدمعة التي تجمّدت في مقلة زنوبيا، ولتبلسم جراح الشهيد الذي قضى دفاعاً عن الحق والأرض والتاريخ والحضارة والإنسانية، لتعيد آمال إحياء مهرجانات عروس البادية التي يحييها رجال الميدان على وقع خبطة أقدامهم الهدّارة لترسم المقبل من الخطوات الواثقة والساخنة كالبركان إلى السخنة والرقة لنعيدهما إلى رقيّمها ورقتهما وطهارتهما بعدما دنّستهما وحوش الإرهاب الداعشية، ولتلتقي مع طلائع النصر من الحسكة التي حوّلت الحسكة إلى حسْكة في حلق وقلب الإرهاب وسلطانه العثماني، وتلتقي مع جحافل الرجال الأباة من دير الزور لتعيد الفرات إلى فراته تحت راية حماته، إلى بياض شهباء الشمال الذي يحفظه الرجال من دنس الإرهاب والتتريك والتدعيش والإخونجية والعثمنة الأردوغانية العفنة، إلى بلدات ومدن العاصي حمص وحماة وإدلب إلى مدن الساحل الخيّرة بسهولها والصلبة بجبالها والعصيّة على شذّاذ الآفاق وجاهليّي ووهابيّي هذا العصر.
إنه المشهد الذي يرتسم خطةً بإحكام وتنفيذاً بإقدام وأقدام حماة الديار الذين يمزقون خريطة العدوان والإرهاب ويحطّمون خطوطه وأقلامه ومساطره وبيكاراته الصهيونية الوهابية، ويرسمون ويهندسون خريطة الوطن الواحد بالأبجدية العربية السورية وقواعد الحساب الصحيح من البحر إلى النهر ومن اسكندرون إلى الجولان، وعلى وقع أقدامهم وإنجازاتهم وتضحياتهم وساعاتهم الوطنية راحت تنتظم التوقيتات، وتُطرح المبادرات والتسويات، وتتفكك وتنعقد التحالفات، ويُعاد النظر في الخطابات، وتتغيّر المواقف والمواقع والموازين في كلّ الميادين، وعلى وقع معجزتنا السورية القائمة والمقبلة بدأت تُطرح إمكان تحقيق المعجزات ليعود العالم ويقول إذا قالت سورية فصدّقوها، وليعود من فقد بوصلته وبصيرته وأُعمي على بصره يسمع ويرى علّه يستطيع أن يفكّ عقدة لسانه ليردّد معنا: من قاسيون أطلّ يا وطني فأرى دمشق تعانق العلياء، وسرّ هذا العناق أنّ السوري الوطني العربي الحقيقي هو الضمير المتصل لهذا العالم والبشرية بين الأرض والسماء.