المفاوضات النووية في مراحلها النهائية
توفيق المحمود
بعد ساعات من الشد والجذب والتهديد بمغادرة فيينا، عادت المفاوضات بين إيران والسداسية إلى مسارها الصحيح مع الإعلان عن تمديد المفاوضات حتى اليوم الاثنين، لحل نقطة أو اثنتين ومنحت وفود إيران والقوى الدولية الست نفسها مهلة للتوصل إلى اتفاق، وهو ثالث تمديد خلال أسبوعين من حوار فيينا ولا يزال الطرفان مختلفين على قضايا تشمل حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران وتريد القوى الغربية الإبقاء عليه بالإضافة إلى السماح للمفتشين الدوليين بدخول مواقع عسكرية إيرانية وتقديم طهران إجابات في شأن أنشطة سابقة يشتبه بأنها كانت لها أبعاد عسكرية، وتناغمت تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف حول حدوث تقدم في المفاوضات.
فأعلن كيري حل بعض القضايا العالقة في المفاوضات النووية بقوله أعتقد أننا توصلنا إلى حل بعض المسائل العالقة وأحرزنا تقدماً وما زالت هناك نقطة أو اثنتان بالغتا الصعوبة ولكن تم إحراز تقدم خلال الاجتماعات التي عقدت أمس والأجواء كانت بناءة جداً.
مع إعلان اتفاق أو من دونه تعيش المفاوضات النووية بين إيران والدول الست مراحلها النهائية ومؤشرات الخروج باتفاق نهائي تبدو في أعلى مستوياتها على رغم ما يتسرب عن بعض تأجيل أو عرقلة، فبعد مئات الساعات من التفاوض ربما يحمل الاتفاق الموعود حلاً للعديد من الأزمات في المنطقة وأولها مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، فأعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الاربعاء الماضي في مقال نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» ان التوصل الى اتفاق مع القوى الغربية في شأن برنامج بلاده النووي اصبح قريباً وسيفتح الباب امام العمل المشترك ضد الإرهاب وأن ايران مستعدة للتوصل الى اتفاق عادل ومتوازن، ومستعدة لفتح الآفاق لمعالجة تحديات مشتركة ذات اهمية اكبر بكثير، وأضاف أن من بين التهديدات المشتركة التطرف الوحشي المتزايد الذي يلف قلب الشرق الأوسط ويمتد حتى الى اوروبا.
إذاً إيران تدخل في شكل شرعي نادي الكبار في المنطقة، قوة معترفاً بها من الستة الكبار في العالم، فإنها جرعة انتعاش بالنسبة إلى حلفاء إيران في المنطقة من سورية إلى العراق، وبعض القوى في اليمن ولبنان وغيرهما لكنه الكابوس بالنسبة إلى دول أخرى، فالسعودية لن تقف مكتوفة الأيدي فقد حاولت رشوة الفرنسيين لإبطال هذا الاتفاق لكنها لم تستطيع.
أما «إسرائيل» فهي الجهة التي قاومت المفاوضات بشراسة منذ البداية وحاولت بشتى السبل إلغاء هذا الاتفاق ولم تقتنع بالتطمينات الأميركية بأن أمنها لن يهدد بإتمام الاتفاق.
اعترفت أميركا في نيسان الماضي انها تناقش مع إيران في المفاوضات النووية الأزمات التي تمر بالمنطقة وذلك على لسان وزارة الخارجية الأميركية إنها تتحدث مع إيران في شأن تعزيز الاستقرار الإقليمي، وأشارت إلى أنها كانت منفتحة على مشاركة إيران في الجهود السابقة لتحقيق اتفاق سلام في سورية إذا غيرت طهران سياستها وأنها لا تغلق الباب تماماً أمام الحوار مع إيران ولا تؤدي في الوقت ذاته إلى نفور حلفائها العرب في الخليج مثل السعودية.
إن التفاهم النووي يفرج لإيران عن أرصدتها واقتصادها في مقابل البعد النووي، فهو يسلم بأن التفاوض مع ايران في القضايا الاقليمية هو وحلفاؤه وهي أقوى لأنه بعد التفاهم ايران تكون أقوى وبالتالي من لديه امل بالمواجهة لن يؤجل الملف النووي.
اخيراً هذا التفاهم هو بداية تغيير في وضع المنطقة لمصلحة ايران وحلفائها الذين يخرجون منتصرين بانتزاع تفاهم لحساب ايران وملفها النووي وأموالها وفك العقوبات عنها من دون أي تنازل في شأن سورية والتمسك بالمقاومة ودعم حركات التحرر في المنطقة في اليمن والبحرين وهذا يعني أن المنطقة ذاهبة الى تفاهمات وسيكون الاميركي هو من يقدم تنازلات وحلفاؤه هم من سيكونون على ضفة الخاسرين.