حراك دي ميستورا في الوقت المستقطع؟
نيبال هنيدي
هل أصبح الحل السياسي للازمة السورية في ظل الظروف الراهنة ممكناً على وقع المعارك التي تدور رحاها على الارض وفي السياسة؟
جولة مكوكية هي كالعادة بعيدة من الأضواء والإعلام لمبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا بدأت من القاهرة بزيارة قصيرة لساعات عدة، التقى خلالها وزير الخارجية المصري سامح شكري لبحث سبل حل الأزمة السورية، على ان يعود الى القاهرة مرة أخرى الأسبوع المقبل لعقد لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.
واطلع دي ميستورا خلال زيارته مصر على ما وصلت إليه أطراف المعارضة خلال اجتماعها في الثامن والتاسع من حزيران الماضي، كل هذا حتى موعد كلمته أمام مجلس الأمن في 28 تموز الجاري.
فماذا يحمل هذه المرة دي ميستورا في جعبته لمسار الأزمة السورية بعد ان بدأت مرحلة قطف ثمار عمليات الجيش السوري على جميع الجبهات من درعا الى الحسكة وتدمر ومروراً بالزبداني.
فبعد الهزيمة التي ألحقها الجيش السوريّ بالفصائل المسلحة في درعا والتي أدّت إلى إرباك صفوفها يتقدم الجيش في درعا التي يدافع فيها عن المدينة وعن العاصمة دمشق حيث يستعيد المبادرة لايقاف كل محاولات عزل المنطقة الجنوبية في دمشق، وتتسارع وتيرة العمليات العسكرية في الزبداني، ليسيطر الجيش السوري والمقاومة على حي الزلاح جنوباً والمزارع التابعة له ويتقدمون من جهة حي الزهراء، بعد السيطرة على الجمعيات وحي السلطانة، وقلعة التل، وسلسلة الجبال الغربية والنقاط المهمة والمداخل الرئيسية.
وفي جبهة تدمر وبعد أن أعلن الجيش السوري عن إطلاقه عملية السيطرة على المدينة، يواصل الجيش تقدمه وباتت تفصله عن مدخل المدينة الغربي كيلومترات قليلة وسط انسحابات مسلحي «داعش» نحو عمق المدينة وشرقها .
أما في الحسكة فقد استعاد الجيش السوري بالتعاون مع القوى المساندة له السيطرة على حي الليلية وحي النشوة الشرقية جنوب المدينة. ما سيعبّد له الطريق نحو التقدم باتجاه حيي الفيلات والنشوة الغربية لإجبار المسلحين على التراجع نحو حي الزهور والريف الغربي والجنوبي أي نقل المعارك خارج المدينة.
توازياً مع التقدم الميداني تتجه الأنظار الى أروقة السياسة حيث يظهر دي ميستورا مجدداً، ليتحدث عن حل سياسي، والسؤال هنا هل نضجت ظروف هذا الحل أم أن الغرب سيغير توجهاته تكتيكياً نحو الحرب على الإرهاب، ولكن الإرهاب الذي يحدده هو والمتمثل برأيه بـ»داعش» مغفلاً عينه عن «النصرة» ومن يسميهم «المعارضة المعتدلة».
والواضح هنا أن الدول الغربية وأميركا وحلفاءها الاقليميين تمول «داعش» بيد وتدعي محاربته باليد الأخرى، فيما تنفرد تركيا وحيدة بالمطالبة بتدخل عسكرى في سورية، وتسير السعودية في سيناريو عدوانها على اليمن، وفي الوقت نفسه يتحدث الغرب عن توافق على ان حل الأزمة السورية حيث صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في أيار الماضي، في ختام محادثاته مع نظيره الأميركي جون كيري في «سوتشي» عن تقارب المواقف بين موسكو وواشنطن حول سبل تسوية الأزمة السورية.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل، من برلين عن تأييدهما لـ«حل سياسي» في سورية.
وشدد بوتين على أن «هناك الكثير من الأطراف الضالعة في هذا النزاع مع مصالح متعددة، مؤكداً انه «سنتباحث بالتأكيد مع شركائنا، وأوّلهم في مجلس الأمن الدولي ومع ألمانيا والدول الأخرى الراغبة في تسوية هذا النزاع».
وبانتظار معجزة بوتين والاتفاق النووي الايراني يبقى الأفق مفتوحاً على كل الاحتمالات، وتقودنا التأويلات الى أن الإدارة الأميركية ربما سترحل ملفاتها الى ما بعد الانتخابات الاميركية، ولكن ما يبقى يقيناً هو الخطى الثابتة للجيش السوري، وصمود الشعب السوري وراء هذا الجيش.