جرائم بالجملة… واستباحة لكلّ شيء!

فدى دبوس

شاعت في الآونة الأخيرة أخبار جرائم القتل، فذاك رجل يقتل شاباً في زهرة شبابه، وهذا آخر يقتل طفلاً ويغتصبه ويحاول دفنه بالتراب لإخفاء معالم الجريمة، ومجرم آخر يختطف طفلاً والاختطاف لا يبعد كثيراً عن فعل الجريمة. ومنذ أيام قليلة انتشر على «فايسبوك» خبر مقتل أحد المواطنين برصاصة شجار، إلى العديد من الجرائم التي نسمعها ونقرأ عنها يومياً.

اللافت أن هذه الجرائم أول ما تنتشر أخبارها على مواقع التواصل يبدأ الناس بالتحليلات والتفسيرات، وفي النهاية يبرز سؤال واحد وأساسي ألا وهو «الحق على مين»؟!

يظهر معنا من خلال هذا التساؤل العديد والعديد من التفسيرات والتحليلات، فعلى من تقع المسؤولية؟ بعضهم يعتبر أن «الحقّ» أولاً وأخيراً على «الدولة»، والبعض الآخر يعتبر أن «الحق» على الوضع الاقتصادي الذي وضع الناس في أسوأ أحوالهم وجعلهم يتصرّفون بطيش، ومنهم اعتبروا أن غياب الأمن والاستقرار عن الوطن جعل من الجريمة أمراً عادياً وسهلاً، فبرصاصة واحدة ينهي أيّ شخص «وجع رأسه» ليقتل ويبطش في الناس كما يشاء وبالطريقة التي يراها.

لكن بمعزل عن رأي الناشطين، السؤال الحقيقي هل يمكننا بالفعل أن نرمي المسؤولية على الوضع الاقتصادي في تحفيز الجريمة عند المواطن وخلق كائن لا يكترث بمعنى الوجود ولا يعرف قيمة الإنسانية؟

بالأمس انتشر على «فايسبوك» فيديو تظهر فيه محاولة شخص الانتحار من على جسر الكولا ومحاولة فاشلة بإحراق نفسه، البعض قال إن هذا الشخص، لشدة الفقر والحالة الاقتصادية المتعبة، لجأ إلى قتل نفسه علّه ينهي حياته المأسوية، والبعض الآخر أكّد أن الوضع يمكن له أن يوصل أيّ شخص إلى أسوأ من حالة الانتحار. ومن الطبيعي أن يكون الفقر عاملاً أساسيّاً في تحفيز الجريمة عند الشخص.

وقد أثبتت العديد من الدراسات التي قام بها علماء النفس والاجتماع أن الفقر والعوز يمكن لهما أن يكونا السبب الأساسي وراء الجرائم والفساد في أي محيط ما، وعلى رغم أن بعض الجرائم التي تحصل لا يكون الدافع الرئيسي والأساسي لها المال، لكن على ما يبدو أن الناشطين محقّون في أمر أساسي ألا وهو اليأس الذي يعيشه كلّ مواطن منّا يدفع إلى فعل الجرائم وارتكابها.

وهنا لا بدّ من التطرّق إلى موضوع أساسيّ، إذ لا يعني ذلك أن على الجميع أن يتسلّحوا بهذه الحجة لتبرير الجرائم أو الأفعال الشاذّة وغير المقبولة اجتماعياً، ولا يجب أن تكون هناك مبررات للجرائم مهما اختلفت في ما بينها لناحية المستويات، لكن المشكلة تكمن في التسويق الدعائي والإعلاني لهذه الجرائم، وذلك باستخدام واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي، والهدف عند البعض يكون لتبرير الجريمة وإعطائها سبباً جوهرياً للتأثير في مزيد من العقول وبثّ الخراب في محيطنا. وعلى رغم اعتماد بعض الناس على مواقع التواصل للتوعية لكنّ هذه التوعية تصبح فاشلة في بعض الأحيان لكثرة الانتقدات التهكمية التي تدعم الجريمة بدلاً من أن تواجهها.

في النهاية لا يمكن أن نعتبر أن السبب الأول والأخير وراء هذه الجرائم هو الوضع الاقتصادي أو الفلتان الأمني كما يقول البعض، بل السبب الرئيسي في اختلاف معنى الجريمة بالنسبة لبعض الأشخاص، أي لم يعد مصطلح الجريمة ثابتاً وواضحاً كما كان سابقاً، لأنّ «كلّ شيء بات مباحاً»!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى