الثالثة ثابتة وتوقيع النووي غداً… كما يقول وزراء الـ7 الكبار نصف الزبداني بيد الجيش والمقاومة وتدمر تشهد تقدماً مشابهاً
كتب المحرر السياسي
لم يتبقّ ما يحتاج إلى التفاوض بين الخمسة زائداً واحداً وإيران، فكلّ شيء قد حُسم، وآخر القضايا العالقة كانت مصير حظر تجارة السلاح وتقلّصت إلى الصواريخ الباليستية، ثم حسمت بالرفع بعد صدور تقرير وكالة الطاقة الذرية عن التحقق من عدم وجود أيّ برنامج نووي له شق عسكري لدى إيران، بعدما كانت كلّ القضايا السابقة قد وجدت طريقها إلى الحلّ. ووصل وزراء الخارجية إلى وضع اللمسات الأخيرة تمهيداً لحفل توقيع يتوقع أن ينتظر إلى يوم غد الثلاثاء لترتيبات لوجستية تتصل بإرسال نسخ من الاتفاق وملاحقه إلى الدوائر القانونية في وزارات الخارجية ورئاسات الجمهورية، لنيل الموافقة التي توصف بالشكلية لأنّ كلّ شيء قد جرى تدقيقه وتمحيصه بما يكفي.
في هذا المناخ تتسارع مساعي وضع اتفاقات الأطر للأزمات المفتوحة، فيستعدّ المبعوث الأممي في سورية ستيفان دي ميستورا لتقديم مبادرته نهاية الشهر الجاري إلى مجلس الأمن الدولي. والأرجح وفقاً لمصادر متابعة أن تكون المبادرة حصيلة تنسيق مشترك مع القيادة السورية من جهة وكلّ من موسكو وواشنطن من جهة أخرى، وفيها الكثير من مشروع متفق عليه بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد. ويبدو وفقاً لمصادر روسية أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما صار مطلعاً على أبرز عناوينها خصوصاً في ضوء المعطيات السعودية المتوافرة لدى الرئيس بوتين.
في الميدان السوري الوقائع العسكرية تقول إنّ معطيات تقديم مبادرات سياسية ستصير ممكنة، فقد نجح الجيش السوري مع مقاتلي المقاومة بتحقيق إنجازات هامة على جبهة مدينة الزبداني جعلت نصف المدينة تحت السيطرة الفعلية والنصف الآخر تحت السيطرة بالنار من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. كما تتقدّم وحدات الجيش السوري على جبهة تدمر وتحقق الانتصارات على مسلحي تنظيم «داعش».
لبنان الذي يتتبع ما يجري حوله يبدو على رغم اللغة العالية النبرة ضمن منظومة من القيود لا تسمح بالتصعيد، فتصير النبرة العالية كتلك التي سمعها اللبنانيون من الرئيس سعد الحريري، لا تتعدّى حدود ربط النزاع على رغم الصياغة المتشدّدة، لأنها في القرار النهائي حسمت أن لا شارع مقابل شارع، ولا فيتو في الرئاسة، وكلّ الخيارات مفتوحة للتوافق على التعيينات في موعدها، خصوصاً الحوار حول إدارة الشأن الحكومي للشراكة والتوافق والإجماع.
حزب الله يحضّ «المستقبل» و»الوطني الحر» على الحوار
لا يزال حزب الله يلعب لعبة التهدئة على المستوى الحكومي لمنع الانفجار. وعلى رغم أن إمكانية الصلح بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل محدودة، فإن حزب الله يحض الطرفين للعودة إلى الحوار، فهو يعتبر أن الحوار يريح الحزب في المستقبل المنظور، «فلا يوجد طمأنينة لهدوء واستقرار إن لم يستعد التياران الحوار».
وفيما أكّد رئيس الحكومة تمام سلام عدم السماح بالتعطيل والتراجع في مجلس الوزراء، داعياً إلى إبعاد الخلافات عن المجلس. كما دعا سلام، خلال لقائه وفوداً شعبية في دارته في بيروت، إلى الحوار متمنياً نجاحه، كان لافتاً الموقف الذي أطلقه حزب الله على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائب نواف الموسوي، وتأكيده مجدداً وقوفه إلى جانب التيار الوطني واعتبار ما يطلبه التيار مطلباً عادلاً ووجيهاً يشبه ما نطلبه نحن في حركة أمل وحزب الله، أو ما يطلبه النائب وليد جنبلاط وتيار المستقبل، فهو لا يطلب أكثر مما ينبغي أن يكون له. وشدد على انه «لا يريد أن يسجل في تاريخ الرئيس تمام سلام أنه عمل على إقصاء مكوّن من المكونات السياسية اللبنانية، لأنه هو الذي حرص على التوافق منذ ترأسه للحكومة، ولهذا فإن ما ننتظره منه هو أن يواصل سياسته التوافقية، بحيث لا يعقد جلسة وأحد المكونات يشعر بالتهميش والإلغاء».
لغة الحريري تتبدّل
في سياق متصل، بدت لغة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري أمس عبر الشاشة من مقرّ إقامته في جدة، خلال حفل الإفطار المركزي الذي أقامه «تيار المستقبل» في مجمع «بيال» في بيروت، مختلفة تماماً عن اللغة التصعيدية التي انتهجها على مدى خمس سنوات. وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن تغيير الحريري في لهجته يعود إلى إدراكه أنّ الاتفاق النووي انتهى، وأنّ المنطقة مقبلة على عهد جديد»، مشيرة إلى «أنّ كلامه عن الرهان على متغيّرات في سورية لن يصنع رئيساً للجمهورية وانتظار نتائجِ المفاوضات النووية لن يصنع رئيساً»، لا يتعدّى الكلام الذي يحاكي فيه جمهوره».
ولفتت المصادر إلى «أنّ الحريري فتح فرصاً للعودة مجدداً إلى الحوار مع التيار الوطني الحر، بحديثه عن أنّ تيار المستقبل لم يغلق الباب على أيّ مخرج ويحاول أن يكون التوافق الوطني القاعدة التي يتحقق من خلالها الوصول إلى رئيس».
وتوقفت المصادر عند حديث رئيس تيار المستقبل عن سجن رومية، وتأكيده «انه من غير المقبول أن يتحوّل الخطأ إلى حملة على وزير الداخلية نهاد المشنوق وشعبة المعلومات»، مشيرة إلى أنّ الحريري أظهر دعماً غير مسبوق للمشنوق على حساب وزير العدل أشرف ريفي، وأنّ ما قاله الحريري يؤكد ما سرّب أنّ الحريري طلب من ريفي الاعتذار عن الحملة التي شنها والإسلاميون ضدّ المشنوق».
وكان الحريري أبدى أيضاً تأييده لما فعله رئيس الحكومة تمام سلام بحماية الركن الشرعي الأخير من الشلل، وقال: «لسنا في وارد أي مواجهة على أساس طائفي». ولفت إلى «أن هناك رأياً غالباً في الحكومة ورأياً راجحاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّه في ظل الخلاف لا حديث عن قيادة الجيش إلا في أيلول».
عون يوضح كلامه عن الفيدرالية
إلى ذلك واصل رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون استقبال الوفود الشعبية من مختلف المناطق اللبنانية دعماً لما يقوم به دفاعاً عن حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية، ورأى عون أن مجلس النواب الحالي ليس صالحاً لانتخاب رئيس للجمهورية إلا من خلال تسوية وطنية.
وأوضح عون «أن كلامه عن الفيدرالية جاء في سياق حديثه عن اللامركزية الموسعة». وقال: «الفيدرالية هي حل من الحلول ولكنها بحاجة إلى وفاق وطني… لم نطالب بالفيدرالية وعندما نصبح مغلوبين سنطالب بها».
وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أن لا جدول أعمال سيوضع للجلسة المقبلة لمجلس الوزراء بعد عيد الفطر، بل سنذهب لبحث آلية عمل الحكومة التي تم خرقها، وللتأكيد على احترام الدستور وصلاحيات رئيس الجمهورية»، مشيرة إلى «أن العماد عون لن يتنازل عن مطالبه التي هي حقوق للمسيحيين، يجب أن يحصل عليها، كما تحصل المكونات الأخرى في لبنان على حقوقها، فنحن لا نريد إلا تطبيق مبدأ العيش المشترك الوارد في الدستور».
احتمال التدخل الروسي لإسقاط الطائرة
في سياق آخر، يواصل العدو «الإسرائيلي» انتهاكاته البرية والجوية والبحرية للبنان. فسقطت في شكل مفاجئ عند الشاطئ البحري القريب من مرفأ طرابلس طائرة «إسرائيلية» من دون طيار تحمل صاروخاً يصل وزنه إلى 35 كلغ من المواد الشديدة، كانت على ما يبدو تقوم بطلعات استطلاعية فوق المراكز العسكرية التابعة للجيش اللبناني الممتدة من قاعدة حامات العسكرية وصولاً حتى مطار القليعات العسكري. وأكدت مصادر عسكرية «أن الطائرة المعادية مصممة للعمليات التكتيكية طويلة المدى ضمن وحدات الاستطلاع للقيام بعمليات اغتيال. وسبق أن استخدمها العدو خلال عدوانه على لبنان عام 2006»، لكنها لفتت لـ«البناء» إلى «أن سقوطها يعود إما إلى عطل تقني في الطائرة، وإما إلى تشويش إلكتروني بمؤثر خارجي قطع اتصالات الطائرة مع الجهة التي أطلقتها». واستبعدت المصادر العطل التقني، «خصوصاً أن طائرة إسرائيلية من الصف الأول من الطائرات الإسرائيلية وذات التقنيات العالقة في هذا المجال كانت سقطت قبل شهر في البقاع». وشددت المصادر على «أرجحية المؤثر الخارجي، فالميدان الذي سقطت فيه الطائرة قريب من الحدود الشمالية الغربية مع سورية، والطائرة كانت تقصد الذهاب إلى طرطوس، حيث القاعدة الروسية، ما يعني احتمال التدخل الروسي لإسقاطها».