الوطن محور أمسية شعريّة في ثقافي الميدان
دمشق ـ محمد الخضر وشذى حمود
تنوعت مواضيع الأمسية الشعرية التي استضافها ثقافي الميدان بين القصيدة الحديثة الموزونة التي تعتمد التفعيلة، وقصيدة التفعيلة والنثر، إضافة إلى قصائد على نمط الشطرين.
عالجت قصائد الأمسية التي شارك فيها كل من الشعراء غدير اسماعيل ووداد سلطان ومحمود وسوف وتمام اسماعيل عدداً من المواضيع الاجتماعية والإنسانية التي سلطت الضوء على السلبيات والإيجابيات في المجتمع، كما تصدّى بعضها للأزمة التي تعيشها سورية. ورصدت قصائد الشاعر الحائز الجائزة الأولى في مجال القصيدة الوطنية غدير اسماعيل ما يتعرض له الشعب السوري من قتل وتخريب وتدمير على مدى أكثر من ثلاث سنوات في سورية، على ما ورد في قصيدته «قبلة على خد القاتل»: «يا مرحبا يا قاتلي… يا من يخطو على خطاي خطيئتي ويمد أذرعه… ذريعة مقتلي… يا مرحبا».
بأسلوب تركيبي جديد تميّزت قصائد الشاعر اسماعيل، متضمّنة الموسيقى والصور، إلى التوازن الموضوعي الذي منح نصّه شكلاً قصصياً «كأن عفريت الحكاية تسلق نخلة الرؤيا وسافر في تفاصيل المناخ… ولم تؤرقها الرياح… لم يستمع نجواي».
تصدر الغزل قصائد الشاعرة وداد سلطان التي عالجت الهموم الاجتماعية المرتبطة بالعاطفة والاحساس الإنساني، بأسلوب حديث ميّزته الموسيقى لخلق الرابط العاطفي بين النص والمتلقي. كما استطردت في نصوصها لتخرج على التفعيلة الموسيقية، محاولة الالتزام بالبنية الفنية. تقول في نصها «على مفترق الوقت»: «وتركت قلبك في المكان… أحدثت ثقبا وانتظرت لم ينبعث سوى بعض الحرائق… وغلال وجد راحلة تهوى الشفق هل من صباح عابث… يأخذني للصمت المهيب… رحلت مرافئ صبوتي».
الشاعر محمود وسوف حاول في نصوصه الشعرية تقليد الشاعرين نزار قباني ومحمود درويش لناحية رصد العواطف التي تعبر عن مرحلة شبابية وعشق يتعرّض للصدمات والمعوقات الاجتماعية. وظهرت بعض الهفوات اللغوية. يقول في قصيدته «قسا قلبي»: «أشتاق اليك… فأخفي لوعتي… وحبي لك ما يوماً… نعوت تنسيني همي… وكل ماضي فأكون في حلم… غدوت فاذا افقت… حدقت إليك… فهمي كيف في عينيك… بدوت».
أما قصيدة الشاعر تمام اسماعيل تحت عنوان «صوت» فتظهر موهبة قادرة على جمع الخيال برؤى وأحلام وما تختزنه الذاكرة من ألم، بأسلوب شعري يحمل العواطف التي يختبرها كل إنسان ذاق ألم الأزمة. يقول: «مذ أيقن الأعداء أن دماءنا… نصر لنا ودماؤهم سالت سدى»، إلى قوله: «أرهم جنهم كل ما حاربتهم .. قد حان وقت حسابهم وتحدداً».
القصائد التي ألقيت في هذه الأمسية تدلّ على مواهب شعرية واعدة تحمل إلى الموهبة نضجاً اجتماعياً بعيداً عن زيف العولمة الوافدة إلينا من الغرب إذ تحمل هم الوطن وفئاته الاجتماعية بجميع أطيافها وتجسد طموحاتها.