شعراء حمص: عمر الفرّا أحبّ مدينته وقصائده ستبقى صدّاحة
حنان سويد
الشاعر الراحل عمر الفرّا، الذي غاب عنّا جسداً، بقي نبض أشعاره في قلب كل من سمعه وعاش معه وحضر أمسياته وقرأ شعره، فترك أثراً جميلاً في نفوس أقرانه من الشعراء في مدينة حمص التي عرفت منذ القدم بأنها منبت للشعر والأدب.
الشاعر محمد الفهد وصف الراحل الفرّا بأنه واحد من الشعراء الشعبيين الذين لاقوا صدى طيباً من الناس وتكون له مع الزمن جمهور عريض. فصوته وطريقة أدائه والموضوعات التي تناولها، كل ذلك كان له الأثر في انتشاره. وكان حضوره في أي مكان يشكل تميّزاً وتفرّداً خاصاً بالشاعر عمر الفرّا.
ورأى الفهد أن الشعر الشعبي الذي تميز به الفرّا موجود في العالم، وكان يطلق على شعرائه الشعراء الجوّالون في أوروبا، إذ كانوا يقدّمون الموضوعات التي تهمّ الناس. ولهذا الشعر سماته الخاصة التي تميزه عن غيره من حيث قربه من الناس بفضل لغته البسيطة، لأن هناك كلمات بالعامية تعطي خصوصية معينة وأثراً قد لا تؤدّيه مثيلتها في الفصحى.
ورأت مديرة المركز الثقافي في حمص الأديبة خديجة بدور، أنّ عمر الفرّا كان شاعر الحبّ المعبّر عن بيئتنا وعاداتنا ومشاكلنا. وهو شاعر أصيل قدّم نموذجاً نادراً في قصائده للمقاومة والوطن. وتميّز في أنواع الشعر المختلفة من البدوي إلى العامي إلى الفصيح. وكان يؤدي شعره بنغمة صوت مميزة وصلت إلى قلوب الناس جميعاً.
وأضافت بدور: كثيراً ما تردّد الفرّا على المركز الثقافي في المدينة، وكان يبدي رأيه في ما أكتب من أشعار. وكنت أسعد حين يثني على إحدى قصائدي. مشيرة إلى أن كل من صادف الفرّا خلال لقاءاته الشعرية وحتى في الحياة اليومية كان يبدي له الاحترام والودّ، وبات الجميع يرددون قصيدته «حمدة»، إضافة إلى قصائده الوطنية مثل «رجال الله» و«الوطن».
وختمت بدور: إن الفرّا قامة من قامات السنديان الشامخة في سورية، مات جسده لكنه خالد في أشعاره ومواقفه الوطنية الشريفة. فهو لم يبع وطنه أو يتخلى عنه في محنته، بل نبذ الإرهاب والتكفيريين وأعداء الوطن.
بدوره، رأى الشاعر مرعي ديب شاهين أن الفرّا شخصية أدبية كبيرة نبتت وتأصلت في مدينة تدمر ذات الحضارة والتاريخ. موضحاً أن شعر الفرّا كان شفّافاً قريباً إلى القلوب وإلى الفهم المباشر بلغته السهلة البسيطة ذات التعابير القوية التي تدبّ الحماسة في المتلقي. وهذا سرّ نجاح قصائده، لا سيما «حمدة» التي شغفت القلوب.
وأشار شاهين إلى أن الفرّا شاعر ملتزم، وبدا حسّه القومي في أشعاره أثناء حرب تموز في لبنان عام 2006، إذ دخل شعره في قلوب المقاومين للعدو الصهيوني وقلوب أحرار العالم، وثار لكرامة فلسطين فكانت كلماته قوية معبّرة.
أما الشاعر شلاش الضاهر فاعتبر أن الفرّا شاعر امتزجت حروف قصائده بحبّ الوطن والأرض والإنسان واستطاع عبر مسيرته الشعرية أن يبدع أجمل الأساليب للتواصل مع أبناء وطنه وأبناء أمته. وبرحيله انطفأ قنديل الجسد وبقيت شمس الروح صدّاحة في روابي نفوس محبّيه ومحبّي سورية التي أنجبت عظماء مثل عمر الفرّا.
وأضاف الضاهر: كنت واحداً من الشعراء الذين جمعتني به أكثر من أمسية شعرية، ولاحظت أن الفعاليات التي يشارك فيها تصبح أشبه بعرس يزيّنها بحركاته وطريقة أدائه التي كان منفرداً بها.
ولفت الضاهر إلى أن الفرّا كان أيضاً الشاعر المقاوم الذي صوّر أمجاد المقاومة، فكانت كلماته الرصاصة التي لا تموت، ولكن آلمه ما تعرضت له سورية التي عشقها حتى الثمالة وعاش كل الأحداث التي عصفت بوطنه على مدى أربع سنوات، فنطق لسانه أصدق الكلمات والقصائد التي حفظها الصغار قبل الكبار والتي جعلت من حبّ الوطن قدسية خاصة.
ووجد الشاعر حسن سمعون أن حمص برحيل الفرّا أضحت حزينة لفقدها بطلاً من أبطال الشعر الذين امتشقوا سيف الشعر الأصيل الموجّه نحو صدور أعداء سورية والعالم العربي. فصوته المقاوم وكلمته المناضلة كانا سلاحاً قومياً في مختلف البطولات التي حققها المقاومون من سورية إلى لبنان إلى فلسطين.
وأضاف إن شعر الفرّا كان لسان حال الشعب السوري، وحمل على مدى خمسين سنة من العطاء، الهوية البدوية وعبّر عن أصالة البادية من خلال لهجته البدوية التي اشتهر بها وردّدها كل أبناء العالم العربي. فقصيدته «حمدة» كانت جواز سفره بين مختلف البلدان.
أما شاعر الزجل المخضرم أنور فياض فوجّه مرثية باللغة المحكية للشاعر الراحل عمر الفرّا، عبّر من خلالها عن حزنه لرحيله الذي أبكى قلوب محبّيه فقال فيها:
عيون الوطن بكيوا دموع حرّا
وقت ما غصنها الأخضر تعرّا
عمر الفرّا يا شاعر قلب سكر
بقلوب الناس شو زارع مسرّة
يا بو نزار شعرك أنت أغزر
من بحور الحياة المستمرّة
متل الشمس بتطلّ عا منبر
لسانك طليق وكلمتك حرّة.