التفاوض بين الـ7 الكبار يتقدّم والوقت لا يحكم مصير التفاهم من الرمادي إلى الزبداني إنجازات للجيشين السوري والعراقي
كتب المحرر السياسي:
لم يعد النقاش في مشهد التفاوض في فيينا ينتظر مصير التفاهم على الملف النووي الإيراني بعدما صار الإعلان عن العزم على مواصلة التفاوض حتى بلوغ الاتفاق موقفاً مشتركاً بين المتفاوضين، وعلى رغم الإيحاء بأنّ ثمة قضايا لا تزال عالقة، يتقدّم الإجماع على أن إنجازاً يتحقق كلّ يوم ويُضاف إلى ما تراكم من جهود شهور تفاوضية مضنية تخطت نسبة الـ99 في المئة من القضايا التي يُفترض أن يتضمّنها الاتفاق.
مهلة ثالثة لم تمدّد من دون أن تنتهي، فالمعلن هذه المرة أن لا مهلة، وأنّ المفاوضات ستستمرّ حتى التوقيع، والواضح أن نادي السبعة الكبار قيد الولادة، وأنّ ألمانيا التي نجحت بعد الصين بتعديل هيكلية أعضاء النادي الأربعة ستفسح المجال لإيران كعضو جديد وافد إلى مائدة النادي.
السبعة الكبار الذين يمثلون القرار في مجلس الأمن ويمثل إجماعهم قراراً لا يمكن إسقاطه، ويمثل انقسامهم فرص حروب لا تتوقف، سيتحوّلون من جبهتين متقابلتين إلى جبهة واحدة في وجه الإرهاب، وقيادة راعية للتفاهمات الإقليمية والدولية، حفاظاً على الاستقرار، بعدما حملت الحروب ما يكفي من الوقائع لرسم التوازنات التي ستحدّد قواعد اللعبة في العالم الجديد.
في خلفية المشهد تستمرّ المواجهات في سورية والعراق حيث الجيشان السوري والعراقي يحققان المزيد من الإنجازات في الميدان، ففي سورية من الزبداني إلى تدمر ودير الزور، يتقدّم الجيش نحو تحقيق المزيد من الانتصارات، وفي العراق يحقق الجيش مع الحشد الشعبي الخطوات الرئيسية في طريقه لحسم الرمادي واسترداد الأنبار من يد «داعش».
الجيشان السوري والعراقي يظهران كعنوانين متفق عليهما دولياً وإقليمياً للمرحلة المقبلة، لأنّ خطر الإرهاب لم يعد قابلاً للتجاهل وللتعايش، وتبدو المسألة أولاً وأخيراً بما يتخطى الغارات الجوية، إلى البحث عن القوة البرية القادرة على الإنجاز، ومقعد القوة البرية الذي فشلت الرهانات على استيلادها من خارج ثنائي الجيشين السوري والعراقي، يبدو محجوزاً لهما بإجماع اللاعبين الكبار.
في لبنان تبدو العاصفة وهي تهدأ بعد مواجهة ساخنة لليومين الماضيين محورها آلية العمل الحكومي، وتبدو الوساطات ومساعي تقريب وجهات النظر بين الرئيس تمام سلام والعماد ميشال عون تتقدّم، وتوحي بالتفاؤل بالإنجاز، بعدما ظهر في الميدان والسياسة أنّ العماد عون قد ربح الجولة.
عادت لغة الحوار بين الأفرقاء بعد المناخ التوتيري الذي خيم الأسبوع الماضي وطبع تصريحات المكونات السياسية على خلفية جلسة مجلس الوزراء، ونزول العونيين إلى الشارع. ويبدو أن الأفرقاء التزموا العقلانية مع اقتراب عطلة عيد الفطر ودخول البلاد في عطلة العيد، فالجميع يدرك أن سقوط الحكومة يعني انتهاء المؤسسات في لبنان».
ولفتت مصادر مطلعة إلى «أن جو التهدئة عاد بعدما خسر تيار المستقبل المعركة ضد رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون»، مشيرة إلى ضغوط تعرض لها الرئيس تمام سلام ليسلك سلوك الرئيس فؤاد السنيورة في عام 2007 من دون أن يتوقف عند معارضة حزب الله و»الوطني الحر». ولفتت المصادر إلى «أن تيار المستقبل تبلغ من المعنيين «أن الزمن تغير وتبدل، وأن عام 2015 ليس عام 2007 ما اضطره إلى التراجع وسلوك التهدئة مع العماد عون».
وهذا ما دفع رئيس الحكومة إلى مقاربة الملف الحكومي مقاربة مختلفة عن الأسابيع الماضية، حيث أكد سلام أنه سيكون في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء منفتحاً على الحوار حول مقاربة العمل الحكومي على أن يتم ذلك تحت عنوان عدم تعطيل عمل مجلس الوزراء. وشدد سلام على «أنه إذا اضطر إلى اعتماد بعض المقاربات التي تضمن استمرارنا في ملء هذا الشغور استثنائياً فأنا مضطر لاعتمادها، أنا لن أساهم في التعطيل، وعلى استعداد في الجلسة المقبلة لإعطاء مساحة لبحث موضوع مقاربة عمل مجلس الوزراء».
وفي سياق متصل، قرر رئيس حزب القوات سمير جعجع رأب الصدع داخل الحكومة. وأكد النائب أنطوان زهرا لـ«البناء» «أن ما يقوم به الدكتور جعجع، مجرد اتصالات في إطار المساعي الحميدة من القوات، من أجل لملمة الوضع الحكومي لا سيما أن القوات تستطيع أن تتحدث مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من جهة ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون من جهة ثانية بعد إعلان النوايا».
ولفت زهرا إلى أنه لا يجوز أن يبقى الجو صدامي داخل الحكومة، خصوصاً أن لا بديل عن هذه الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي»، وأن لا يصل أي فريق إلى أرغام الآخرين على مطالبه حتى لو كانت محقة بالقوة، إنما بالتفاهم».
كلام الحريري أقوال ولا أفعال
أكدت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن «لا شيء جديداً في خطاب الرئيس سعد الحريري وكنا نتوقع أن يعلن موافقته ويدعو إلى قانون انتخاب جديد على أساس النسبية ما يجعل كل اللبنانيين يشتركون في القرار بحسب التمثيل النيابي، إشراك كل الطوائف في القرار في الدولة».
ووضعت المصادر كلام الحريري الأخير عن رئاسة الجمهورية في إطار الأقوال وليس الأفعال فهو لم يقدم حلاً، على رغم أن التيار الوطني الحر لم يتحدث عن الرئاسة، لأن انتخاب رئيس لا يؤدي إلى إنشاء دولة حقيقية والحل لا يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية بل بانتخاب مجلس نيابي يمثل تمثيلاً حقيقياً كل مكونات لبنان».
وتساءلت: ماذا يفعل رئيس جمهورية؟ انتخب ثلاثة رؤساء جمهورية منذ الطائف حتى اليوم إلا أنهم لم يستطيعوا تغيير شيء بسبب الممارسات بحقهم من الشركاء في الوطن.
وتحدثت عن «اتصالات تحصل مع التيار الوطني الحر ستظهر نتائجها في الأيام القليلة المقبلة وبناء عليها سيتخذ التيار القرار المناسب المفتوح على كافة الاحتمالات»، وأكدت «أن وزير الداخلية نهاد المشنوق هو محور هذه الاتصالات وهو لديه حسن التعاطي مع الغير أكثر من الآخرين». وأوضحت المصادر أن «التيار الحر ليس ضد رئيس الحكومة تمام سلام، لكن هناك من دفعه داخل تيار المستقبل لارتكاب الخطأ وهذا ما فسر تغيره في شكل مفاجئ».
وتحدثت أوساط سياسية لـ«البناء»عن دور المشنوق على الصعيد الداخلي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى المشنوق على أنه البديل عن السنيورة والقيادات السنية الأخرى في تيار المستقبل، وهي طلبت من الرئيس سعد الحريري عبر موفدين دعم المشنوق من دون أي قيود».
«السرايا» جزء من المقاومة
وفي عين التينة عقدت أمس جولة جديدة من الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل وبحثت في الوضع الحكومي والمستجدات التي رافقت الأوضاع السياسية الأخيرة. وعلمت «البناء» أن وفد المستقبل طرح ملف سرايا المقاومة مجدداً، بعدما كان قد طرحه في الجلسات السابقة وسمع الجواب نفسه من وفد حزب الله «أن سرايا المقاومة هي امتداد للمقاومة من جمهور يتمتع بتمايز عقائدي يختلف عن حزب الله».
وشدد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في بيان لمناسبة ذكرى حرب تموز على «ضرورة انجاز الاستحقاقات الدستورية وفي طليعتها ملء الشغور الرئاسي وإطلاق التشريع». ودعا إلى «الاصطفاف خلف الجيش لحماية حدودنا والعمل لإبعاد الأخطار الإرهابيّة».
إنجازات نوعية على جبهة الزبداني
ميدانياً، أحرز الجيش السوري والمقاومة تقدماً هاماً وإنجازات جديدة ونوعية على جبهة الزبداني ما يضع النسبة الأكبر من المدينة تحت السيطرة المباشرة والنارية للمقاومة والجيش السوري. واستهدف حزب الله بصواريخ البركان معاقل المسلحين في مدينة الزبداني وسمعت أصوات الانفجارات في شكل واضح في قرى البقاع. ونجح حزب الله والجيش السوري، أمس بعزل الزبداني تماماً وبقضم أحيائها تمهيداً لتحرير المدينة من الجماعات الإرهابية، كما قطع الجيش السوري المدخل الرئيسي للمدينة في شكل كامل والذي يربط مضايا بمدينة الزبداني كما تقدما إلى دوار الكهرباء قرب مسجد الهدى وشارع الحقل الأصفر، وصدّا هجوماً عنيفاً للجماعات المسلحة على دوار الكهرباء في حي السلطاني جنوب شرقي المدينة وذلك بعد حالة من الإرباك لدى الجماعات المسلحة إثر تحرير الحي. وقد فشل الهجوم وتكبد المسلحون خسائر في الأرواح والعتاد، وسط حالة من الصدمة لدى مجموعات مسلحة عدة بسبب عدم معرفتهم بتحرير الحي من قبل الجيش السوري والمقاومة نتيجة سوء التنسيق بين قيادات الفصائل المشاركة في المعركة.
وأفادت مصادر مطلعة على سير العمليات العسكرية أنه «تم أمس تطهير حي الشلاح الذي يعتبر منطقة استراتيجية تطل على تلة الكوكو وهي منطقة سكنية، ونجح الجيش السوري والمقاومة بالسيطرة على نسبة 70 في المئة من الزبداني فيما أصبح المسلحون خارج المدينة وفروا باتجاه الأودية والجرود».
وتحدث المصادر عن صعوبة في اختراق مواقع المسلحين لوجودها داخل المجمعات السكينة في الزبداني وذلك لحرص المقاومين وعناصر الجيش السوري على تجنب المدنيين لأن المسلحين يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية ومنعوهم من مغادرة المكان خارج منطقة العمليات إلا أن المقاومين دخلوا إلى حي الشلاح وهو منطقة سكنية بأقل الخسائر».