إبراهيم شريف… لؤلؤة عروبية من البحرين
معن بشّور
لم يكن إبراهيم شريف السيد أول معتقلي الرأي في البحرين والوطن العربي ولن يكون بالتأكيد آخرهم.
ولم يكن أبو شريف، المهندس والمناضل، أول من يتكرر اعتقاله على رغم مرور أسبوعين فقط من الإفراج عنه، وعلى رغم انه أمضى أربع سنوات وثلاثة أشهر سجيناً من دون توقف، وبالتأكيد لن يكون آخر من يتجدد حبسه من أحرار الأمة ومناضليها، فقصة الشيخ المجاهد خضر عدنان، والمئات غيره الذين يتجدد اعتقالهم أكثر من مرة، ماثلة في الأذهان.
ولكن لاعتقال الأمين العام السابق لجمعية العمل الوطني الديمقراطي وعد ، وأحد مناضلي الجبهة الشعبية في البحرين لسنوات قبل ذلك، وأحد قادة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الولايات المتحدة الأميركية قبل إبعاده عنها في أواخر السبعينات، والعضو البارز في المؤتمر القومي العربي، معنى خاص لأنه شهادة على أن الانتفاضة الإصلاحية في البحرين هي انتفاضة عابرة للطوائف والمذاهب والتيارات الفكرية والسياسية، بل هي بأمثال إبراهيم شريف ورفاقه في وعد وفي طليعتهم مؤسس الجمعية المناضل الكبير الراحل عبد الرحمن النعيمي رحمه الله انتفاضة متصلة بكل الانتفاضات الإصلاحية التي سبقتها على مدى عقود، فأبو شريف وإخوانه هم ممن تفتح وعيهم مع الحركة القومية العربية التقدمية، وممن تمسكوا بعروبة البحرين يوم الاستفتاء الشهير.
أما على الصعيد المحلي، فمعارضة إبراهيم شريف السيد لم تولد من ضغينة شخصية أو حزبية أو فئوية ولا طمعا ً بموقع أو منصب أو مال وهو المهندس الناجح والمميز في أكثر من مجال، بل جاءت وليدة إحساس عالٍ بالمسؤولية الوطنية تجاه حقوق المواطنين في بلده، وتجاه موارد البلاد كلها.
فأشهر وقفاته كانت ضد الفساد، وكل خطبه وإطلالاته موثقة بالمعلومة الدقيقة إلى الحد الذي أدى إلى إقالة وزير إعلام من منصبه على خلفية مقابلة أجراها أبو شريف على شاشة التلفزيون الرسمي وكشف فيها المستور والسري في الموازنة العامة للبلاد، وإلى الحد الذي أدى إلى طرد عدد من المواطنين الأجانب في شركة طيران الخليج بعد أن كشف المناضل شريف حجم الفساد في تلك الشركة الرائدة ضمن اقتصاد الخليج.
عربياً لم يغب شريف وإخوانه يوماً عن فعالية سياسية عربية كما لم يتلكأوا يوماً عن الانتصار لكل القضايا العادلة في الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين، بل إنهم وكتجسيد لإيمانهم بالعروبة استضافوا المؤتمر القومي العربي في دورة 2002 في المنامة، ونظموا مقابلات لأمانة المؤتمر وكان على رأسها أحد رفاق جمال عبد الناصر المناضل الراحل ضياء الدين داوود رحمه الله مع ملك البحرين وكبار المسؤولين للتأكيد على روحهم الايجابية ولإبراز صلة البحرين الوثيقة بالعروبة، انتماء وخياراً وهوية وثقافة.
ومما لا شك فيه أن من اتخذ قرار إعادة إبراهيم شريف السيد إلى السجن لم يعرف أن هذا القرار سيسهم من جديد في إسقاط كل محاولات شيطنة الانتفاضة السلمية الصادقة في البحرين عبر تصويرها على غير حقيقتها الوطنية الجامعة والإصلاحية المتصلة تاريخياً بتراث عريق من الحركات الإصلاحية في تلك الجزيرة.
ومن هنا فالتضامن مع إبراهيم شريف السيد لؤلؤة البحرين العروبية اليسارية الوحدوية، والذي بدأ اعتقاله بعد انتفاضة دوار اللؤلوة 17/3/2011، هو تضامن مع الشيخ المجاهد علي سلمان والمناضلين الحقوقيين نبيل رجب وعبد الهادي الخواجة وكل سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين في البحرين وعلى امتداد الوطن العربي الكبير، بل تذكير لكل أصحاب القرار أن اعتقال المناضلين واغتيال القادة أو إعدامهم لم يضعف يوماً أفكارهم أو أحزابهم أو تأثيرهم بل كان يزيدها توهجاً ويزيدهم تألقاً.
لقد كنا نستعد لاستقبال أبي شريف في بيروت بما يليق بمناضل كبير مثله، ولكن اعتقاله عشية سفره حال دون لقاء التحية له، لكنه لن يحول دون التضامن الحار معه، وفي اللقاء ذاته، ومع قضيته الإصلاحية والوطنية.
الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي