القدس تناديكم

عمر زين

احتلت «إسرائيل» القدس عام 1948 وبدأت حملة تهويدها الأرض والإنسان في أعقاب عدوان حزيران 1967، وأعلنت السلطات الصهيونية المحتلة في 30 تموز 1980 ان القدس عاصمة أبدية موحدة للكيان الصهيوني مخالفة بذلك احكام وقواعد القانون الدولي الانساني الذي ينظم العلاقة بين المحتل والسكان الاصليين للاقليم المحتل وبخاصة المادة 56 من اتفاقية لاهاي 1907 والمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين.

لقد صدرت قرارات عدة عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة كان اولها القرار الرقم 2253 في 4 تموز 1967 الذي اعتبر الكيان «الاسرائيلي» قوة احتلال وعليها الخروج من القدس، وصدر عن مجلس الأمن القرار الرقم 242 الذي يقضي بالانسحاب من الاراضي المحتلة في عام 1967 بما فيها مدينة القدس، وقد دعا بعده القرار الرقم 252 الصادر في 21 أيار 1968 «إسرائيل» الى إلغاء جميع إجراءاتها الهادفة الى تغيير وضع القدس.

وتوالت قرارات مجلس الأمن التي تدين الاستيطان وتدعو «إسرائيل» الى تفكيك المستوطنات والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الاراضي العربية المحتلة بما فيها القدس كالقرار الرقم 465 الصادر في 1 آذار 1980 والقرار الرقم 476 الصادر في 30 حزيران 1980 الذي أعلن بطلان الإجراءات التي اتخذتها «إسرائيل» لتغيير طابع القدس.

إلا أنّ «إسرائيل» تضرب بعرض الحائط كل ما تقدم وعليه ما هي مسؤوليتنا تجاه كلّ ذلك.

الجواب على هذا السؤال، انّ المسؤولية كبيرة وكبيرة جداً ولا يمكننا كأفراد ان نحدّد واجباتنا تجاه قضية القدس برمّتها الا اننا نرى الإحاطة بالأمور التالية:

اولاً: لدعم وصول المرابطون من المقدسيين والاراضي المحتلة عام 1948 وعام 1967 الى المسجد الاقصى وتعزيز مقومات رباطهم في القدس يقتضي العمل:

1 ـ بالدعوة الدائمة بكل الوسائل مدنياً ودينياً للصلاة والحج الى الاماكن المقدسة من داخل الاراضي المحتلة.

2 ـ وبتعزيز الاتصال الاعلامي بين الاماكن المقدسة والعالمين العربي والدولي.

3 ـ الدعم المالي بكل الوسائل المتاحة.

ثانياً: نرى من الضروري تخصيص هيئات شعبية في كل بلد من الحركات والاحزاب والقيادات والمؤتمرات والاتحادات للتفرغ في الدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية، ومتابعة اوضاعها والقيام بفعاليات شعبية إزاء اي اعتداء على المقدسات سواء اذا حصل او هو قيد الارتكاب وهذا كله يتطلب:

ـ تكوين لجنة فلسطين بعامة والقدس بخاصة في كل منظمات المجتمع المدني العربي والاسلامي.

ـ شبكة اتصال بين منظمات المجتمع المدني العربية والاسلامية والمنظمات العالمية المماثلة للعمل على الوقوف الى جانب قضايانا وفي المقدمة منها قضية فلسطين ومنها القدس.

ـ لجنة تنسيق بالخصوص للاتصال بالجهات المشار اليها أعلاه.

ثالثاً: انّ الجهود المطلوبة لصد الخطر الحقيقي المحدق بالمسجد الأقصى وهو خطر التقسيم والتهديم يمكن ان تكون عناوينها ما يلي:

ـ وضع استراتيجية اعلامية لتعبئة الامة العربية الاسلامية اولاً والعالم ثانياً للقيام بواجباتهم تجاه هذا الصراع.

ـ منع ظهور الشخصيات الصهيونية على شاشات التلفزيون العربية والاسلامية وعبر الاذاعات، ومنع المطبعين مع العدو ايضاً.

ـ تعزيز تواجد العاملين داخل الاماكن المقدسة.

– رعاية الأسر المقيمة حول المسجد الاقصى وكنيسة القيامة.

ـ الموائمة بين الاسر الفلسطينية في القدس والعالم العربي والعالم الغربي.

رابعاً: ان دوراً للعلماء المسلمين والمسيحيين في تحريض شعوب العالم للدفاع عن مقدساتهم يمكن ان ينشأ من:

ـ تعزيز التفاهم الاسلامي والمسيحي حول القدس، دور الازهر الشريف، النجف وقم، الكرسي البابوي في روما، الهيئات الدينية الداخلية. لا بد من ان تأخذ المبادرة إحدى هذه المرجعيات .

ـ الضغط لإصدار فتوى بأن تحرير فلسطين بعامة والقدس بخاصة واجب شرعي.

خامساً: ان دوراً رسمياً واضحاً مطلوباً برفض تقسيم المسجد الاقصى او التعرض له او لأي جزء من اجزائه، مع تأكيد الحق الاسلامي الخالص في المسجد بكامل مساحته وهذا يتطلب:

ـ تحديد وتوضيح ومتابعة لدور الوصاية الاردنية ولجنة القدس برئاسة المغرب، وتحديد الاجراءات لتفعيل ذلك.

ـ الموقف من المعاهدات والاتفاقات بشأن القدس.

ـ الضغط على جامعة الدول العربية لتقوم بواجباتها تجاه القضية الفلسطينية وشعب فلسطين ومدينة القدس في شكل خاص وللاهتمام في موضوع معاملة الفلسطينيين في الدول العربية من جهة تأمين الاقامة والسفر والعمل والتنقل وسوى ذلك.

سادساً: ان مظلة عربية واسلامية وعالمية لدعم وتعزيز دائرة الاوقاف الاسلامية في القدس في مواجهة التهديد بنزع الحصرية الاسلامية عن المسجد أمر ملح ويتطلب:

ـ وضع استراتيجية لحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية والمعالم الحضارية والاثرية لمواجهة المخططات الصهيونية.

ـ الضغط على منظمة اليونسكو للقيام بواجبها وتطبيق لوائحها في المناطق المحتلة وبخاصة الحفاظ على التراث والمقدسات عبر ترميمها.

وأخيراً، ما هو العمل القانوني والسياسي للوقوف بوجه ما يحصل خاصة لجهة:

ـ دفع المقدسيين أعلى نسبة ضرائب في العالم.

ـ ومنع المقدسيين من الاستحصال على رخصة بناء.

ـ وسحب هوية المقدسيين اذا اغترب المقدسي عن بلده لمدة تزيد على اسبوعين.

ـ وغيرها من الاجراءات التعسفية المخالفة لأبسط حقوق الانسان.

ومن أجل ذلك لا بد من:

ـ إقامة دعاوى في الداخل.

ـ إقامة دعاوى في الخارج.

ـ مراجعة كل الجهات الدولية والاقليمية لتأكيد عنصرية «اسرائيل» واصدار القرارات التي تدين عنصريتها ومعاقبتها عن ذلك وفق الفصل السابع.

ان استمرار بناء المستوطنات بصورة عامة وفي القدس بصورة خاصة يتطلب موقفاً واضحاً وحاسماً بخاصة على ضوء ما قاله احد نواب حزب الليكود «لن نتوقف عن البناء الاستيطاني هناك ولو كلفنا الامر بعض الانتقادات الدولية»، وكذلك على ضوء تشكيل الحكومات الائتلافية الصهيونية على قاعدة تعزيز الاستيطان.

ولا بدّ من جهد عربي منظم للجواب على:

ـ كيفية العمل لتحويل الانتقادات الدولية ضد سلطة الاحتلال الصهيوني الى قرارات ملزمة؟

ـ كيفية العمل لتحويل القرارات الصادرة عن الاتحاد الاوروبي المتعلقة ببضائع المستوطنات ومنعها من الدخول الى البلاد الى قرارات نافذة؟

وفي الختام،

القدس تنادينا وعلينا واجب مقدس لنجدتها والانتهاء من المرحلة التي تمر بها الأمة وهي في سباتٍ العميق.

عضو المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى