الأكراد في الشرق الأوسط الناشئ

ترجمة وإعداد: ليلى زيدان عبد الخالق

تشير تقارير صحافية عدّة إلى أنّ الغرب بدأ يلوّح فعلياً بتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات طائفية، تحلّ مكان الدول الحالية التي أفرزتها اتفاقية «سايكس ـ بيكو» عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى. ما يعني أنّ الحديث عن تقسيم المقسّم وتشظية المجزّأ، أضحى واقعاً بدأ الغرب يروّج له وبقوّة. فالحديث في الصحف الغربية هذه الأيام، يتمحور حول الدول الجديدة، من دولة سنية إلى أخرى شيعية، إلى درزية، و… كردية.

ولم يتوانَ هذا الغرب عن مدح الأكراد، كمحاولة منه لكسب ودّهم، خصوصاً أنهم لم ينغمسوا في القتال لإسقاط النظام في سورية، لا بل دافعوا مستبسلين عن أماكن وجودهم، لا سيما في مدينة عين العرب. أما السؤال الذي يطرح نفسه هنا، إلام سيؤدّي هذا المديح الأميركي ـ الغربي للأكراد؟ هل سنشهد «كردستان سوريّة» في المديين القريب والمتوسّط؟

بين أيدينا اليوم دراسة أعدّها كل من ستيفن كوك، حسيب صبّاغ، ميغان أوسوليفان ، لمركز «CFR للدراسات حول الشرق الأوسط». وفيها يتحدّث الكتّاب عن الأكراد وتاريخهم، وعن «استقلالهم الذاتي»، وقتالهم تنظيم «داعش» الإرهابي، في محاولةٍ للتوصّل إلى استبيان دور الأكراد ومصيرهم في هذا الشرق الأوسط.

إنّ الاضطرابات السياسية والتغيّرات المحلية، جعلت من الأكراد لاعبين أساسيين على جبهات عدّة في المنطقة، لا سيما في العراق وسورية وتركيا. فالصراع الطائفي بين الشيعة والسنّة في العراق يهدّد وحدة البلاد، ويزيد من حدّة هذا الصراع، تمدّد تنظيم «داعش» هناك، وتحديداً في الموصل ثاني أكبر المدن العراقية. وقد سلمت المناطق الكردية ـ إلى حدّ كبير ـ من ذلك القتال الطائفي، خصوصاً بعد نجاح قوات البشمركة في إيقاف قوات التنظيم من التقدم والتغلغل في مناطق حكمها الذاتي. وقد انتشرت قوات البشمركة أيضاً في المناطق الجنوبية وملأت الفراغ الذي أحدثه تقهقر الجيش العراقي في اليسار سيطروا على كركوك ـ المنطقة الغنية بالنفط ـ والتي وُضعت لفترة طويلة تحت سيطرة الجيش العراقي. وقد بلغ التوتر بين أربيل وبغداد ذروته عام 2014 بسبب الخلاف على تقاسم عائدات النفط بين الحكومتين الإقليمية والاتحادية. وغذّت مثل هذه الخلافات التكهنات بقرب انفصال الأكراد عن العراق.

حصدت الحرب في سورية والدائرة بين نظام الأسد ومؤيديه والجماعات المعارِضة والإرهابية أعداداً كبيرة من المدنيين تزيد على 200000 قتيل. يسيطر «داعش» الذي يقاتل ضدّ القوات الحكومية والمناهضة للحكومة على أراضٍ كثيرة في الشمال والشرق السوريين. لم يدخل الأكراد كطرف في هذا القتال، لكن أيضاً، وبهدف ملء الفراغ الذي أحدثه تراجع القوات الحكومية السورية وانسحابها من المنطقة، استطاعوا تفعيل حكمهم الذاتي في مناطق ثلاث من هذه الأراضي. إضافة إلى أن دعم التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لحزب العمال الكردستاني «PYD» زاد من التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا، عضو تحالف الناتو، وتحديداً خلال معركة كوباني ـ عين العرب عام 2014، فضلاً عن أن فعالية قتال حزب العمال الكردستاني في عملياته ضدّ «داعش»، دفع ـ وبحسب الخبراء ـ إلى إزالته عن قائمة المنظمات الإرهابية الدولية الذي كانت قد صنّقته الولايات المتحدة من ضمنها.

وفي الوقت عينه، تتفاوض تركيا مع حزب العمال الكردستاني ومع زعيمه المسجون عبد الله أوجلان، في محاولة منها لإنهاء تاريخ من التمرّد راح ضحيته أربعون ألف شخص منذ العام 1984. فمحادثات السلام التي هي جزء من جدول أعمال حزب العدالة والتنمية «AKP» وحزب التنمية والديمقراطية، تتابع هي الأخرى كافة التدابير التي تهدف إلى دمج الأكراد في المجتمع التركي، بما في ذلك إزالة الحظر عن البثّ الإذاعي والتدريس باللغة الكردية. ويرى الخبراء أنه قد ينتج عن هذه المحادثات وقف حقيقي لإطلاق النار، فضلاً عن الكثير من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية التي قد تلي ذلك على الأكراد والأتراك في البلاد كافة، على رغم التوترات التي لا تزال قائمة بين الأكراد من جهة، والحكومة التركية من جهة أخرى.

يحظى أكراد إيران اهتماماً دولياً أقلّ من ذلك الذي يحظى به أخوتهم في سورية والعراق وتركيا. ويعزو الخبراء الأسباب إلى القمع والقيود المفروضة على التغطية الإعلامية والدولية والسياسية لهذا الجانب من الانقسام الداخلي، والذي يفرضه النظام الإيراني. وفي عام 2011، قامت الحكومة الإيرانية بحملة عسكرية واسعة النطاق ضدّ جماعة الحزب الكردي المدعوّ حزب الحياة الحرة في كردستان «PJAK»، والتي أسفر عنها سقوط مئات القتلى بينهم مدنيون، ولم تتورّع إيران حينذاك عن إعدام ناشطين أكراد.

الاستقلال الكردي العراقي

سيؤدي الانفصال الكردي عن العراق وتشكيل دولة مستقلة إلى نزاع مع بغداد وتفاقم الصراع الطائفي بين السنّة والشيعة العرب هناك.

وبما أن العراق تجاور كلاً من إيران وتركيا وسورية، فإن حدثاً كهذا، قد يشجع على الانتفاضات الكردية في تلك البلدان التي تؤوي بالتأكيد الجماعات الكردية المسلحة. وكانت تركيا في ظل حكم أردوغان، قد نجحت في إقامة علاقات اقتصادية واسعة مع حكومة إقليم كردستان، بما في ذلك تجارة النفط المزدهر. غير أن هذه الحكومة عينها، ومنذ عام 2007 تقوم بالتهديد بإرسال قواتها إلى داخل أراضي الإقليم الكردستاني، حيث ينشط عمل حزب العمال الكردستاني. ويرى بعض المحللين، أن تركيا قد تسعى إلى دعم استقلال الأكراد العراقيين، من غير أن تعمل جدّياً على إيجاد حلول لمشكلاتهم الخاصة في الداخل التركي.

كذلك، يرى بعض الخبراء في السياسة الخارجية، أنه من غير المرجح أن تقوم الولايات المتحدة بدعم دولي لمصلحة الانفصال الكردي من العراق بسبب الالتزام بعراق فيدرالي موحد، ذي علاقات وثيقة مع تركيا عضو حلف شمال الأطلسي والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.

قد تتردّد بعض الدول أيضاً في دعم استقلال الأكراد التي ترى أنهم يشكلون أقليات داخل حدودها، غير أن الدعم الدولي لهذه القضية سوف يكون له تأثيره الحاسم، نظراً إلى ما يشكله وجود كردستان مستقلة من ممرّ تجاري للبضائع والأفراد على غاية كبيرة من الأهمية.

وكذلك، فإن قيادة الإقليم والموارد، تبدو على درجة بالغة من الأهمية بالنسبة إلى القوات الكردية المستقلة. فالأراضي التي يزعم الأكراد أنهم يسعون إليها لتشكيل دولتهم المستقلة لا تزال غير واضحة المعالم. فهم تارةً يزعمون أنها تلك الأراضي المتنازع عليها خارج حدود المحافظات الثلاث، التي تشكل حكومة إقليم كردستان والتي يعيش فيها العرب والتركمان وغيرهم لسنوات طويلة. وقد تعقدت هذه المطالبات في ما بعد، خصوصاً عام 2014 عندما نجح الأكراد في السيطرة على الأراضي المتنازع عليها في كركوك والغنية جداً بالنفط.

قتال «داعش»

لا يزال الأكراد في كل من العراق وسورية متورطون في القتال ضدّ تنظيم «داعش». فمنذ صيف عام 2014، يقوم الأكراد في شمال العراق بدرويات على الحدود المتاخمة لحكومتهم والتي تبلغ 640 كيلومتراً من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش». وقد قُتل وجُرح المئات من قوات البشمركة في هذا القتال، ويزعم تنظيم «داعش» أنه يملك أشرطة فيديو مصوّرة في عدد من المناسبات تُظهر قطع رؤوس قياديين من مقاتلي البشمركة.

وقد درّبت الولايات المتحدة أكراد العراق المدعومين في قتالهم داخل الأراضي من قواتها الجوية، غير أنه من المفارقات أنها ترفض دعم هذه القوات وتدريبها ومدّها بالأسلحة في الداخل العراقي، إذ يتلقى هؤلاء الأسلحة والتدريب من بعض الدول الأوروبية فضلاً عن إيران. وفي الوقت عينه، فإن حزب العمال الكردستاني يؤيد تدريب الأكراد السوريين ومدّهم بالأسلحة والمقتالين.

إن تحقيق المزيد من التقدم والاستيلاء على الأراضي من قبل تنظيم «داعش» سيؤدي بالولايات المتحدة وغيرها من الأطراف الدولية إلى زيادة الدعم للأكراد في كلا البلدين، والتي أثبتت مراقبة الخبراء وتعليقاتهم أن قواتها البرية هي الأكثر فعالية في القتال ضدّ الجماعات المتشددة. وقد ينطوي هذا الدعم على مخاطر وردود فعل عنيفة من قبل السلطات في العراق، التي تشعر بالقلق من ازدياد تمكين المنطقة التركية المتمتعة بالحكم الذاتي، وكذلك فإن السلطات التركية تشعر بالقلق إزاء دعم حزب العمال الكردستاني الأكراد في سورية، وتتخوّف من احتمال نيل هذه المنظمة الإرهابية تشريعاً دولياً.

تركيا و«العمال الكردستاني»

خضعت عملية السلام الهشّة بين الحكومة التركية والجماعات المتمرّدة التركية إلى انتهاكات عدّة لاتفاقيات وقف إطلاق النار وانتشار الصراع في سورية والعراق. وكانت الحكومة التركية عام 2014 قد رفضت دعم مطالب حزب العمال الكردستاني نظراً لارتباط قضيته بقضية الأكراد السوريين وذلك في معركتهم ضدّ المتشدّدين الإسلاميين على الحدود التركية ـ السورية، ما أثار حملة احتجاج وعنف واسعة بين صفوف الأكراد الأتراك. وقد أصرّ حزب العدالة والتنمية «AKP» بقيادته الحالية، وكذلك قياديو «HDP» المؤيدون للقضية الكردية خلال الانتخابات التركية الأخيرة، على أن تركيا لا تواجه مشكلة كرديّة.

إن فشل مفاوضات السلام الجارية بين القوات الحكومية وحزب العمال الكردستاني، سيعيق نموّ الاقتصاد التركي ويؤدّي إلى تحركات عكسية نحو الاعتراف بالثقافة الكردية وبالاستقلال السياسي للأكراد. ويفترض بها ـ على البدل من ذلك التوصل إلى حلّ تفاوضي للحرب الأهلية التركية ـ الكردية التي قد تشكل تحولاً مفصلياً في تاريخ تركيا، وتوفّر القدر الأكبر الممكن لها من الاستقرار وتحقيق المزيد من الازدهار الاقتصادي، وبالتالي، زيادة قدرتها على الاستعراض بين دول المنطقة.

وقت الأكراد

الأكراد، أحد أكبر الشعوب في العالم بلا دولة، ويشكلون أقليات كبيرة في كلّ من إيران، العراق، سورية وتركيا. يتميّز تاريخهم بالتهميش والاضطهاد. ومع ذلك، فإن بعض الأكراد على وشك أن ينجحوا في تحقيق سعيهم الذي يضرب في التاريخ عمق قرنِ من النضال والسعي إلى الاستقلال في شرق أوسط، لا يزال يتخبط وسط تشنجات، تعيشها حالياً سورية بسبب الحرب، والعراق بسبب تزعزعها، فضلاً عن الصراع مع «داعش».

من هم الأكراد؟

الأكراد هم أحد السكان الأصليين في الشرق الأوسط، ورابع أكبر مجموعة عرقية في المنطقة. يتحدثون الكردية، وهي لغة هندو أوروبية، وغالبيتهم من الإسلام السنّة. للأكراد ثقافتهم المميزة، لباسهم التقليدي، أيام عطلهم الخاصة بهم، بما فيها النوروز، عيد رأس السنة الجديد الربيعي الذي يحتفل به الإيرانيون وغيرهم ممن يستخدمون التقويم الفارسي. ظهرت القومية الكردية خلال القرن العشرين في أعقاب تفكك الإمبراطورية العثمانية وتشكيل الدول القومية الجديدة في الشرق الأوسط.

ويقدّر عدد الأكراد في المنطقة بثلاثين مليوناً يقيمون أساساً في المناطق الجبلية في إيران، العراق، سورية وتركيا، ولا يزالون من أكبر شعوب العالم من دون دولة ذات سيادة مستقلة. الأكراد ليسوا متجانسين، ومع ذلك، فإن هوياتهم القبلية ومصالحهم السياسية تطغى على الانتماء الوطني الموحّد. بعض الأكراد، وتحديداً، أولئك الذين هاجروا إلى المدن الحضرية، كاسطنبول، دمشق وطهران، تكاملوا مع تلك الحضارات التي استوعبتهم، بينما بقي عدد آخر منهم في أراضي أجدادهم للحفاظ على ذلك الشعور القوي والواضح بالهوية الكردية. فيما يتركز الشتات الكردي بشكل رئيس في أوروبا إذ يبلغ تعداده أكثر من مليونين.

هؤلاء الأكراد الذين عانوا طوال عقود من التهميش والاضطهاد، وتحديداً في العراق وتركيا، يطالبون بتحقيق سيادة أكبر حتى الاستقلال الكامل.

في بداية القرن الحادي والعشرين، حقق الأكراد أوج شهرتهم، خصوصاً في العراق. فالأكراد العراقيون لطالما كانوا شركاء هامين بالنسبة إلى التحالف الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بنظام صدّام حسين عام 2003. وحتى خلال الوقت الذي يعمل فيه هؤلاء على تأكيد استقلاليتهم، فلا يزال الغرب ينظر إلى الأكراد العراقيين على أنهم ذلك «الغراء» الذي يشكل لحمة البلاد وسط معمعة التوترات الطائفية بين السنّة والشيعة العرب.

لعبت القوات العراقية الكردية المقاتلة والمعروفة باسم البشمركة أي الأكراد الذين يواجهون الموت ، وكذلك المقاتلون الأكراد السوريين، دوراً هاماً في محاربة «داعش» الذي نصّب نفسه بنفسه، والذي تعمل على استغلال الحرب الدائرة وعدم الاستقرار في العراق للسيطرة على الأراضي الكبيرة واستغلالها لمصلحته في كلا الدولتين. أما باقي المقاتلين الأكراد، بمن فيهم المقاتلين الأكراد من حزب العمال الكردستاني، والذي تصنفه الولايات المتحدة على أنه منظمة إرهابية، فله دوره الفعّال في التصدّي لتنظيم «داعش» ودرء تقدمه في المنطقة. وتسعى الحكومة التركية ـ في الوقت الحالي ـ إلى حلّ نزاع عمره ثلاثين سنة مع حزب العمال الكردستاني خلال عملية التفاوض من أجل السلام وزيادة التقدير والحقوق للسكان الأكراد في البلاد.

عزّز قتال القوات الكردية ضدّ تنظيم «داعش» من وجودهم وإمكانياتهم على الساحة الدولية. فقد ساهمت بعض الدول مثل ألمانيا ـ وبشكل مباشر ـ في تسليح القوات الكردية العراقية وتدريبها، بينما دعم التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة الولايات المتحدة، العمليات الكردية البرية بالضربات الجوية ضدّ المجاهدين.

الإرث متعدّد الجنسيات

تشكل دول أربع مسكناً للأقليات الكرديّة الكبيرة، والتي تشكل في الغالب تلك المساحة التي يطلقون عليها اسم «كردستان»، أو الأراضي الكردية. وقد طوّر الأكراد أشكالاً مختلفة ومنفصلة من الحكم الذاتي. يقيم الأكراد في العراق بشكل أساس في ثلاث محافظات تشكل حكومة إقليم كردستان «KRG». تمتّع أكراد العراق بحكم ذاتيّ منذ عام 1991، عندما أنشأت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة منطقة حظر جويّ فوق المناطق الكردية لحمايتها من الهجمات صدّام حسين. وتمّ الاعتراف بحكومة إقليم كردستان كحكومة رسمية عام 2005 في أعقاب الغزو الأميركي للعراق وسقوط نظام صدّام عام 2003.

يعيش بعض الأكراد العراقيين خارج إقليم كردستان، ومع ذلك، فقد نقلوا مطالباتهم إلى خارج حدود المناطق المعترف بها دولياً، والتي تتضمن منطقة كركوك الغنية بالنفط. عاد القادة الأكراد إلى مدينة كركوك، التي تبعد ستين ميلاً عن العاصمة الكردية أربيل ـ القدس بالنسبة إليهم ـ بعد عقود طويلة من النزاعات العرقية هناك وإعادة توطينهم بعد سقوط نظام صدّام الذي عمل على طرد الآلاف منهم ضمن ما عُرف بـ«برنامج التعريب». وكانت كركوك محور خلافات الأكراد مع بغداد في ما يتعلق بالأراضي والموارد. فرّ الجيش العراقي بعد تقدّم مقاتلي «داعش»، عام 2014، بينما قاتلت قوات البشمركة المتمردين الهادفين إلى السيطرة على كركوك. ويقول الخبراء في معرض توصيفهم سيطرة الأكراد على كركوك ـ وعلى نفطها ـ أن هذا قد يؤدي إلى احتمال انفصال الأكراد العراقيين من العراق، كواقع حتميّ في ما يتعلق بالحدود التي ستحدّد مستقبل كردستان المستقلة.

يسكن الأكراد في مناطق ثلاث متجاورة في الشمال السوري، والتي تتضمن احتياطياً كبيراً من النفط على الحدود مع تركيا والعراق. وقد أعلن الأكراد ـ من جانبهم ـ حكمهم الذاتي على هذه المناطق عام 2012، وذلك في خضمّ الأزمة السورية القائمة، والتي حمتهم منذ ذلك الحين من ممارسات تنظيم «داعش». وتشير الخرائط الحالية إلى المناطق التي يقيم فيها الأكراد ويحكمونها، إضافة إلى أحدث المعلومات المتاحة عن مواقع «داعش».

منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية، أي منذ ما يقارب قرناً من الزمن، يعيش أكراد المنطقة في أربع دول مختلفة، ولم يتوانوا يوماً عن المطالبة بالاعتراف بهم ككيان مستقلّ وبحقوقهم السياسية وضرورة حصولهم على الحكم الذاتي. وخلال هذه الفترة من الزمن، تعرّض الأكراد للاضطهاد، ولتجاهل هويتهم الكردية، وقتل الآلاف منهم. وفي الدول الأربع، عانى الأكراد من علاقات مضطربة مع السلطات، التمرّد في أحيان كثيرة، فضلاً عن عقد الصفقات مع الحكومات ضدّ الآخرين. ويمكن لنا التأكيد على أن الوضع الأمني والسياسي المتزعزع في العراق، الحرب الدائرة في سورية، وبروز ما يُعرف بتنظيم «داعش»، يمثّل تحديات جددية للأكراد، غير أنه يشكل أيضاً فرصاً جديدة أمامهم.

ستيفن كوك، حسيب صبّاغ، ميغان أوسوليفان، صحافيون في مركز «CFR للدراسات حول الشرق الأوسط».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى