«جرس الماء» شعراً لوداد سلّوم
كتب إبراهيم حسو: «جرس الماء» هو الديوان الشعري الثاني للشاعرة السورية وداد سلوم، بعد كتابها الأول «ضفاف تخلع صفصافها». والديوان الجديد على شكل «موتيفات» شعرية تكشف عن الصور أكثر ممّا تكشف عن المفردة. هنا الإيضاحات الصورية أو البصرية الموزعة على شكل لوحات أو أنساق مؤلفة من جملتين أو أكثر، مسودات ذهنية وبلاغية جزلة.
تطرح وداد سلوم في ديوانها أفكاراً متناقضة لتتوحد فتذوب الحالات الشعورية وتدفقاتها الهادرة وتحدث جرفاً في البنية اللغوية وتنحت فيها أنسجتها البلاغية لتصبح التوصيفات «الماء بجرسه» هي توازنات النص بأكمله، ويمكن القول أيضاً إن «جرس الماء»، يحدث رغم النفخ الصوري فيه تغييراً في البناء الهرمي لكتابة سلوم الشعرية، ويفتح المعنى على مصراعيه من دون الرجوع إلى اللفظ وخلطه بالقول الشعري رغبة في تأجيج الشعور وتبيانه على مساحة شاسعة ومشرعة على مجابهات الصوت والبصر والخطاب المتجه بعفوية إلى القارئ من دون أن تتدخل المخيلة وتعمل عملها في فرض سيرورتها كضباب هش يستحيل جسداً.
رغم ذلك يظل «جرس الماء» نصاً منضبطاً بلاغياً ودلالياً على الأقل، والإيقاعات الصوتية للمفردات التي تتكرّر على امتداد النص متواليات حسية عميقة تجذب القارئ وتستقيم نطقه «إذ تغادرين الألم، أغرق في إثم الحياة». إيقاعات في توالي التراكيب المهندسة هندسة قويمة، سواء في البنى والتجاورات والتماثلات وتطابقات اللغة المنجزة التي قد تبدو في الفهم الجمعي لها كأنها اختزالات لقصيدة النثر كلها في نص كلّه رسائل وحجج وتأويلات وبيانات ووجدانيات شخصية متفاوتة لسياقات المعنى.
تزخر نصوص وداد بالمتناقضات والمتضادات، سواء في الرؤية أو الطرح الفلسفي والمعرفي للأشياء والإنسان والكون، تناقضات في الميتافيزيك الذي يحضر بقوة أو يغيب بقوة الرؤية نفسها. إلى الفلسفة والثقل المعرفي لبواطن الأشياء والإنسان الذي لا يريد أن يرى كي لا يكون له يد في كل ما يجري حوله. صراعات الدال والمدلول غير الخاضعين لضوابط. إنتاج وتوليد تداعيات إنشائية للجملة أو ما يُعرف بالوصف الاختزالي للفكرة الواحدة أو المشهد الذي لا يتكرر.
تعتمد كتابة سلوم أيضاً على الإيحاءات الحسية للتعبير عن الصورة وعلى انصهار العاطفة وصدقيتها. تطفو العاطفة على سطح التأملات الذاتية الحسية المفرطة عبر توتر المخيلة ونشاطها الخطير.