صباحات

قال الصباح: من أطلّت شمسه عصر أمس، والناس صيام، خير ممّن تطلّ شمسه صباح اليوم والناس نيام. فبين عينيه لمن تأمل وفتح الله قلبه وزالت غشاوة البصر والبصير عن ناظريه، تمركز الحق وركنت الحقيقة. وما همّنا من كل دين ودنيا إلّا الحق، وما أبعدنا إلا اللحاق بمتاع الدنيا في صورة الآخرة… وها هم الراكضون وراء الغلمان وحور العين وأنهار اللبن والعسل قَتَلة الشوارع وآكلو القلوب الحية… «ابحثوا عن الله في الحق تجدون الحقيقة»… من يشبه في دعواته وأفعاله فطرة الناس البسطاء … ينطق بلسانهم ويهدّئ روعهم… وجوده سكينتهم، إطلالته نصرهم، سبابته سيوفهم المسلولة، وحنجرته رعد السماء وبريق عينه مطر وبرق وشتاء… لا تتوهوا في بحور البحث وهو أمامكم، ولا في وعود آخرة يختلف حولها المبشّرون… أمسكوا به من دنياكم يقودكم إلى دينكم. وبه تترسملون للآخرة… وإن أردتم البحث بالعكس، لوجدتم أنفسكم في حضن «داعش» أو «ابليس»… قد يضيع الدين وتتوه الآخرة في متاهات علم الكلام. ولكن هل يمكن أن يضيع الحق عليكم… فلسطين أليست حقاً؟ الانتصار لسورية واليمن وقتال الارهاب، أليس كلّ ذلك حقاً بحق؟ فإن أحسستم بالأمان والسكينة للقياه، تساءلوا ماذا تريدون من دينكم إلا الحق؟ فإن أردتم أكثر فأنتم طامعون من أهل الشهوات الصغيرة، لا يشبعكم إلا الذهب أو المجد وادّعاء العظمة أو الشهرة أو الشهوة، ونهر لبن وغلمان وحوارٍ وجوارٍ، وتلك استعارات لا مكان لها في الدين إلا للتشبيه. فقد تهتم وضللتم الطريق ومكانكم عند فرعون لو كان اسمه دين أو إمامة أو نبوة أو زهد وصيام وصلاة. فبحثكم عن أنفسكم لأنفسكم لا حق ولا حقيقة. «دنيا الحاضر هي دين الماضي وآخرة المستقبل. فمن لدنيا الحاضر بالحق هو الحقيقة»… إنه شمس أطلت قبل غروب أمس فكان الصباح… صباحك خير ونور يا سيّد المقاومة!

بين الياسمين ودوّار الشمس 11/7/2015

قال الصباح: الياسمين يعيش الكرامة لا الغرور، لأنه إذا أحبّ ينحني. لكنه لا ينحني إلا لجهة واحدة، لا كدوّار الشمس رأسه مرفوعة بغرور لكنه يدور حول نفسه في ألف اتجاه. بينما عطر الياسمين يفوح في كل اتجاه، ودوار الشمس لون بلا عطر والعطر عطاء واللون بهاء. والياسمين لا يفكر كثيراً بما يربح وما يخسر، وما هو المستقبل، ومتى يذبل كلّما باح بعطره. ودوار الشمس يعيش قلق الحسابات في كلّ حين، ويحسب مواسم زيته ولمن ستكون. ولا يخجل الياسمين بحجمه الضئيل، بل يفرح بعطره الوافر. ولا يضيق صدره لأنه بلا ألوان، بل يتمايل راقصاً ببياضه. بينما دوار الشمس يتباهي بألوانه وحجم أوراقه وأغصانه. ويخشى الليل لأنه يفقده رونق الدوران وبوصلة التوازن، ويشعره بالتعب فينام. وبينما الياسمين يتفتح للفجر، يكون دوار الشمس نائماً حتى يسطع النور بعد ساعات… إن سالتم الفقراء ماذا يفضلون، سيقولون بلا استثناء: عشقنا الياسمين. وإن سالتم رجال الأعمال سيقولون بلا استثناء: يحيا دوّار الشمس…. دول كثيرة هي لدوّار الشمس، وقليلة هي دول الياسمين… وبشر كثيرون دوار شمس، وقليلون هم البشر الياسمين.

صباح الشام! 12/7/2015

قال الصباح: من الشعر عطر بغير الياسمين لا يضوع… والياسمين لمن يجهلون عطر الضلوع… منه آدم منه حوّاء منه مريم ومنه محمد ومنه يسوع… منه مسحة الشفاء للأعمى ومنه تعلّم الصبح الطلوع… كلمات حبّ لشام الياسمين… نهر حنان وبركان شموع… غداً سيطل النهار الجديد ونكتب للشهداء حبراً وحبّاً وماءً… ونهراً ويعود بردى أحلا، سحراً تجلّى. وتعود لقاسيون مهابة الله يوم على العرش استوى… وأيامنا السبعة نعدّها حتى ساعة الخلاص شعراً ونثراً وهوى!

المولود الجديد…. 13/7/2015

قال الصباح: «إيرانيوم»، مولود جديد هو المعادلة التي ستحكم الشرق الأوسط وترجمته القرار المستقل والإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تلين. والثقة أنك لست أقل شأناً من الآخرين. وأنك واثق من النصر المبين. وأنك أخلصت لخيارك لا تهون ولا تلين. وأن لا إغواء ولا إغراء ولا مسايرة ولا إطراء تحيد بك عن اليقين. واليقين أن الله خلقنا أحراراً فلماذا يستسهل بعضنا العبودية وأن السمش ساطعة لنا بالتساوي فلماذا تكون السيادة بيننا بالرطل والأوقية. وأن من أصابهم الخنوع والتبعية وفقدوا الإرادة والعقول السوية، حتى لو غرقوا بمال نفطهم فيبقى مالهم ذليلاً ويبقى غيرهم كريماً عزيزاً بمال قليل. فالغنى كالفقر كالهزيمة والنصر يبدأ جميعاً في العقول والنفوس ولا يقاس العلم بكيس الفلوس وإلا فاسألوا السعودية كم من ساعة يمضيها الأميركي يطلب التفاهم، وكم من وفد جاء والتقاهم، لأنهم قالوا مرّة أنهم لن يعطوا عطاء الذليل، ولماذا يرضخ العالم لجارهم الفتيّ في ثورته، والقليل قياساً بهم في ثروته، ولماذا يتجاهلهم وهم يندبون حظهم ويظلمون القدر لمجرد سماع الخبر، أن «إيرانيوم» صار مولوداً كاملاً يحظى بشهادة الميلاد. وأنه عدوى تنتقل في العالم مع الأعياد فيصرخ الأحرار… نعم نستطيع… في كل زمان ومكان… والوقوع دليل على الإمكان.

حيّ على الفلاح 14/7/2015

قال الصباح: دخلت بلاداً ورأيت عباداً فمنهم من رأيته تائهاً يهيم على وجهه وقد أصابه في كل ما يختار الهلع أو الانبهار، ويضيع في الوهم عند كل لختيار، ويتخيل أنه العزيز الجبّار وحافظ الأقدار والأسرار، والمؤتمن على جنة الأخيار. ومنهم من رأيته بتواضع الكبار، يتصرفون كأنهم أقل الناس وكلهم إحساس ومالهم ليس لهم، ولا يهمهم جاه ولا قصور، ولا يعمي عيونهم عطر وبخور. وعطرهم عرق الفقراء وبخورهم دماء الشهداء، ودعاؤهم بسيط كنطق فلاح ومزمار راعٍ. اللهم لا نلقي عليك تبعات القرار وقد تركت لنا حرّية الاختيار، فلا نسألك إلا التسديد وقد جعلناك وكيلاً لتحمي خطانا من دعسة ناقصة أو فتنة راقصة. أما أولئك الذين تنفّخت كروشهم وجيوبهم، فدعاؤهم مزيد من العزّ والجاه والمال والسلطان، وبحث لا ينتهي عن الأمان، ومال وبنون وخشية من العيون والحسد والمكائد. أما البسطاء فقد جمعوا ما عندهم ووحّدوا خزائنهم حتى صاروا حزمة لا تنكسر، وقوة لا تستتر. ووقفوا في عين الشمس يغزلون مناديلهم ويعبئون الضوء في قنايدلهم. فصار ليلهم ضياءً، وصار العلم والعمل معنى «حيّ على الفلاح» عندهم. يبنون من حاضرهم وعدهم. ويرسمون غدهم. وأولئك يتفرجون وهمومهم في صلاة الليل بين ممالك الرمال نوق وجمال وفالق البعرة وخالق الشعرة. وآلهتهم مهما ألّفوا لها الكتب ما زالت حبّة تمر يعبدونها ويأكلونها. بينما إله البسطاء العظيم حليم رحيم لا يتدخل في الأقدار، وقد أطلق دورة الليل والنهار وقال للعقل اعقل وتوكل. فلما قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لهم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالواً حسبنا الله ونعم الوكيل… كلّ دين لا خير فيه للناس لا يشبه الله… والذاهبون إلى الجنة بحثاً عن حورية، يحوّلون مملكة الله إلى سوق دعارة، والمرأة إلى فخارة، والجهاد حرفة للحقارة… تفحّصوا صدق الانتساب لله والحق والناس والعلم، بمقياس واحد هو الكرامة. وتفحصوا ادّعاء الكرامة في مكانة النساء… تكتشفون نفاق الأرض من صدق السماء… تحية لأفخم خانم.

النمل والنحل 15/7/2015

قال الصباح: طريق النحل وبيوت النمل خياراتي. فقد تتبعتها على مرّ العصور وشاهدت معها كيف يموت الذكور. ودارت أمامي بلداناً وأمماً وديانات، وعرفتها وعرفت فيها الثبات. طريق الوصول بلا تردد ولا كلل في الصيف والشتاء. عنوانها الأمل والدقة في العمل وروح الفريق والتعاون حيث لا كلل ولا تهاون وتشكيلات جيوش تقاتل بينها فرق الاستطلاع ووحدات التقدم وقوة الإغارة ومجموعة البشارة. وليس فيها فرد يقول «أنا» أو يدّعي عبر ملايين السنين بلوغ السنا. ولا من يتقدم الصفوف بحثاً عن خصوصية أو تاج أو صولجان. وملكة النحل أحسن قومها في نوع العسل وقد انتخبوها لأنها الأنجح للعمل. فلن يترك الصباح النمل والنحل ليصير مع بني الإنسان وقد جبل منذ الولادة الأخ بدماء أخيه إلا من اختاروا حياة النمل والنحل وتخلوا عن «الأنا» لحساب الجماعة. وقتلوا في نفوسهم آلة البشاعة وصار الجمال عندهم ورود الجنائن وغناء الرعاة والعصافير ومزمار قديم حزين وليس مجرد فتنة الجسد و نساء بلا عدد، وحساب المكان والمكانة ولو خانوا الأمانة. فالناس يرون أنهم خلق الله وينسون أن القصد أنهم مؤهلون ليكونوا كذلك، إن لم يعيثوا فساداً في الممالك فقد خضعت لهم الكائنات ووضعت في خدمتهم المخلوقات إن استعملوا تلك الآلة الخطيرة في خدمة الخير. وتعلموا من النحل والنمل والطير معنى الخير العام والتقدم إلى الأمام… أخطر المخلوقات هو العقل، وعسل العقل هو العلم. إنما يخشى الله من عباده العلماء. لذلك تقدم العلم على الدين لأنه في خدمة الناس أجمعين. وتقدم النحل والنمل على الآدميين لأن ممالكهم بلا جوار وغلمان وحور عين!

الشهداء والجنّة 16/7/2015

قال الصباح: للشام أغنيتي. وللياسمين قبلة الصباح. ولبواباتها صباحي وأمسيتي. ولليائسين قلبي السلاح. وللمرابطين في ثغورها بشارة نصر قريب، ومواكب جند لا تغيب، ونار ونور وبرق ورعد والنصر صدق ودين والدين وعد. ولأم الشهيد شال الحرير طرّزته صنارة من رائحة البنّ وصوت فيروز، وبرد كانون والحرّ في تموز حتى يشبه شامة على خدّ الشهيد كانت علامة النصر الأكيد. ولقاسيون طلعة شمس واحدة تكفي لتكون الجبال ساجدة كطلعة الطيران في الميدان لتحمي سماء الشام. ويبرق الدمع لؤلؤ الصبح في عين أمّ تلقي على جسد الشهيد السلام، فتبرق السماء ويصير الصيف شتاء، ولا وعد الجنة كوعد النصر وشهداؤنا ترافقهم زغاريد نسوة القرية والحيّ. وما عادوا يحبون ذكر حوريات الجنة. ويكفي عبق حضن الأمّ بالحنّة. وحنين كوب شاي مع الزوجة والأولاد على سطح بيت من غرفة ودار في قرية نائية منسية وإبريق فخار. فلم يسقط الدم المقدّس بحثاً عن حلم مدنّس. فقد ترك شهداؤنا هذا الحلم للمشعوذين وقرّروا الذهاب بأمان مطمئنين أنهم شهداء والشهداء مكرّمون بأن بذلهم تضحية وفداء فكيف يكون سعيهم لجنة السماء إلا طمعاً وجشعاً وأنانية، وموتاً للقضية. فلا تحرموهم نعمة الشعور بأنهم أنبل من في الدنيا وأشرف الناس وأطهر الناس وأكرم الناس، ولهم كل يوم يطلع نور الصباح… اسألوا مقابر الشهداء عن دمع يجبل التراب بخيوط الفجر وعن أمّ تعبر الضباب كل صبح وعصر. وعمّا مضى وما بقي من العمر، فلا وعد بالجنة يعادل وعداً بالنصر. اقرأوا القرآن: «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم»!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى