رشيد كرامي ـ ابتزاز الداخلية للناخب السوري ـ في دمشق ليوم الانتخاب
ناصر قنديل
الرئيس الراحل رشيد كرامي في ذكراه حيّ بيننا كقامة قومية عربية، هو رجل دولة عرفته عن قرب، أفتقده وأذكر ابتسامته الرقيقة في التعبير السياسي الساخر، وأذكر عشية انعقاد مؤتمري جنيف ولوزان قبل ثلاثين عاماً، حواراتنا في جناحه في فندق شيراتون دمشق، وما كنت أقوم به للتنسيق بينه وبين الرئيس نبيه بري والرئيس الراحل سليمان فرنجية والنائب وليد جنبلاط، قبيل ذهابهم كوفد لجبهة الخلاص الوطني وحركة أمل إلى سويسرا، وحكمته ودرجة فهمه ونضجه في قراءة قضايا الصراع السياسي وواقعيته في تقييم التحالفات والحوار، وفي ذكراه أفتقد شخصاً كان يشعرني وجوده بالاطمئنان والثقة بأنّ خياراتنا الكبرى تملك رجالاً من عيار لا يمكن للتاريخ أن يخذلنا بوجودها، وبقدر محبتي وتعلقي بقامة الشهيد رشيد كرامي أملك درجة موازية من القرف من معادلة السياسة اللبنانية، التي أنتجت في لحظة سوداء لا أفهمها حتى الآن قراراً بالعفو عن القاتل.
قرار وزير الداخلية اللبناني بتهديد السوريين الراغبين بالذهاب من لبنان إلى النقاط الحدودية المخصصة لهم للمشاركة في الانتخابات، بعدما تعذّر عليهم بسبب الضغط والكثافة الوصول إلى الصناديق المخصصة للاقتراع في السفارة السورية، هو قرار مستغرب وغير إنساني ومنافٍ لأبسط قواعد القانون الدولي، بابتزاز البشر بحقوقهم الطبيعية لقاء فرض موقف سياسي عليهم، فالوزير يقول للسوريين: إذا كانت صفة النازح ترتب لكم لقمة عيش في ظروف قاهرة، فالحفاظ عليها يستدعي منكم أن تعبّروا عن موقف سياسي محدّد هو ثمن لقمة العيش هذه، ولا يمكن القول إزاء هذا الموقف إلا بئس الديمقراطية التي تدّعون وحقوق الإنسان التي تزعمون، والنفاق الذي به تلبسون ثوب المبادئ، داخل كلّ منكم هتلر صغير لو أتيحت له الظروف لأحرق العالم لنزواته.
الانتخابات الرئاسية السورية بعد غد وأنا في دمشق لأكون بين إخوتي وأحبتي السوريين، لا لأفعل شيئاً سوى لأقول لهم في هذا التحدي الذي قالت المجموعات الإرهابية إنها ستجعله يوماً أسود، أفتخر أن أكون بينكم، وفي يوم العرس الذي اخترتموه لوطنكم يشرّفني ويفرحني أن أكون فرحاً بكم ومعكم، كما في كلّ المحطات التاريخية نحن معاً في السراء والضراء، والمهم أن تكونوا كثراً بما يليق بنظر العالم كله لحجم المشاركة، باعتبارها أحد فصول الحرب وربما تجعلونها آخر هذه الفصول، إن قلتم عبرها إنّ شيئاً لن ينفع في إضعاف عزيمتكم فيثق أعداؤكم أنّ حربهم بلا جدوى ويقرّرون وقفها، لأنهم لو رأووا ضعفاً في همّتكم لقرّروا مواصلتها حتى يحققوا المزيد من إضعاف عزيمتكم وصولاً إلى هزيمتكم.