هل تسقط «حماس» في الفخ السعوي؟
د. نسيب حطيط
سافرت قيادة حماس – الخارج الى المملكة السعودية بعد قطيعة استمرت ثلاث سنوات من الناحية الزمنية واستمراراً لقطيعة فكرية وسياسية بدأت منذ انطلاقة الحركة بسبب انتماء حماس عقائدياً إلى جماعة «الإخوان المسلمين» ولاختيار حماس نهج المقاومة المسلحة ضدّ العدو «الاسرائيلي»، الأمر الذي تعارضه السعودية وأكثرية العرب المرتبطين أو المتحالفين معها تنفيذاً لقرار اميركي واسترضاء للعدو «الاسرائيلي».
حماس – الخارج التائهة بين قطر وفنادقها وتركيا وتحالفها الاستراتيجي مع العدو «الاسرائيلي» تحط رحالها في السعودية؟
زيارة تستحق الاستهجان والنقاش… ماذا تريد السعودية من «حماس» في لحظة سياسية وعسكرية حساسة تعيشها السعودية والمنطقة بعد الاتفاق النووي الايراني – الاميركي بحضور روسيا والصين وأوروبا، وفي لحظة الفشل السعودي في اليمن الذي يكاد يتحوّل الى هزيمة سعودية؟
انّ بعض المعلومات المسرّبة من الدوائر السعودية والغربية تتحدّث عن محاولة سعودية لشراء «حماس» وقدراتها العسكرية والأمنية وانتشارها الميداني بخاصة في لبنان وسورية العقبة الرئيسية في وجه المشروع الأميركي – الصهيوني الذي تموّله السعودية وقطر، ويرتكز العرض السعودي على الأمور التالية:
– تعهّد السعودية بالتمويل المطلوب لحماس لمدة عشر سنوات.
– إعادة إعمار غزة بإشراف حماس عبر مشروع خليجي مشترك وبموافقة «اسرائيلية».
– توقيع اتفاقية هدنة طويلة بين حماس و«اسرائيل» تتراوح بين 15 و20 عاماً.
– دعم السعودية لحماس لتسلّم السلطة الفلسطينية بدلاً من محمود عباس وفي مرحلة لاحقة بدلاً من حركة فتح.
في مقابل ذلك تطلب السعودية ما يلي:
– قطع العلاقات بين حماس وايران وبين حماس وحزب الله كما فعلت حماس مع سورية.
– تعهد حماس بعدم مهاجمة «اسرائيل» والتعهد بمنع ايّ عمل مقاوم من غزة بخاصة من حركة الجهاد الاسلامي وبقية الفصائل.
– وضع قدرات حماس بتصرّف القيادة السعودية للقتال في اليمن خصوصاً، وقيام حماس بقيادة فصائل المعارضة السورية تحت العباءة السعودية لتأسيس جبهة معارضة مسلحة غير «داعش» على ان تذوب «جبهة النصرة» و«الجيش الحر» في هذا الاتحاد العسكري بالتكامل مع ائتلاف سياسي جديد تحضيراً للمفاوضات السياسية المقبلة في حال تعذّر الحسم العسكري وإسقاط النظام.
– تعهّد حماس بتغطية التحركات للجماعات التكفيرية في المخيمات اللبنانية لمهاجمة حزب الله والدعم العسكري للجماعات السنية في لبنان بغطاء سياسي من تيار المستقبل وجماعة 14 آذار.
– تعهد حماس بتنظيم وتدريب النازحين السوريين في لبنان لدعم المشروع السعودي ضدّ المقاومة في لبنان عبر بروباغندا الثأر من المقاومة لتدخلها في سورية.
تحاول السعودية وبتشجيع أميركي تقليد ايران وعلاقاتها مع قوى المقاومة في المنطقة، والتي أعطت ثمارها بصمود سورية وانتصار لبنان والتقاط العراق لأنفاسه والمبادرة للدفاع ذاتياً عبر الحشد الشعبي، وكذلك ما يجري في اليمن والذي أنزل السعودية عن عرشها وزعامتها وصارت دولة عادية تشارك في الحرب، وبدأ الارهاب الذي حضنته وأرضعته يعود اليها ليمارس السفاح زنا المحارم الإرهابي في الرياض والطائف وسيتوسّع اكثر في قابل الايام.
هل ستسقط حماس في الفخ السعودي وتتحوّل الى حركة تؤجر المقاتلين بعيداً من فلسطين؟
هل تسقط حماس في فخ الإغراءات السعودية بالمال والسلطة وتنسى القضية؟ او تبرّر افعالها كما يفعل التكفيريون الذين رفعوا مع «الإخوان المسلمين» شعار الجهاد ضدّ الانظمة وتطهير الساحات… قبل مقاومة العدو «الاسرائيلي»؟
هل ستكرّر حماس اخطاء ياسر عرفات في الأردن ولبنان وآخرها بتأييد صدام في غزو الكويت؟
هل ستوقع كتائب القسام في الداخل الفلسطيني على هذا الاتفاق ام تتمرّد عليه؟
صحيح انّ حماس في موقف صعب كمن يفرض عليه الخيار بين امه وزوجته ام اولاده وانه لا يستطيع الجمع بينهما… لكن الأفضلية والأولوية هي للحكم الإلهي وليس للعصبيات المذهبية او فقه المصالح، وعلى قيادة حماس ان تنحاز إلى المبادئ وليس إلى المصالح، وان تستفيد من تجربتها خلال أعوام الربيع العربي الذي رفعت علمه في غزة في أول زيارة لخالد مشعل اليها بدلاً من علم فلسطين، وعلى قيادة حماس في الخارج أن تسأل نفسها ماذا ربحت او حققت من مكاسب بعد انحيازها للمشروع الاميركي- الخليجي بدعم «الربيع العربي»، سوى الضياع والفشل وخسارة الحلفاء؟ ومع ذلك لم تتعمّر غزة، ولم تتحقق حكومة الوحدة الفلسطينة والمشاركة مع السلطة. ولم يفتح معبر رفح ولم يطلق سراح الأسرى الفلسطينيين ولم يقبض موظفو حكومة حماس رواتبهم… ولم ينتصر كلّ الذين دعمتهم حماس في الربيع العربي، فانهزم الإخوان في مصر وصادر «داعش» و«النصرة» الثورة السورية المفترضة ووجدت حماس نفسها في حلف الخائبين والفاشلين… فهل ستغرق اكثر في المستنقع السعودي وتمحو تاريخها الناصع في المقاومة؟
هل تنحاز قيادة حماس الى مبادئها وقسمها بمقاومة الاحتلال وتحرير القدس؟
انني أراهن على الفلسطينيين المقاومين في الداخل فقط اما الباقون فقد تذوّقوا طعم المقاولة الدسم والغني وليس من مصلحتهم العودة للمقاومة!
دعاؤنا أن ينقذ الله سبحانه قيادة «حماس» من نفسها ومن أفخاخ أصدقائها الجدد وان لا تنخرط في المقاومة الشعبية في اليمن مع «القاعدة»!
سياسي لبناني