«داعش»… السحرُ التركي الذي انقلب على صاحبه

توفيق المحمود

منذ ثلاث سنوات كانت تركيا بوابة وموقعاً يهيّئ جميع الظروف المتاحة لدخول الإرهابيين الذين أتوا من كل حدب وصوب تحت ما يسمى «الجهاد في سورية»، فالدعم التركي كان واضحاً لتنظيم «داعش» الإرهابي، لكن تفاجأ الجميع بتهديد «داعش» تركيا بدفع الثمن باهظاً بسبب ملاحقة السلطات التركية لعناصر الجماعة واعتقال من يشتبه بانتمائهم لها.

صحيفة «توداي زمان» التركية ونقلاً عن موقع ما يسمى «دار الخلافة» نقلت تهديد «داعش» لتركيا بقولها إنها بقتالها «داعش» تستعد لنهايتها وستدفع ثمناً باهظاً لأفعالها.

وكانت تركيا قد كثفت حملتها على «داعش» وسط ضغوط دولية أدت الى مداهمات قامت بها الشرطة التركية واعتقال بعض الأشخاص المشتبه بانتمائهم للجماعة الإرهابية إضافة الى حجبها المواقع التابعة له في تهديد للداعم والحليف الأساسي لهذا التنظيم، فالتنظيم لم يقم بأيّ عملية ضد تركيا حتى الآن، إلا أن تركيا تدعي بأنها ضدّ تنظيم «القاعدة»، وأنها مهدّدة من قبله، ولكن الفيديو الذي نشر في آذار الماضي ويظهر كلام أحد الجنود الأتراك مع أحد الإرهابيين يثبت للجميع عكس ما يدعي به أردوغان، ويثبت بأن تركيا ما زالت وراء دعم هذا التنظيم الإرهابي حتى هذه اللحظة ويتم استغلالها في مهاجمة عين العرب «كوباني» وقد يكون المشروع أوسع من ذلك، وخصوصاً أن تركيا لم تأخذ إجراءات لمنع هؤلاء من دخول سورية بل ما زال الطريق مفتوحاً أمامهم في شكل واسع.

تركيا هي الداعم الرئيسي لتنظيم «داعش» الإرهابي والذي يقوم بتسليحه في سورية والعراق وتقوم المستشفيات الحكومية باستقبال الإرهابيين المصابين ومعالجتهم، كما تؤمّن دخول العناصر الإرهابية التي تأتي من أوروبا ودول مختلفة ويتمّ نقل هؤلاء إلى سورية والعراق وبعلم جهاز الاستخبارات التركية، ولم تكتف بذلك فقط فهي تشتري النفط الذي يسرقونه منها أيضاً فقد أكدت صحيفة «التليغراف» البريطانية أنّ هذا التنظيم يزداد قوةً واتساعاً في مناطق نفوذه حتى أنه بات معتمداً على ذاته ماديّاً من طريق عائدات النفط وتجارة السلاح بما يقدر بمليون دولار يومياً فقط من عائدات النفط الذي يشتريه سماسرة أتراك بعلم الحكومة التركية.

ومن جانب آخر، ربما بدأ تنظيم «داعش» الإرهابي يعد العدة لتوجيه ضربات الى الحكومة التركية عبر استهداف أمنها بتفجيرات بسيارات مفخخة، ومن ثم شن عمليات على الجيش التركي، لذلك تخشى السلطات التركية أن تمتدّ قوة التنظيم الى تركيا، لذلك تريد الضغط عليه لإضعافه ومنع ادخال سلاح ومسلحين ومساعدات له، لأن تركيا بدأت تخشى أن يحصل فيها كما حصل في العراق وسورية واليمن، ويتعشش فيها الارهابيون، وهي حتى الآن لم تنتهِ من قوات حزب العمال الكردستاني الذي أذاقها الويلات، فكيف اذا دخل تنظيم ارهابي متشدّد لا يعرف الرحمة، ولا يميّز بين صديق وعدو، والمهم عنده إرضاء مصالحه، فبذلك سيتم ضرب استقرار تركيا وامنها، وتحويل بعض مناطقها لا سيما المحاذية لسورية الى بؤر امنية.

يبدو أنّ السحر التركي انقلب على الساحر، وبدلاً من أن تكون تركيا في مأمن وصلت اليوم لتصبح مستهدفة، وذلك نتيجة اعمالها الخبيثة، وتآمرها على سورية وإدخال السلاح والمسلحين لينتشروا في سورية، وينقلبوا عليها، واليوم الذي حصل هو أن تركيا كانت تحاول مهادنة تنظيم «داعش» إلا أنّ سحرها انقلب عليها ويسعى التنظيم لضربها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى