استدعاء الرياض لجعجع… عنوانه التصعيد ضدّ حزب الله
هتاف دهّام
عكست وتيرة الأحداث الإقليمية حجم القلق السعودي من اتفاق فيينا وما أعقبه من تطورات عبّر عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الفائت، بقوله إن الولايات المتحدة «لن تقع في فخ السماح لحلفائنا العرب السنّة، بإلقاء اللوم في أي مشكلة على إيران. وإن مواطنين من دول خليجية كانوا مساهمين كباراً في الحركات الجهادية السنّية التي تقوض الاستقرار بالمقدار ذاته الذي تفعله إيران». وأعطى أوباما مثالاً على ذلك «الحوثيين في اليمن»، فأعرب عن اعتقاده بأن «التورط الإيراني بدعم الحوثيين تم تضخيمه».
تدرك السعودية انها أمام مرحلة جديدة على ضوء إقرار مجلس الأمن الدولي الاتفاق النووي أمس، ويدرك حلفاء السعودية في لبنان أيضاً الذين ليسوا في هذه المرحلة حلفاء الولايات المتحدة، أنّ ما يجري يستدعي التقويم والمراجعة.
لقد بدأت السعودية تعد العدة لإنشاء جبهة لمواجهة الاتفاق النووي، وقع اختيارها على حركة حماس لمواجهة «أنصار الله» في اليمن، وعلى «القوات اللبنانية» لمواجهة حزب الله في لبنان من أجل إحداث توازن مع الجمهورية الإسلامية.
كلفت السعودية جعجع الذي حط في الرياض أول من أمس بالملف اللبناني وطلبت منه التصعيد في مواجهة حزب الله لإرباكه في الداخل وتظهير الصراع على أنه صراع شيعي – مسيحي، تحجب من خلاله المواجهة الحاصلة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.
تقوم الخطة التي رسمتها الرياض على التصويب على سلاح الحزب مجدداً، وليس هناك كما يقول مقربون من 14 آذار، أفضل من رئيس «القوات» للقيام بهذه المهمة وعلى الرحب والسعة. وطلب الملك سلمان من رئيس القوات مضاعفة قدراته الهجومية الاعلامية والسياسية ضد حزب الله من منطلق عدم شرعية سلاحه وتدخله في سورية الذي جلب الويلات الى لبنان، بالتزامن مع تحضير البيئة لخلايا إرهابية تستعمل ضده، مع علم السعودية ان جعجع ليس بمقدوره ان يجر لبنان إلى حرب، إنما يخلق إرباكاً لا أكثر، فمصلحة السعودية تبقى في الحفاظ على الاستقرار في لبنان قدر المستطاع.
وكلفت السعودية جعجع ممارسة السياسة التخديرية مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون إلى حين تهيئة الظروف للانقضاض على جنرال الرابية بعد ان تكون أوراق القوة قد سلبت منه، والتاريخ يشهد انّ جعجع عند كل مفصل سياسي، كان رأس الحربة في إعادة ترتيب بيت حلفاء السعودية، او الإقدام على ما لا يستطيع غيره من فريق 14 آذار ان يقدم عليه. وخير دليل على ذلك، انّ جعجع انقلب على مشروع اللقاء الارثوذكسي بعد زيارته السعودية.
يبدي العونيون عدم ارتياح لهذه الزيارة «القواتية» الى السعودية، وقلقاً من ان تنقلب معراب على إعلان النيات العوني القواتي، لا سيما انّ الاستدعاء السعودي لجعجع أتى بعد الاتصالات التي أجراها جعجع في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين تمام سلام وسعد الحريري من جهة والعماد عون من جهة أخرى والتي باءت بالفشل، فلقاء السراي الذي جمع سلام وجعجع كان سلبياً جداً، رفض خلاله رئيس «القوات» طلب رئيس الحكومة الوقوف ضد حملة عون التصعيدية في وجه الحكومة، وتعريته مسيحياً، على اعتباره انه ليس في الحكومة لكي يدافع عنها، وأنّ إعلان النوايا يفرض عليه أن لا يتخاصم مع العماد عون.
يتخوّف البرتقاليون من أن تلجأ الرياض الى تشغيل «القوات اللبنانية» ودفع مناصريها الى النزول الى الشارع والاصطدام مع مناصري التيار الوطني الحر واستعادة مشهد ما قبل عام 1989، أو ربما مشهد كانون الثاني 2007، إلا أنّ هذا التخوّف يبدّده تأكيد رئيس جهاز الاتصال في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي ان زيارة جعجع التي يرافقه فيها مستشاره جوزيف نعمة المندوب الدائم لـ«القوات» في عوكر، تهدف الى رفع سقف الحملة ضدّ حزب الله ولا تهدف الى التصويب على التقارب العوني القواتي، وانّ لقاءاته مع المسؤولين السعوديين والرئيس الحريري تصبّ في هذا الاتجاه.