«الراية» تنتقل إلى السعودية وساحة المواجهة… لبنان
روزانا رمّال
ليس لدى إيران أيّ نية على الإطلاق في الخروج من بنود الاتفاق النووي الذي وقعته مع الغرب مؤخراً، وهي قادرة عليها جميعاً، في المقابل ليس لدى الغرب بديل عن ذلك او العودة الى الوراء او الى العقوبات على ايران او التصعيد، وسيكتشف الغرب بأنه أصبح متورّطاً بمعادلات مع إيران من الصعب التراجع أمامها، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، حيث سيكون لإيران الدور الأكبر فيها، بعد احتضان تركيا لـ«داعش» و«اسرائيل» لـ«النصرة»، بينما في الجهة المقابلة بالنظرة الغربية لملف مكافحة الإرهاب فإنّ حزب الله والجيش السوري والحشد الشعبي العراقي هم الذين يقاتلون «داعش» و«النصرة»، وانّ المسألة ليس انّ التكتل الإرهابي الذي صدّره الغرب هو خصوصية استخبارية فقط.
بداية تعاون عنوانه العراق وليس سورية هي بداية منطق يفرضه توقيع الاتفاق، فالجنرال مارتن ديمبسي الذي زار الى العراق جاء لينسق للمرحلة الجديدة ويقول للعراقيين: «لم يعد هناك محظور، فحضّروا المائدة أيها العراقيون بيننا وبين ايران لنتناقش حول العراق، فسورية أبعد من الاتفاق بشأن حلّ أزمتها قريبا بسبب تمسك حلفاء الرئيس بشار الأسد به من جهة، وبسبب مجاراة واشنطن لحلفائها من جهة أخرى».
المشكلة التي تواجه السعوديين اليوم هي القدرة على تقبّل هزيمة لا تبدو الرياض مستعدة للاعتراف بأنها وقعت أمام حليفتها واشنطن اولاً وخصمها طهران ثانياً.
يتصرف حلفاء أميركا اليوم مثل ما تصرّفت قوى 14 اذار عندما انتصر المقاومة في لبنان على «إسرائيل»، ولسان حال حلفاء أميركا اليوم معادلة تقول: «لن نتجرّع كأس الخسارة المرة»، فتركيا مشغولة بترميم وضعها الداخلي وبتشكيل الحكومة، و«إسرائيل» أبرمت صفقة سلاح مع واشنطن لكنها منهكة داخلياً وتحاول تسويق هدنة طويلة مع حركة «حماس»، إلا السعودية التي ترفض التسليم في وقت يفرح التركي و«الإسرائيلي» لأيّ محاولة أو حساب سعودي يفيدهم من دون أن يكونوا في الواجهة، وهكذا أمسكت السعودية الراية.
هذه الراية هي راية الاشتباك ليس لإلغاء الاتفاق، بل لبناء جبهة اشتباك إقليمية كما بنت ايران لحلفائها، فخرج السيد علي خامنئي يقول: «لن نتخلى عن حلفائنا»، ومثله قال أوباما: «لن نتخلى عن حلفائنا»، وعليه تحاول السعودية القيام بمحاولات استدارج سيفرح بها الأميركي عبر تشجيع حلفائه وبناء على ما يقول سيجلب كلّ ما يلزم لمنح الحلفاء الثقة لفرض مواقع تفاوض بالتصعيد.
المنطقة امام مشهد يقول انّ اشتباكاً سعودياً – إيرانياً سيبدو في لحظة ما قيد الوقوع، وهذا التصعيد ستكون السعودية مستعدّة لبذل كلّ ما لديها من مال وعلاقات من أجله، وستكون في سورية ولبنان وفلسطين كما لم نشهدها من قبل بدليل أنّ الملك سلمان استقبل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في نفس اليوم الذي التقى فيه رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع والملك سلمان معروف انّ حالته الصحية لم تكن تسمح بهذا الجهد في يوم واحد فما هو الأمر الجلل الذي استدعى ذلك؟
تقول السعودية على كتف الكلام الأميركي ما قاله جعجع وهو ليس كلامه «انّ المنطقة بعد التفاهم النووي آتية على مزيد من السخونة!
فما هي هذه السخونة؟
مهمة السعودية اليوم تتجسّد بتجميع حلف المتضرّرين من الاتفاق النووي من دول او حركات بينهم حركة «الاخوان المسلمين» وحزب «القوات اللبنانية»، وذلك قبل ان تبلغ العلاقة الأميركية – الإيرانية مدى ستعرفه يصل الى التحقق من صدقية إيران أمام المجتمع الدولي من «تطبيق الاتفاق» و«مكافحة الإرهاب»، أي قبل 6 اشهر يجب ان تخلق السعودية وقائع تجمّد اللعبة في مكان ما بأوراق قوة.
وفي لبنان؟ كيف يمكن التصعيد؟
العتب السعودي على جعحع سيتجسّد في منعه من إظهار أيّ إيجابية تجاه عون في محاولة لنسف كلّ ما قدّمه من مساعي تشارك عون الحديث عن حقوق المسيحيين حاصرة مهمته بالتالي:
اولاً: كلّ حديث عن اتفاق الطائف هو خسارة للمسيحيين. وثانياً: انّ سلاح حزب الله هو سلاح عدو وخارج نطاق الطائف لن نقبل فيه بأيّ شكل من الأشكال وحول استحقاقات التعيينات الأمنية تأخذ السعودية الأمور مع حلفائها نحو التمديد للعماد جان قهوجي، ويدفع بعون للإخراج بالإحراج لتكرار مشهد حكومة السنيورة…
الرهان السعودي على شق الوزراء وتكرار مشهد حكومة بتراء يملك فريقها في لبنان ورقتها لكن الفارق اليوم جهوزية سعودية مستعدّة للتدخل لأيّ تبعات فهذه معركة مصير وجود.
يستنهض السعودي ماكيناته لكي يجعل من نفسه المفاوض الموازي، والأميركي مستفيد إذا نجحت السعودية في انتزاع هذه المكانة، لكن هذا قد يستدعي سخونة وبحر دماء.
في المقابل، فريق حلف المقاومة وبعدما حصلت إيران على ما تريد وتمّ التوقيع على تفاهم كسبت شرعية دولية عبره لن يقدّم تنازل للسعودية على الإطلاق، لذلك فإنّ على فريق 14 اذار ان لا يعبث باللعبة السياسية والدستورية التي قد تؤسّس لظرف يجعل من 7 أيار نزهة أمام ما يمكن ان يكون اليوم، لان الجاهزية ستكون استباقية ولا لعبة المذهبية والتخوين قد تؤثر فيها وهذا لن يغيّر في المعادلات بمنظور 8 آذار.
تستنهض السعودية اليوم الآلة الاعلامية والسياسية في المنطقة، وقد يكون مزيد من التصعيد مقبلاً على لبنان، والعبث في المؤسسة الدستورية تحديداً وفي موضوع التعيينات الأمنية سيعني قلباً للطاولة على رؤوس الأفرقاء أين منه السابع من أيار!