همزة وصل
نظام مارديني
لا يمكن قراءة خفايا وأهداف التفجير الإرهابي في «سروج» الذي ضرب جمعية الشبيبة الاشتراكية المتواجدة في مركز عمارة الثقافي، التي كانت تحتضن مؤتمراً لإعادة إعمار عين عرب كوباني . لا يمكن قراءة هذا التفجير من دون الوقوف أمام السؤال الجوهري وهو لماذا نُفذت العملية الإرهابية ضد النشطاء الأكراد الآن، وما الغاية منها وما الرسالة التي حاولت أنقرة إيصالها إلى حزب العمال الكردستاني؟
في البداية، تثبت الوقائع ان الإرهاب لا يمكن له أن يوفر احداً حتى مموليه وداعميه، يذكر ان تركيا لطالما جاهرت بدعمها المسلحين في سورية ومن بينهم تنظيم «داعش»، وشرّعت حدودها على مصراعيها لعبور عشرات آلاف الإرهابيين باتجاه الاراضي السورية، كما مولت هذا التنظيم من خلال شرائها منه النفط السوري والعراقي المنهوب.
يأتي هذا التفجير بعد اعتداء مماثل كان قد ضرب حشداً لـ«الشعوب الديمقراطي» أثناء الحملة الانتخابية في حزيران الماضي، وتبعته الغارة التركية التي قصفت قواعد لحزب العمال الكردستاني بجبال قنديل في شمال العراق، فيما بدا وكأن المعركة التي يديرها هذا الحزب بجناحه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي ضد «داعش» بدأت تنتقل إلى الأراضي التركية بقيادة الثنائي أردوغان ـ أوغلو، لمواجهة التقدم الذي يحرزه «الشعوب الديمقراطي»، في الولايات ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، وهو الحزب الذي سحب البساط نهائياً من تحت أقدام «إخوان أردوغان».
ليس مبالغةً أن يقال إن ما بعد تفجير «سروج» لن يكون كما قبله، خصوصاً إذا ثبتت مسؤولية أجهزة الأمن التابعة لحكومة أحمد داود أوغلو، فهذا سيكون إعلان حرب من قبل هذه الحكومة ضد «العمال الكردستاني»، الذي يستعد للدفاع عن مكتسباته الثقافية والسياسية والنيابية في تركيا. ولن يغير نفي أنقرة، في تبرئة نفسها قريباً من تهمة التواطؤ مع التنظيم الإرهابي في هجومه الأخير، شيئاً من حقائق الميدان، التي أظهرت في شكل غير مسبوق مدى حجم تشابك المصالح بين أنقره و«داعش» ومدى حاجة احدهما للآخر، لدرجة ان الأخير بات يمثل الحصن الوحيد الذي من شأنه ان يمنع تحقيق «الحلم الكردي» والكابوس التركي بحسب العقلية الطورانية.
وسواء كان هناك تواطؤ تركي أم مجرد غض طرف، فإن الهجوم الانتحاري المزدوج في «سروج» الأول أنفجر والثاني فشل حمل رسالة أخرى، موجهة في الدرجة الاولى الى المجتمع الدولي بعد الاتفاق النووي الغربي الإيراني، والتي تشير إلى ان النظام التركي «كش ملك» أصبح خارج الاستفادة من هذه التحولات التي تستعد لوضع سيناريو حل للأزمة السورية، بعد التقدم الميداني الكبير الذي يحرزه الجيش السوري والمقاومة بجناحيها: حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي بجناحه العسكري نسور الزوبعة .
تقول أنقرة للمجتمع الدولي نتيجة تفجير «سروج»، إن الحلول في المنطقة التي وضعت على نار هادئة لن تمر، وهناك من هو مستعد لعرقلتها عبر تفجير هنا وغارة هناك.