نهاية الملف النووي الإيراني… «الطاقة الذرية» ستراقب

توفيق المحمود

أخيراً وبعد نحو اثنتي عشرة سنة من المفاوضات المتقطعة توصلت ايران ومجموعة السداسية إلى اتفاق حول الملف النووي الايراني هو الأول من نوعه في التاريخ، واستطاعت إيران أن تأخذ اعترافاً دولياً بأنها دولة نووية رغم اعتراض الكثيرين وتهديداتهم.

اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً يلغي سبعة قرارات أصدرها بحق إيران تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة واعترف بها دولة نووية، ويشكل القراران مصادقة للأمم المتحدة على الاتفاق النووي التاريخي الذي ابرم بين ايران والقوى الكبرى في 14 تموز بعد 18 يوماً من المفاوضات الماراثونية في فيينا وبحسب نص القرار سيتم وقف العمل تدريجياً بسبعة قرارات صادرة عن المجلس منذ 2006 تتضمن عقوبات على ايران بشرط احترام ايران الاتفاق، وتبني القرار يطلق عملية تدريجية ومشروطة لرفع العقوبات. ونال الاتفاق النووي فعلياً أول اعترافين دوليين به عبر قرارين صدرا، في وقت متزامن، عن مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي. ويشكل القراران أول تحرّك باتجاه رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأممية ضد طهران، على أن يكون قرار مجلس الأمن إشارة البدء بتنفيذ الاتفاق، لكن تطبيق الاتفاق لا يزال ينتظره مسار شاق، بالتوازي مع نقاش محتدم على مستوى الكونغرس الأميركي، وأيضاً في الداخل الإيراني.

لكن بعض بنود القرار كان محط انتقاد الجانب الإيراني وبخاصة من قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري الذي قال إن القرار يتجاوز «الخطوط الحمراء» التي رسمها المرشد الأعلى، واعتبر أن لا قيمة لأي قرار يقضي بوضع قيود على القدرات التسليحية في إيران.

وكانت الخارجية الإيرانية أعلنت في بيان أن إيران ستطبق التزاماتها في إطار الاتفاق النووي لكنها أكدت أن قرار مجلس الأمن 2231، الذي صدّق على هذا النص لا يشمل برنامجها البالستي وأن إعادة فرض العقوبات تعني عدم التزام الأطراف الأخرى، وهذا يجعل إيران في حلّ من تعهداتها، فالغرب يحاول الالتفاف على إيران من جديد بعدما حاول كثيراً وبخاصة عندما ربط الملفات الإقليمية في المنطقة بالملف النووي، لكن إيران رفضت وعلى لسان المرشد الأعلى للثورة الإمام علي خامنئي في تشرين الثاني عام 2014 بعد تلقيه رسالة سرية من الرئيس الأميركي باراك أوباما رفض إيران ربط حل الأزمات التي تعصف بالمنطقة بتوقيع الاتفاق النووي حينها.

شددت الخارجية الإيرانية في هذا البيان على أن طهران متأكدة أن مراكزها العسكرية لن تكون خاضعة للتفتيش وأن القدرات العسكرية خصوصاً صواريخ إيران البالستية لها هدف وحيد دفاعي، وبما أن هذه التجهيزات لم تعد لنقل أسلحة نووية، فهي خارج حقل أو اختصاص قرار مجلس الأمن.

تكرر أميركا وبريطانيا ما كانت تقوله طهران خلال المفاوضات بأن لا بدائل عن التوصل لاتفاق أمام القوة الإيرانية المتعاظمة، وقامت برمي كرة الضمانات في مرمى الوكالة الدولية بالحفاظ على سرية الملف النووي الايراني. فقد كلّف مجلس الأمن الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بعمليات التحقق والمراقبة الضرورية للالتزامات النووية التي اتخذتها إيران مثل الحد من عدد أجهزة الطرد المركزي أو خفض مخزونها من المواد الانشطارية.

بعد توقيع الاتفاق النووي تعول الدول الكبرى على مساهمة ايران في اخماد الازمات الاقليمية التي يعجز مجلس الامن عن تسويتها في ظل الخلافات العميقة القائمة داخل صفوفه بين الروس والغربيين وبخاصة إرهاب «داعش» الذي وصل إلى أوروبا والذي بات يهدد أمنها إضافة إلى الأزمتين السورية واليمنية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى