سليمان و«اللينو» يرفعان المخاوف في المخيمات

حسين حمّود

تتسارع التطورات على الساحة الفلسطينية في لبنان وكأنّ أمراً سيحدث بعد أن كانت المعلومات أكدت تجميع القوى المتطرفة في المخيمات، ولا سيما في عين الحلوة، قواها لتنفيذ مخطط تفجيري كبير في إطار مشروع الفتنة الذي تسعى إليه التنظيمات الارهابية في المخيمات لتنتقل شرارتها لاحقاً إلى خارجها، وذلك ضمن السياق العام لأجندة تلك التنظيمات الرامية إلى تفتيت الأمة وإنهاك قواها العسكرية المواجهة لـ«إسرائيل».

وأبرز هذه التطورات لقاء القائد السابق للكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان العميد محمود عيسى «اللينو»، قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب وفي مكان له رمزيته السياسية والعسكرية، وهو مكتب ابو عرب في منطقة البركسات – معقل فتح في مخيم عين الحلوة، بالرغم من قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس طرد «اللينو» من الحركة. لكن اللقاء يعني بداية التقارب الجديد بين «اللينو» والبيئة التي نشأ فيها، مقاتلاً ومسؤولاً، والأهمّ قيادته مقاتلي الحركة في المعارك السابقة التي خاضوها سابقاً في مخيم عين الحلوة ضدّ «جند الشام» و«فتح الإسلام» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية.

وبالرغم من التكتم الفتحاوي على أجواء اللقاء وخلفياته، حرص «اللينو» ايضاً على زيارة القيادي الفتحاوي عبد سلطان في منزله في البركسات، محذراً من مخططات التكفيريين في المخيمات ونزع دابر الفتنة لكنه أكد استعداده لمساندة الحركة في أيّ مواجهة قد تحصل مع الجماعات التكفيرية.

أما التطور الثاني الذي شهدته الساحة الفلسطينية فهو الاستقالة «الغامضة» للأمين العام لحركة «أنصار الله» في لبنان جمال سليمان من منصبه أول من أمس. فقد أثارت هذه الاستقالة المفاجئة علامات استفهام حول دوافعها علماً أنّ بيان الاستقالة الذي وزعه سليمان كان واضحاً بربطها بالحالة الفلسطينية في لبنان، ولا علاقة لها بتدخل حزب الله عسكرياً في سورية، وهو تدخل ليس طارئاً ولا مستجداً، بل يمتدّ لسنوات عدة إلى الوراء. حتى انه قبل أيام قليلة من قرار سليمان بالاستقالة وتحديداً عشية عيد الفطر زار وفد قيادي من حركة «أنصار الله» برئاسة نائب الأمين العام للحركة محمود حمد عضو المجلس السياسي في حزب الله حسن حب الله، وكان اللقاء إيجابياً وقد تركز على المستجدات السياسية في لبنان وفلسطين والمنطقة، وأكد الجانبان «أهمية تعزيز العلاقات اللبنانية – الفلسطينية بين المقاومة الإسلامية وفصائل المقاومة الفلسطينية». وجددا دعوتهما «للحفاظ على أمن المخيمات وعدم السماح للحالة التكفيرية التي تهدّد وحدة الأمة بجرّ المخيمات إلى فتن وصراعات داخلية».

وتجدر الإشارة إلى انّ سليمان انشق عن حركة فتح عام 1988 في أعقاب أحداث إقليم التفاح بين حركة أمل وحزب الله، حيث وقف سليمان الى جانب الحزب متمرّداً على توجيهات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقيادة حركة فتح. وقبل أكثر من سنتين أعلنت حركة «أنصار الله» فك تحالفها مع حزب الله سياسياً وعسكرياً وأمنياً ثم تراجعت عن هذه الخطوة وعادت الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً، واستمرت العلاقة جيدة جداً وتوافق في كلّ الملفات المشتركة بين الطرفين.

أما سليمان فقد أوضح في بيانه أنه «ضمن التكليف الشرعي، ونبذاً للظلم والنفاق السائدين مجمل الأصعدة، ورفضاً للدخول في متاهات الكيد والانحراف عن الطريق القويم، ودرءاً للمفاسد وحرصاً على المصلحة الشرعية العامة، أعلن إنهاء مسؤوليتي التنظيمية كأمين عام. ويعتبر هذا القرار معمولاً به على كافة الأصعدة، وأعتبر نفسي في منأى عن المسؤولية، لأنّ الحالة المرضيّة التي وصلت اليها الأمور لا يرضى بها صاحب نخوة وكرامة». وأنا لم أكن يوماً إلا الضمانة الرئيسية لشعبي وقضيتي، رافضاً كلّ أنواع الظلم والهيمنة وإلغاء الآخر. من هنا لا بدّ من اتخاذ مثل هذا القرار في ظروف مصيرية. وجاء التخلي عن المسؤولية ليأخذ الأمر مساره الصحيح في تبيان الأمور التي لم تعد تطاق».

وبذلك يؤكد سليمان، الذي لم يتضح بعد من سيخلفه في منصبه بانتظار اجتماع مجلس شورى التنظيم في الأيام القليلة المقبلة، أنّ الخلاف هو فلسطيني – فلسطيني ومرتبط بالأوضاع داخل المخيمات، فهل هذا مؤشر إضافة إلى تحرك «اللينو» المستجدّ، إلى توقع مزيد من تردّي الوضع الفلسطيني خصوصاً في ظلّ الأحداث الأمنية والإشكالات المسلحة التي لم تتوقف بالرغم من الإلحاح اللبناني على ذلك، وكأنها خارجة عن السيطرة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى