بغداد: ديمبسي لتعاون أمني مع إيران ضدّ «داعش»… وطهران تستردّ أولى ملياراتها دي ميستورا مع ظريف لجنيف سوري واليمن لإعلان الهدنة… والعقبة سعودية
كتب المحرر السياسي
ترجمة نتائج ومسارات ما بعد التفاهم النووي تبدو أنها تسير بسلاسة لا تعبّر عنها التصريحات الأميركية والإيرانية التي تخاطب الرأي العام الذي تكوّنت قناعاته على لغة عنوانها الصراع المفتوح وحال العداء خلال عقود طويلة، والذي يبدو أنه يحتاج لرؤية إنجازات التعاون تطفو على السطح حتى يصير جاهزاً لتقبّل خطاب فيه قدر من الإيجابية، بينما الترجمة الإيجابية تعكسها الوقائع المتتالية عن سرعة السير بالتحوّلات التي فرضها التفاهم وما بعد التفاهم. فقد تسلّمت إيران، وفقاً لبيانات رسمية، أول دفعة من أرصدتها المجمّدة وقيمتها اثني عشر مليار دولار، ويتوقّع أن تصل حتى نهاية الشهر الجاري إلى خمسين مليار، بينما حملت المعلومات الآتية من بغداد وقائع الاجتماعات التي عقدها رئيس الأركان الأميركي مارتن ديمبسي مع القادة السياسيين والعسكريين العراقيين، والتي لم تتضمّن هذه المرة توبيخاً وتأنيباً على معزوفة التباطؤ في تسليح العشائر ولا على مخاطر الاعتماد على الحشد الشعبي، بل كانت لغة ديمبسي مع المسؤولين العراقيين لافتة بتركيزها خلافاً للكلام الذي قاله كلّ من وزيري خارجية ودفاع أميركا عن حال العداء مع إيران، ورفض التعاون معها، دعوة رسمية للقادة العراقيين لتهيئة المناخات والأطر المناسبة لغرفة عمليات تدمج الجهود في مواجهة «داعش»، حيث لا مانع من الشراكة مع قادة الحشد الشعبي في غرفة عمليات واحدة، ولا مانع يحول دون مشاركة الخبراء الإيرانيين في هذه الغرفة.
بالتوازي مع هذه المسارات التي تعبّر عن روح تفاهمات فيينا، تسابقت أنشطة المبعوثين الأمميّين لقطف ثمار المناخات الإيجابية، حيث باشر المبعوث الخاص بسورية ستيفان دي ميستورا في طهران محادثاته مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حول سبل التحضير لعقد جولة جديدة من الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، تحت عنوان الحلّ السياسي، بينما اليمن ينتظر إعلاناً لموعد جديد للهدنة التي سبق أن أعلنها المبعوث الأممي لمرتين من دون أن تبصر النور.
تبدو العقبة السعودية في الواجهة تعترض طريق المهمّتين في سورية واليمن، والطريق السعودي نحو التصعيد لم يعد بحاجة إلى تحليل، مع خطاب سعودي يتواصل في الإعلان عن نية المواجهة مع إيران وحلفائها، وعن عزم على تجميع الحلفاء تحت هذا العنوان بعيداً عن لغة التسويات.
لبنان الذي يتحضّر ليكون إحدى ساحات الاختبار السعودي لهذه المواجهة مع الزيارة اللافتة لرئيس حزب القوات اللبنانية إلى السعودية وما رافقها، من لغة تصعيدية استهدفت حزب الله وسلاحه، وتحدثت عن السخونة الآتية، يترقب بعين مالحة تعكس القلق مما ستشهده الجلسة الحكومية تجاه مناقشات ساخنة لم تتبلور لها ملامح نتائج حول الآلية الحكومية، فيما عين مرة ترقب بمرارة مشهد النفايات التي تزكم روائحها الأنوف وباتت كارثة بيئية لا تحتمل الانتظار، وكيف ستتحوّل مناقشات الحكومة حولها إلى لعبة كرة قدم تتقاذف الاتهام بالمسؤولية من دون بلوغ الحلول، لتتهيأ النفوس لتقبّل التمديد المنقذ، كما كلّ مرة، وتبقى عين الحلوة بعيدة عن عين الحكومة فيما الغليان والتوتر يبشران هناك بما لا تحمد عقباه، بعدما تتالت مؤشرات أمنية عن تصعيد قادم وعن مخاطر انفجارات أمنية داخل المخيم ومن داخله نحو الخارج.
تقاعس وزير البيئة
بانتظار ما ستؤول اليه جلسة مجلس الوزراء غداً في ما يخص ملف النفايات، كثف وزير البيئة محمد المشنوق أمس من اجتماعاته علّه يخفف من وطأة تقاعسه عن تطبيق القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في شأن النفايات المتراكمة، والتي قد تتحول إلى جبال تغطي الشوارع في العاصمة وجبل لبنان، بعد أن أوقفت شركة «سوكلين» عمليات الجمع لعدم توافر المطامر منذ إقفال مداخل مطمر الناعمة الجمعة الماضي.
والتقى المشنوق أمس رئيس الحكومة تمام سلام وحضر اجتماعين للجنة البيئة النيابية ولمجلس الإنماء والإعمار، وأشار إلى تعذر وضع خطط استراتيجية الآن للمشكلة بل حلول آنية. ولفت إلى «أن شركة سوكلين تتابع جمع النفايات خارج إطار العقد الذي انتهى في 17 تموز»، مؤكداً «الرغبة الكاملة للتعاون مع كل البلديات، وإلى وجود 670 مكباً للردميات».
ونقل زوار رئيس الحكومة عنه «انزعاجه الشديد من الأجواء المصطنعة لتعطيل عمل الحكومة». وأشار زوار سلام إلى «أن الأجواء سلبية وأن الاتصالات التي شملت مكونات الحكومة لم تصل إلى نتيجة في الملفات العالقة على طاولة مجلس الوزراء لا سيما آلية عمل الحكومة، وبند التعيينات العسكرية وملف النفايات الذي يحمل أكثر من أبعاد بيئية».
وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«البناء» «أن جلسة مجلس الوزراء غداً مخصصة فقط للبحث في آلية عمل الحكومة»، مشيراً إلى «أن معالجة وضع النفايات من اختصاص وزير البيئة فهناك قرارات سبق لمجلس الوزراء أن اتخذها، وأخرى صدرت في حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2009».
من منح سلام حق النقض
وأكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون «أن إسقاط الحكومة ليس من ضمن الأهداف التي يعمل عليها في هذه المرحلة، وأن الأولوية لديه الآن هي للاعتراض من داخلها ولمواصلة التحرك في الشارع».
وكرر في حديث إلى وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء «إرنا» رفضه «طرح أي بند في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل قبل البحث في آلية اتخاذ القرار داخل الحكومة»، معتبراً «أن القضايا الحياتية مثل قضية النفايات سبق لمجلس الوزراء أن اتخذ القرار في شأنها، ويمكن للوزراء المختصين تطبيق هذه القرارات من دون الحاجة للعودة إلي مجلس الوزراء». وأكد عون رفضه «العودة إلى ما قبل الأزمة الحكومية الحالية»، معتبراً «أن القبول بما كان معتمداً من تهميش من رابع المستحيلات ولا يمكن العودة إليه، وأن المطلوب في هذه المرحلة تطبيق الطائف».
وسأل «التغيير والإصلاح» عقب اجتماعه، رئيس الحكومة تمام سلام من منحك حق النقض للمسيحيين الأربعة الأقوياء برئاسة الجمهورية»؟ مشيراً إلى «أن هناك قولاً للإمام علي يقول إن المحايد هو الذي لم ينصر الباطل إنما المؤكد أنه خذل الحق، فهل هذا ما نريده من رئيس لبنان»؟
وأكد النائب آلان عون لـ«البناء» أن جلسة مجلس الوزراء غداً «مخصصة للبحث في آلية عمل الحكومة، وعند الاتفاق عليها ينتقل الوزراء للبحث في البنود الأخرى». ولفت إلى «أن معالجة ملف النفايات يحتاج إلى تنفيذ وزارة البيئة القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء». ودعا عون إلى عدم استباق الأمور في ما يتعلق بالمساعي الجارية لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه بين الرئيس بري والعماد عون»، مشيراً إلى «أن قرار توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لم يتخذ بعد».
وأكدت كتلة المستقبل بعد اجتماعها الأسبوعي «أنّ معالجة موضوع النفايات من مسؤولية الحكومة بكل مكوناتها السياسية وليس مسؤولية مكون من دون آخر، لا سيما لجهة اعتماد المعالجات الصحيحة وفق خطة وطنية متكاملة. وطالبت «الحكومة باجتماع استثنائي فوري لبحث مشكلة النفايات».
حزب الله إلى المزيد من الانفتاح والحوار
ولفتت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» إلى «أن أجواء المساعي التي يقوم بها حزب الله بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون ايجابية، فهي أدت إلى وقف التصعيد المتبادل بين الطرفين، وتمهد للتعاون المشترك في مواضيع محددة»، متوقعة «الوصول إلى مخرج خلال الساعات المقبلة».
وأشارت المصادر إلى «أن المساعي تقوم على عقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث في آلية عمل الحكومة، ووضع ملف التعيينات جانباً ريثما تنضج تسوية ما حول هذا الملف»، مؤكدة «أن توقيع وزيري التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بو صعب مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، يتطلب الوصول إلى تفاهم حول بعض الملفات كملف النفط على سبيل المثال».
وشددت المصادر على «أن حزب الله راغب في الاستقرار لأن المعادلة التي يعمل عليها تقوم على تهدئة الوضع الداخلي للتفرغ إلى مواجهة الإرهاب التكفيري والإرهاب الإسرائيلي». ولفتت إلى «أن توقيع الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية سيلقي بظلاله الايجابية على المنطقة، وسيكون لبنان مستفيداً من هذا الاتفاق»، لافتة إلى «أن حزب الله سيتعاطى بمزيد من الانفتاح والحوار لحل الأزمات وإنجاز الاستحقاقات.
إطلالة لنصرالله الثلاثاء
ويتحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الثلاثاء المقبل في المؤتمر العالمي لاتحاد علماء المقاومة الذي يُعقد في بيروت في قصر الاونيسكو تحت عنوان «متحدون… من أجل فلسطين، زوال إسرائيل حتمية قرآنية وتاريخية». وسيتناول السيد نصرالله في كلمته الملف الفلسطيني وثوابت الحزب المعروفة إزاءه، وسيتطرق إلى الاتفاق النووي والتطورات في المنطقة ولبنان.
جنبلاط يعبّد الطريق أوروبياً أمام تيمور
وكانت لافتة أمس زيارة موفد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى السعودية التي عاد منها أمس رئيس حزب القوات سمير جعجع، مختتماً لقاءاته بولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع محمد بن سلمان في حضور وزير الخارجية عادل الجبير.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أنّ زيارة أبو فاعور تهدف إلى تقديم جنبلاط عروضاً إلى الرياض تغريها مقابل اعتماده وكيلاً لها في لبنان بدل جعجع، خصوصاً بعد أن عبّد الطريق أمام نجله تيمور أوروبياً».
ولفتت المصادر إلى «أنّ جنبلاط لا يحتمل أن يكون الوكيل السعودي في لبنان الدكتور جعجع، فالسعودية سحبت الرئيس سعد الحريري إلى الخطوط الخلفية، لأنّ المرحلة تتطلب ذلك، ولقطع الطريق على أي مواجهة مع التيار الوطني الحر».
المشنوق: حزب الله شريك في الوطن
ومن فرنسا، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد لقائه نظيره الفرنسي برنار كازنوف «أن استراتيجيته لمكافحة الإرهاب ترتكز على تأمين الاستقرار السياسي ومن خلال حماية الحكومة الحالية وتعزيزها وتشجيع الحوارات بين القوى السياسية مثل الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وتعزيز قدرات وتقنيات الأجهزة الأمنية». وأشار المشنوق إلى «ان حزب الله هو خصم سياسي وشريك في الوطن».