تركيا تدخل مسار التدهور الأمني على جبهتي «داعش» والأكراد مصر بلا خريطة طريق أمام الإرهاب… والجزائر تقود المواجهة

كتب المحرر السياسي :

تصدّر المشهد التركي المتسارع تداعيات التغييرات العاصفة التي تنتظرها المنطقة مع مرحلة ما بعد التفاهم حول الملف النووي الإيراني، فبعيداً عن التفسيرات الظرفية والموضعية لتفجير «داعش» داخل تركيا باستهداف تجمّع للأكراد قرب الحدود السورية كامتداد للحرب من عين العرب كوباني إلى تل أبيض بين الفريقين، وبعيداً عن ربط الردّ الذي استهدف فيه حزب العمال الكردستاني الشرطة التركية بقتل ضابطين من صفوفها محمّلاً الحكومة التركية مسؤولية التفجير، ربطاً بنتائج التعامل التركي مع معارك الحدود السورية من جهة ونتائج الانتخابات النيابية التركية ومكانة ودور الأكراد فيها من جهة مقابلة، بدا أنّ قرار «داعش» بالضرب داخل الأراضي التركية ومثله قرار حزب العمال الكردستاني بنسف الهدنة المعمول بها منذ ثلاثة أعوام مع الجيش والأمن في تركيا، حاصل تقويم وحسابات تتخطى مجرد ردّ الفعل، خصوصاً أنّ القرارين يفتتحان مراحل جديدة في رسم خريطة الأمن التركي المتجه بسببهما ومع ما ستقوم به الحكومة التركية في المواجهة، وحجم التعقيد الذي سيضيفه كلّ ذلك إلى مشهد سياسي نيابي حكومي مأزوم ومعقد أصلاً، لتضع تركيا على خط التدهور السريع، فيما بدا القرار الكردي وقرار «داعش»، تعبيراً عن رسم مسارات كيفية التعامل مع السياسات الأميركية، خصوصاً ما بعد التفاهم النووي، فـ«داعش» يريد إمساك أوراقه الأمنية علناً استعداداً لتوجه أميركي سيضع الحرب على الإرهاب أولوية، وستكون التقييدات المطلوبة من الحكومة التركية ركناً أساسياً فيها، والعملية رسالة وبداية مسار هنا بالتحرك علناً وبقوة داخل تركيا بلا ضوابط وكسر جرة الخطوط الحمر التي احترمها «داعش» منذ ولادته في التعامل مع الأمن التركي، وفي المقابل يقدم حزب العمال على قطع شعرة معاوية مع الحكومة وأجهزة الأمن التركية بما يبدو قراراً بالسير قدماً في رسم خريطة الانفصال في ضوء ما نتج من الحرب مع «داعش» في المناطق الحدودية التركية السورية بصورة يتقدّم أكراد تركيا حليفاً مستقلاً للغرب في هذه الحرب، ضمن معادلة الانفصال ثمناً.

جنباً إلى جنب مع المسار التركي المتعثر والسائر بقوة نحو التدهور، تتواصل مواجهات مصر المفتوحة مع التنظيمات الإرهابية لكن من دون خريطة طريق، وحيث تبدو الأمور وهي تتأرجح بين انتقال زمام المبادرة بالتناوب بين الدولة المصرية والتنظيمات الإرهابية. في المقابل، يبدو الرهان على الجزائر التي تدخل خط المواجهة المنظمة مع الإرهاب بخبرة سنوات طوال، لتكون هي خط الاشتباك القادر على تغيير وجهة النتائج التي تراوح في مكانها في بلدان شمال أفريقيا من ليبيا إلى تونس فمصر والمغرب.

في سورية والعراق تسير خطط المواجهة مع الإرهاب في شكل مضطرد نحو تحقيق المزيد من الإنجازات، ففي سورية تتقدّم إنجازات الزبداني المتسارعة، وفي العراق تفيد نتائج الحرب في الأنبار بوقائع مشابهة.

في لبنان يتزامن انعقاد مجلس الوزراء اليوم مع ترقب مصير الأزمة المتصلة بالبحث في الآلية الحكومية، وفقاً للتفاهم الذي أنهى خطر فرط عقد الحكومة قبل عطلة العيد، من دون أن تكون ثمة تفاهمات أو حلول وسط تمّت صياغتها، بسبب الربط الضمني بين الآلية وما ستؤول إليه قضية التعيينات الأمنية والعسكرية من جهة، والتضامن الذي يحظى به وزراء التيار الوطني الحرّ من حزب الله من جهة أخرى، بصورة جعلت الاتجاه نحو استنفاد المناقشة من دون بلوغ القرار، تفادياً لتكرار المواجهة، بحيث يتمّ التأجيل أسبوعاً آخر، فيما يتواصل ضغط قضية النفايات التي يتوقع أن يجري التطرّق إليها بصورة دردشة غير رسمية يكلف بموجبها وزير البيئة بإعداد مشاريع القرارات التي يقترح على مجلس الوزراء السير بها وتوزيعها على الوزراء قبل جلسة الخميس المقبل.

وبالتزامن مع متابعة الوضع الحكومي برزت حركة النائب وليد جنبلاط وبقي الغموض في الحراك الجنبلاطي بين باريس والرياض حيث حلّ ضيفاً على الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بينما أوفد وزيره وائل أبو فاعور إلى الرياض من دون أن يتضح ما إذا كانت هناك مبادرة ما يشتغل عليها أو مشروع رئاسي يقوم بتسويقه أو خلط لأوراق التحالفات يقوم باختباره، لترجح مصادر سياسية مطلعة أن يكون محور كلّ الحركة الجنبلاطية جزءاً من الاتجاه نحو التموضع مع متغيّرات ما بعد التفاهم النووي، حيث يتصرّف جنبلاط على أساس أنّ سياساته ورهاناته قد خابت ولم يعد ممكناً تعويم دوره، ويستعدّ جدياً للإسراع في إخلاء الساحة لنجله تيمور. ولذلك كانت زيارة باريس برفقة تيمور وتقديمه إلى الرئيس الفرنسي، وحيث العلاقات الشخصية متأزمة ولا تسمح باستقبال جنبلاط كالسعودية وروسيا يوفد أبو فاعور لترتيب زيارة لتيمور يرافقه فيها أبو فاعور بعد إنجاز الترتيبات.

لبنان يغرق في بحر من النفايات

لن يتراجع التيار الوطني الحر في جلسة مجلس الوزراء اليوم مدعوماً بحزب الله عن قراره بأن لا بحث في أي موضوع قبل حل آلية عمل الحكومة، ولن يقبل بطرح ملف النفايات قبل إيجاد حل للمقاربة الحكومية، لا سيما أن رئيس الحكومة تمام سلام تعهد في جلسة مجلس الوزراء السابقة بأنه لن يطرح أي بند من بنود جدول الأعمال قبل الاتفاق على الآلية.

وفيما غرق لبنان في بحر من النفايات، توقفت الاتصالات السياسية أمس من دون أن تصل إلى أي نتيجة مرجوة، ويبدو أن الأمور متجهة إلى أن تتخذ الحكومة قراراً موقتاً يتمثل بحرق النفايات في الشوارع، بانتظار أن يجري وزير البيئة محمد المشنوق إجراء المناقصات خلال فترة 15 يوماً.

التمديد لقهوجي وسلمان الأسبوع الأول من آب

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن ما يجري لعبة من تيار المستقبل ليفرض أمراً واقعاً على الحكومة وتحميل التيار الوطني الحر الأزمة البيئية، للعودة إلى الاجتماع المنتظم لمجلس الوزراء وتخطي مطالب العماد ميشال عون في الآلية الحكومية والتعيينات العسكرية بعد الصفقة التي أجراها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط للتمديد لمدير الأركان وليد سلمان الذي يعني تمديداً لقائد الجيش».

وعلمت «البناء» من مصادر عليمة «أن وزير الدفاع الوطني سمير مقبل سيوقع ما بين الأول والسابع من آب المقبل مرسوم التمديد لسلمان الذي تنتهي ولايته في 7 من آب المقبل، مترافقاً مع تأجيل تسريح قهوجي، لا سيما أن المكون المسيحي يعتبر أن عدم تأجيل التسريح وعدم تعيين قائد للجيش بعد انتهاء ولاية قهوجي، يعني أن قيادة الجيش ستؤول إلى الضابط الدرزي». ولفتت المصادر إلى «أن الرئيس الحريري لن يعطي العماد ميشال عون ورقة يستطيع أن يحركها طائفياً، لذلك فإن التمديد سيمر مزدوجاً لقهوجي وسلمان».

تهويل سلام بالاستقالة

وأكدت مصادر مطلعة في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن الحكومة باقية وأن لا مصلحة لأي مكون من مكوناتها أن «تطير»، مشيرة إلى «أن الحديث عن إسقاطها وتحويلها إلى تصريف أعمال لا يتعدى الكلام التهويلي». ولفتت المصادر إلى كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق من العاصمة الفرنسية التي يختتم زيارتها اليوم بلقاء وزير خارجيتها لوران فابيوس «أن هناك اتفاقاً بين تيار المستقبل وحزب الله على عدم تطيير الحكومة، مضيفاً: «استمرار الحكومة والحوار مع حزب الله إنجازان في هذه المرحلة».

وعشية الجلسة، شهدت السراي الحكومية حركة مكثفة، وحضر ملف النفايات بقوة في لقاءات رئيس الحكومة مع وزيري المال علي حسن خليل والسياحة ميشال فرعون ونواب بيروت.

وأكدت أوساط رئيس الحكومة لـ«البناء» «أن الاتصالات التي جرت لمعالجة الأزمة الحكومية لم تكن مجدية»، متوقعة «أن تكون الجلسة اليوم سلبية جداً وأن الرئيس سلام سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم اليوم». وشددت المصادر على «أن صبر رئيس الحكومة انتهى ويبدو أننا ذاهبون إلى الطريق المسدود، فالتيار الوطني الحر يريد الشيء ونقيضه في مجلس الوزراء والوضع لم يعد يحتمل، ولذلك لا نتوقع حلولاً للأزمات العالقة».

وقالت المصادر: «لنسلم جدلاً أن وزير البيئة تقاعس عن معالجة وضع النفايات، فهل تستقيل الحكومة من دورها ولا تلتفت إلى ما يجري»، مشيرة إلى «أن ما يطرحه الوطني الحر لا يمت إلى العقل السياسي بصلة، فهم لا يسمحون لمجلس الوزراء أن يجتمع ويستقبل أي عروض»، مشددة على «أن الحكومة إذا لم تدرس اليوم ملف النفايات فهي لا تستحق أن تبقى».

النفايات لتضييع البوصلة

واعتبرت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن تلويح الرئيس سلام بالاستقالة ليس إلا عامل ضغط جديد وابتزاز للعماد عون». وأكدت «أن طرح ملف النفايات في هذا التوقيت بالذات، يهدف إلى تضييع البوصلة عن مقاربة آلية العمل الحكومي، لأن حل أزمة النفايات يقع على عاتق وزير البيئة الذي أعطي الصلاحيات الواسعة ولم يحل الموضوع». وأضافت لقد تحدثنا عن الموضوع منذ نحو 10 سنوات وقدمنا اقتراحاً في لجنة البيئة يتعلق بفرز النفايات المنزلية لم يؤخذ به ووضع في الأدراج». وشددت المصادر على «أننا متمسكون بخيار الشارع إذا لم تنجح المساعي التي قام بها حزب الله، فنحن كل ما نطالب به هو الالتزام بالقانون وتطبيق الدستور».

«الكتائب»: لمحاسبة سوكلين

وقال رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل: «حان وقت المحاسبة الشعبية لشركة سوكلين التي تأخذ لبنان رهينة منذ أكثر من 20 عاماً ونحن لم نر النفايات في الطرقات إلا عند انتهاء العقد مع الشركة ليتبين أن الهدف هو الإبقاء على الوضع الذي كنا عليه وعلى السرقة الممنهجة لأموال البلديات».

وأشار وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» إلى «أن حزب الكتائب يرى ضرورة بحث ملف النفايات في جلسة مجلس الوزراء اليوم على رغم أنّ المجلس اتخذ قراراً لمعالجة النفايات الصلبة في جلسات سابقة إلا أن أهمية الموضوع تجعل من مناقشته أمراً ملحاً».

وذكر جريج بـ»أن وزراء حزب الكتائب كانوا قد قدموا بعض المقترحات التي تتضمن أن تقوم الدولة بتأمين المطامر إذا لم ينجح المتعهدون في ذلك، لم يتم اللجوء إليها بسبب وجود قوى سياسية معينة تعتاش من ملف النفايات»، مشيراً إلى «أن الصفقات دخلت في أزمة النفايات». ولفت جريج إلى «أننا سندعو في الجلسة اليوم لأن يكون الالتزام من قبل الشركات لمدة أكثر من عشر سنوات، على رغم أن دفتر الشروط لحظ سبع سنوات فقط قابلة للتمديد ثلاث سنوات إضافية».

وأوضح جريج «إن الحل لملف النفايات في بيروت يكون بطرح مناقصة جديدة للمدينة في مهلة 15 يوماً تتضمن تطمينات للعارض بأن مشكلة المطامر لن تقف حائلاً دون تنفيذ تعهداته إذا أسند التلزيم له، ودعا إلى معالجة الموضوع بموضوعية ووضع حد للتراكمات السلبية طيلة فترة من الزمن»، وإلى «معالجة مشكلة النفايات في المحافظات الست لا سيما أن خمساً منها حصلت فيها مناقصات لكن لم يكشف عن العروض».

لم يبق إلا القليل في الزبداني

في سياق آخر، سأل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد خلال احتفال تأبيني في بلدة الدوير ماذا فعلت الحكومات للتصدي للتكفيريين؟». ولفت إلى أن المقاومة أنجزت الكثير الكثير مما كان لا يتوهم أحد أن تنجزه في منطقة القلمون وسلسلتها الجبلية، موضحاً أنه بقي القليل القليل في الزبداني ستنهيه المقاومة قريباً.

ودعا رعد الشركاء في الوطن إلى أن يتنبهوا لمخاطر الخيارات التي هم عليها، سائلاً: «لماذا يعطلون مجلس النواب وهو أمّ المؤسسات الدستورية في هذا البلد؟ ألا يرون أن هذا التعطيل يرتد عكساً على تعطيل رئاسة الجمهورية حين يحين أوان انتخاب رئيسها»؟

وشدد قائد الجيش العماد جان قهوجي على «قرار الجيش الحازم في التصدي بكل قوة لأي محاولة لزعزعة الاستقرار». ولفت خلال تفقده الوحدات العسكرية المنتشرة في منطقة الزهراني، إلى «أن الاستقرار الأمني في لبنان لا يزال الأفضل في المنطقة قياساً على ما يجري من أحداث خطيرة في العديد من بلدانها»، كما دعا العسكريين إلى «مزيد من اليقظة والجاهزية لمواجهة مختلف الأخطار والتحديات المرتقبة».

إلى ذلك، لا يزال ملف العسكريين المختطفين محط ابتزاز الجهات الإرهابية الخاطفة. وأشارت المعلومات إلى «أن من يعطل عملية إطلاق سراح العسكريين المختطفين لدى جبهة النصرة هو أمير جبهة النصرة أبو مالك التلة بسبب فرضه شروطاً بتجزئة عملية إطلاق سراحهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى