مشكلة النفايات تتفاعل وروائحها تدخل مجلس الوزراء اليوم «سوكلين» تتبرأ من المسؤولية ومطامر المناطق مقفلة
لا تزال مشكلة تراكم النفايات وروائحها في العاصمة وبعض الجبل، تتفاعل صحياً وبيئياً وسياسياً من دون أي تحرك جدي لمعالجتها بانتظار ما سيصدر عن مجلس الوزراء في جلسته اليوم، هذا إن طرح الموضوع في ظل الخلاف المستفحل حول آلية عمل الحكومة من جهة وتمسك تكتل التغيير والإصلاح برفض طرح أي بند في الجلسة قبل حلّ ملف التعيينات الأمنية.
وعشية الجلسة التقى رئيس الحكومة تمام سلام في السراي، وفداً من نواب بيروت ضم: عمار حوري، سيبوه كالبكيان، عماد الحوت، عاطف مجدلاني، هاني قبيسي، محمد قباني، في حضور وزير البيئة محمد المشنوق ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج.
بعد اللقاء أوضح قباني أن البحث تناول موضوع النفايات الذي «يحتاج الى تعاون وطني ومحلي ايضاً، اي انه يحتاج الى تعاون بين الحكومة كسلطة مركزية والبلديات كسلطات مناطقية»، مشيراً إلى «أن مجلس الوزراء منذ نحو 8 أو 9 أشهر كان سبق أن اتخذ قراراً منطقياً بأن تكون لبيروت مكبات للنفايات خارج بيروت الإدارية لأن الأمر الطبيعي هو هذا، فبيروت لا تستطيع أن تطمر النفايات في شوارعها أو في ساحاتها الآهلة بالأبنية والسكان».
وأضاف: «بيروت استقبلت وفتحت قلبها لكل اللبنانيين على مدى عشرات السنين، وسكنوا فيها، وأكثر من نصف سكانها هم من خارجها. تعلموا في جامعاتها واستشفوا في مستشفياتها، ولا فضل لها في ذلك لأنها العاصمة وتفتح قلبها للجميع. لكننا في المقابل نقول إننا نتوقع ان نقابل بالإيجابية نفسها، أي أن تتقبل سائر المناطق والأقضية والقرى أن بيروت لا تستطيع ان تعالج مشكلة نفاياتها داخل بيروت الإدارية».
وقال: «بألم، نسمع تصاعد لهجة مناطقية عصبية في غير موقعها، نسمع من هنا وهناك وهنالك الآتي: نرفض ان نستقبل اي نفايات من خارج هذا القضاء. وبعد ذلك ربما سنسمع داخل القضاء: لا نقبل ان نستقبل نفاياتنا في هذه القرية فليذهب أصحابها الى قرية اخرى، هذا المنطق خطير، ومع الاسف الشديد قد يؤدي بلبنان كما سبق أن سميناها إلى «فيديرالية النفايات» التي إذا ستمرت هكذا فستذهب بلبنان».
وتابع: «هناك موقف جدي للرئيس سلام ولوزير البيئة محمد المشنوق ولوزير التنمية الإدارية نبيل دو فريج الذين يحاولون وضع ثقل الحكومة كقرار مركزي في عملية إكمال الكنس والنقل، ولكن نحن لا نستطيع ان نتعاون مع المناطق بالنسبة الى الردم والطمر، وهذا أمر لا بد منه».
والتقى سلام أيضا وزير السياحة ميشال فرعون الذي أشار إلى «أن أزمة النفايات التي تؤثر على الموسم السياحي»، وقال :»الموضوع لا يحمل مزايدات إضافية، علينا إيجاد حل لأزمة النفايات بعدما تأخرنا لثلاث سنوات، وانا كنت داخل الحكومة، والموضوع كان مطروحاً منذ ثلاث سنوات ولم نصل الى نتيجة، واليوم هذه الحكومة تأخرت ستة أشهر وهذا الموضوع في الحقيقة يسقط حكومات، ولكن المشكلة الأكبر أن تسقط هذه الحكومة أو أن تتوقف عن عملها».
سوكلين
ووسط تقاذف المسؤوليات حول أزمة النفايات، تبرأت شركة «سوكلين» من هذا الأمر، إذ أكد رئيس مجلس إدارة الشركة ميسرة سكّر أن الشركة «نفذت العقد الموقع مع مجلس الإنماء والإعمار في لبنان أي مع الدولة لتنتهي مسؤوليتها عند هذا الحد، رافضا تحميل «سوكلين» مسؤولية عدم إنجاز مناقصة بيروت وتالياً الازمة التي افضى اليها ملف النفايات».
وقال سكّر لـArab Economic News «»: «إن الدولة هي المسؤولة وفق العقد عن إيجاد المطمر لنفايات بيروت، وبالتالي، ليست هذه مسؤولية «سوكلين».
من جهتها، أكدت الهيئة الادارية لـ«رابطة ابناء دار الحكمة» بعد اجتماعها في مركزها في عبيه، أن «إقفال المطمر نهائي ولا رجوع عنه لأي سبب من الاسباب»، منبهة الى «أن أية محاولة للتمديد ولو الجزئي للمطمر ستواجه من قبل أحزاب المنطقة وبلدياتها وروابطها التي تقف صفاً واحداً في مواجهة محاولات الالتفاف والتدليس التي يقوم بها بعض الأشخاص لتسويق تمديد ما لعمل المطمر». كذلك رفضت اتحادات وبلديات عكار في بيان، إرسال اية كمية من النفايات مهما كان حجمها الى المنطقة.
وانتقلت أزمة النفايات إلى النبطية حيث نفذ أهالي بلدة الكفور اعتصاماً على الطريق المؤدي الى مكب النفايات في بلدتهم والذي يستخدمه اتحاد بلديات الشقيف في تصريف النفايات من بلديات الاتحاد، وأكد الأهالي «أن اعتصامهم مفتوح لاقفال المكب نهائيا، بعدما تحول الى مصدر للأمراض».
اقتراحات سياسية للحلّ
إلى ذلك، اعتبر الرئيس ميشال سليمان، في اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة تمام سلام أن محاولة رمي «القنبلة البيئية» من منطقة إلى أخرى ومن مطمر إلى آخر، ستضاعف المشكلة من دون أن تؤمن الحل المطلوب «، مشيراً إلى أن هذا ما سمعه أيضا من وفد اتحاد بلديات جبيل الذي زاره للغاية عينها، ومن رؤساء بلديات ينتمون إلى مختلف المناطق اللبنانية.
وأكد سليمان «وجود حلول بيئية لانهاء هذا الملف، تعتمد على عمليات الفرز والتدوير واستعمال ما يمكن استعماله، وهذه الحلول موجودة ويمكن بحثها بين جميع المعنيين».
وأشار رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في تغريدة له على «تويتر» تعليقا على أزمة النفايات، إلى «أن السياسيين لديهم مشكلة مع أيّ حلّ ولكن ليس لديهم حلّ لأي مشكلة».
من جهته، اقترح رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل أن تتسلم الدولة ملف النفايات في شكل مباشر وموقت وتحدد نسبة الطمر وتشرف مباشرة على عمل الشركات، وهاجم شركة «سوكلين» رابطا بين التمديد لعملها وأزمة النفايات وقال: «حان وقت المحاسبة الشعبية لهذه الشركة التي تأخذ لبنان رهينة منذ أكثر من 20 عاماً ونحن لم نر النفايات في الطرق إلا عند انتهاء العقد مع الشركة ليتبين أن الهدف هو الإبقاء على الوضع الذي كنا عليه وعلى السرقة الممنهجة لأموال البلديات»، لافتا إلى أن هناك «مافيا مستفيدة من ملف النفايات تحقق أرباحاً على حساب اللبنانيين».
واعتبر النائب ياسين جابر في تصريح «أن الحل المنطقي لمشكلة النفايات التي تعاني منها مدينة النبطية والبلدات والقرى المحيطة بها، هو الاسراع بتشغيل معمل فرز النفايات المخصص لمنطقة النبطية والذي بذلنا كنواب للمنطقة جهوداً كبيرة لإنجازه، حيث تم تخصيص عقار له وتولى الاتحاد الاوروبي بناءه».
ودعا الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي النائب السابق فيصل الداود في بيان، إلى فتح ملف النفايات منذ ان تولت شركة «سوكلين» جمعها، مطالبا بـ»إعادة موضوع النفايات إلى البلديات واتحاداتها لاستعادة دورها، وأن تقوم هي باستحداث مطامر وإقامة مصانع لمعالجة النفايات والاستفادة منها».
وسأل الأمين العام لـ«التيار الأسعدي» معن الأسعد في تصريح: «كيف يمكن الدولة والقوى السياسية أن تحل أزمات لبنان الكثيرة والمعقدة وهي العاجزة عن حل ازمة النفايات المزمنة؟»، معتبراً «أن إغراق لبنان بالنفايات ليس بريئاً أو عفوياً، بل هو مخطط مدروس من السلطة لابتزاز الشعب اللبناني والضغط عليه لإلهائه بموضوع البيئة والتلوث والخطر الذي يهدد صحته»،
وطالب الأسعد «بفتح تحقيقات قضائية في العقود المبرمة والمتوقعة وفي ملفات النفايات والخليوي وأوجيرو وصناديق المجالس وغيرها الكثير من ملفات الفساد والهدر وسلب المواطنين حقوقهم».
وختم محذرا من «انفجار اجتماعي في مواجهة من يبني الثروات ويسرق حق المواطنين في الحياة الحرة والكريمة، ومن يغتصب مواقع السلطة ومنافعها من أجل الأزلام والمحاسيب والأتباع».