مزامير كارتر قُرئت في اليمن…
سعد الله الخليل
وفي ليلة زرع الطمأنينة الأميركية في نفوس الحلفاء المتعبة، وحيث هلّ هلال مرسال البيت الأبيض قمر البنتاغون الجميل في سماء مملكة آل سعود، وما إن وطأت قدما وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر الأرض السعودية للقاء العاهل السعودي، حتى بدأ قطاف ثمار جولة كارتر في أراضي اليمن السعيد ودشّنت الرياض مطار عدن الدولي بطائرة مساعدات من العيار الثقيل، كباكورة برنامج المساعدات الشامل والسريع للمدينة التي حوّلتها الطائرات السعودية إلى حطامز
ويبدو أنّ طائرة الملك السعودي لن تحمل لأهالي المدينة الحالمين ببعض المساعدات الإنسانية، إلا المزيد من الدمار عبر حمولتها من الأسلحة لأتباع السعودية وواشنطن، أدوات التحالف السعودي على الأرض اليمنية والتي باتت واضحة تركيبتهم من متشدّدين يمنيين وعناصر تنظيم «القاعدة» ممن حملوا راية رئيس فار فاقد للشرعية، وشعار مقاومة شعبية لا يملكون أدنى مقوماتها، وقد قرّرت الرياض تطعيمهم بخيرة متشدّديها فأطلقت سراح 63 ممن تصفهم بأصحاب «الأفكار المتطرفة» بعد تأهيلهم وتدريبهم ليلتحقوا بمقاتلي القاعدة كترجمة للسعي الأميركي ـ السعودي إلى الحلّ السياسي السلمي للأزمة في اليمن.
مساعدات آل سعود لليمنيين لم تقتصر على الجو، فالمملكة المشهود لها بالكفّ السخي المعطاء للشعوب العربية، آثرت وأصرت على مدّ يد العون لأشقائها عبر البحر فكانت هبتها سفينة مساعدات محملة بآليات ومدرعات عسكرية وأسلحة أمريكية متطورة ونوعية لتؤكد حرصها على تأمين رغد العيش لأبناء اليمن، وإن أريقت دماء بضعة عشرات الآلاف منهم، لا مانع، فلشرعية هادي الحمراء باب بكلّ يد يمنية مضرجة يجب أن يدق، ولا بدّ أن تظهر بصمات آل سعود التحرّرية على المشهد اليمني بمباركة أميركية. هكذا يقول التاريخ، قديمه وحديثه، فحيث حلّ المال والفكر السعوديين والعقل الأميركي كان الدم والدمار سيد المشهد، ومن لا تسعفه الذاكرة فليبحث عنها في صفحات حرب صدام حسين ضدّ إيران وغزوه الكويت وحرب أفغانستان واحتلال العراق وربيع العربان على امتداد الوطن من محيطه إلى خليجه، وصولاً إلى زمن «النصرة» و«داعش» و«خراسان»، وما سيحمله مقبل الأيام من تنظيمات وفرق تكفيرية المظهر، أو معتدلة القامة وفق المقاس الأميركي.
يبدو أنّ داء الزهايمر فعل فعله في كارتر، بعد أن انتقلت إليه العدوى من صديقه السعودي، ففهما صرخات الأمم المتحدة التحذيرية مما وصفته «عسكرة الصراع في اليمن» بالمقلوب، فوصلت إليهم استغاثة 21 مليون يمني، بأنهم يطلبون مساعدات عسكرية لا إنسانية عاجلة، فدبت النخوة العربية في نفوس «النشامة» ودقوا على صدورهم، فكان ما كان ووصلت المساعدات بحراً وجواً بانتظار ما يتيسر عبر البر، كرمى لعيون أهل اليمن.
وصلت رسائل سيد البيت الأبيض الأميركي الحقيقية للشعب اليمني وما حملته حمامة سلامه إلى المنطقة، تُرجم إعلاناً ملموس النتائج في الرياض. أما ما خرج إلى العلن فلا يعدو كونه لغواً لا يحمل طعماً ولا لوناً في السياسة. فما الذي أضافته تصريحات كارتر في الرياض؟ وهل يستحق الإعلان عن زيارة ملك الرمال إلى واشنطن أو تأييده ونجله لاتفاق فينا النووي، حضور كارتر بجلالة قدره إلى الرياض، وكأنّ الاتفاق وقرار مجلس الأمن يشترط الموافقة السعودية ليصبح ساري المفعول؟
من الرياض تلا كارتر مزاميره فكان الصوت والصدى في اليمن السعيد قتلاً وتدميراً، وبانتظار ما ستحمله زيارته للعراق الجريح من نغمات تعزفها جوقة البيت الأبيض المنتشرة في بلاد المشرق والمغرب.
«توب نيوز»