3 حزيران و14 آب ـ الامتحانات والسلسلة ـ تسوية الصلاحيات ـ حكومة فلسطينية
ناصر قنديل
ينتظر السوريون الثالث من حزيران كما انتظر اللبنانيون والجنوبيون بصورة خاصة يوم الرابع عشر من آب، ففي اليومين تجتمع الانتصارات التي تحققها القوة العسكرية والتضحيات وتتوّجها حالة الزحف الشعبي التي تقول الكلمة الفصل، لم تكن لدى قوى الحرب في تموز 2006، وهي بقواها العربية والدولية ذات قوى حلف الحرب على سورية، مشكلة أن ترى المقاومة تحتفظ بنصرها العسكري وتعجز عن ترجمته بالزحف الشعبي للعائدين إلى بيوتهم وسط الدمار والجسور المهدّمة والطرق المفخخة والقنابل العنقودية المنتشرة في كلّ مكان، ليقولوا فقط إنّ هذه المقاومة تمثلهم وليفهِموا العالم أنّ المقاومين هم الشعب وروحه ونبض إرادته، فقد كانت غونداليسا رايس تفاوض على موعد عودة النازحين إلى الجنوب عندما يكتمل انتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية، ليعزل الشعب عن المقاومة، وكان الزحف البشري ليقلب المعادلة. كذلك اليوم سيخرج السوريون ليقولوا للعالم كله إنّ صمود الرئيس بشار الأسد وقتال وتضحيات الجيش العربي السوري، كانت تعبيراً عن مشيئة سوريّة جامعة سيترجمها السوريون زحفاً إلى صناديق الاقتراع، وهم يدركون أنّ عيون العالم عليهم لمعرفة درجة ما أثرته الحرب في عزيمتهم وقدرتهم على الصمود فيكملوا الحرب إنْ رأوا وهناً، ويعلنوا يأسهم بما يشهدون من عزم وعزيمة.
لا يستقيم منطق البحث عن حلول للامتحانات الرسمية خارج الضغط لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، لأنّ أيّ حل سينطلق من مبرّر الحرص على الطلاب ومستقبلهم الدراسي من وراء ظهر الهيئات التعليمية وإضرابها، سيعني مدداً للفريق الذي لا يريد تلبية المطالب المتصلة بالسلسلة، وتنفيساً للاحتقان الناتج من الاشتباك حول السلسلة، ووزارة التربية ليست مسؤولة عن تعطيل الامتحانات إذا كانت الطبقة السياسية تتهرّب من تلبية مطالب المعلمين، بل المجلس النيابي والحكومة معاً من يتحمّل المسؤولية، خصوصاً القوى السياسية المتورّطة بموقف رافض لإقرار السلسلة، والحلول البرانية تريح هؤلاء وتخفف الضغط عنهم وتجعل إقرار السلسلة أبعد.
التسوية التي يبدو أنها ستحكم توزيع الصلاحيات بين رئيس الحكومة والحكومة، في التوقيع على المراسيم بعدما تولت الحكومة مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية تمنح الحكومة فرصة الاستقرار مدة أطول في إدارة الفراغ، لأنها امتصت الاحتقان الطائفي الذي تولد من محاولة وضع اليد على صلاحيات رئيس الجمهورية لحساب رئيس الحكومة، بما يعني أنّ الاستعداد للفراغ الطويل يقتضي التراجع.
الحكومة الفلسطينية الموحدة التي تشكلت بحصيلة المصالحة الوطنية، تشكل رداً على فشلين متوازييْن، فشل رهان السلطة الفلسطينية على المفاوضات وعقم الرهان، وفشل رهان حركة حماس على الخيار الإخواني وتوليه السلطة، وقد ظهر كرهان خاسر، وبدلاً من أن يجمع الفريقان أوراق الدعم والاستقواء على بعضيهما قرّرا الاستقواء ببعضيهما على المجهول المعلوم، الذي يستهدف فلسطين وقضيتها، فكانت الخطوة إلى الأمام، ومهما ترتب عليها تبقى أفضل من وصفة الانقسام.