زيارة أمير الكويت لطهران… تداعيات مزدوجة

حميدي العبدالله

الزيارة التي قام بها أمير الكويت إلى إيران، وهي الأولى للمسؤول الأول في دولة الكويت، تتمّ بعد توتر ساد العلاقات الإيرانية – الكويتية منذ انتصار الثورة الإيرانية. فمن المعروف أنّ الكويت كانت المموّل الأساسي للحرب التي شنّها العراق ضدّ الجمهورية الإسلامية، والتي استمرّت نحو عقد كامل هو عقد الثمانينات، وتأثرت العلاقات بين البلدين من جراء هذا الموقف. ومنذ ذلك الحين، ورغم أنّ العلاقات لم تشهد قطيعة كاملة، إلاّ أنها كانت تختلف عن العلاقات التي نشأت بين إيران وبعض دول الخليج الأخرى، لا سيما عُمان وقطر وحتى السعودية، علماً أنه عرف عن دولة الكويت أنها تحبّذ السياسات البراغماتية في علاقاتها الخارجية. ومنذ استعادة الكويت بعد غزو العراق لها مطلع عقد التسعينات، خسرت الكويت الكثير من استقلالية قرارها الذي تميّزت به سابقاً نتيجة الوجود الكثيف للقوات الأميركية التي ساهمت في إخراج القوات العراقية من هناك، لكن يبدو أن تغيير الولايات المتحدة سياساتها حيال إيران، وتغليب نهج التفاوض والحوار على نهج التصادم والمواجهة، أتاح هامشاً جديداً أمام السلطات الكويتية للعودة إلى السياسات البراغماتية، على الأقل حيال إيران، على عكس المملكة السعودية التي لا تزال تصرّ على اعتماد سياسة المواجهة والتصعيد مع إيران. بل أكثر من ذلك عبّرت السعودية عن غضب شديد من السياسة الأميركية الجديدة القائمة على مبدأ الحوار وصولاً إلى تفاهمات مع إيران وبخاصة حول ملفها النووي، إذ جرى التعبير عن هذه السياسة بالاتفاق المرحلي الذي وقّع بين إيران و 5+1 والذي قد يتحول إلى اتفاق نهائي في الأشهر القليلة المقبلة.

زيارة أمير الكويت إلى طهران في هذا التوقيت، وتبعاً لبعض التقارير والمعلومات التي سربت حول جدول أعمال المباحثات بين أمير الكويت والوفد المرافق لـه والمسؤولين الإيرانيين، ستكون لها تداعيات مزدوجة، فهي تشير من ناحية إلى تحسّن كبير في العلاقات الإيرانية- الكويتية يتوقع أن يترسخ أكثر في المستقبل، لا سيما إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي بين إيران والولايات المتحدة حول ملف إيران النووي، وتكرّس نهائياًَ نهج التفاوض بديلاً من نهج المواجهة المفتوحة والتصانيف المتطرفة مثل محور الشرّ، إلخ… ومن ناحية أخرى، تهدف زيارة أمير الكويت أيضاً إلى القيام بوساطة بين إيران والمملكة السعودية كون الكويت تستطيع الآن التحدث إلى الجانبين لتقريب وجهات النظر بينهما، ومثل سلطنة عمان، لا يمكن للكويت القيام بمثل هذه المساعي لو لم تكن تحظ برضىً أو قبول وحتى دعم أميركي لهذه المساعي.

بمعزل عن النتائج التي سوف تسفر عنها جهود أمير الكويت في طهران لناحية تقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية، فإن مجرد القيام بهذه الزيارة يبعث برسالة قوية إلى المسؤولين في المملكة السعودية تفيد بأن سياسة المواجهة مع إيران لم تعد متمتعة بمباركة خليجية، وإصرار السعودية عليها يعني أنها سوف تخوض هذه المعركة منفردة، والأرجح أن مثل هذه النتيجة سيكون لها تأثير ملحوظ في مستقبل العلاقات الإيرانية السعودية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى