في 3 حزيران… «سوا» نعمّر سورية
عبدالله خالد
شكلت المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية السورية التي أجريت في الخارج في 28 أيار فرصة حقيقية لإبراز مستوى الإنقلاب في موازين القوى لمصلحة الدولة والنظام، بعد أربع سنوات من الحرب الكونية التي استقدم إليها الإرهابيون التكفيريون من أصقاع الدنيا للمشاركة فيها وتدمير سورية وإسقاط نظامها السياسي وتغييب دورها ووظيفتها كدولة مقاومة تقود النضال لاستعادة الأرض والحقوق والثروات القومية والوقوف في وجه المخططات الأميركية- الصهيونية، الهادفة إلى جعل سيادتها شكلية واستقلالها منقوصاً وإرادتها الوطنية مغيبة. وكانت غالبية الدول المعادية لسورية التي شعرت بفاعلية الحراك الشعبي السوري في الخارج للمشاركة في التحضير للانتخابات الرئاسية منعت إجراءها في السفارات السورية للحيلولة دون إظهار مدى تضامن الشعب مع دولته وجيشه ودعمه تجديد البيعة للرئيس بشار الأسد.
وبذلك اقتصرت المشاركة الشعبية على تسع عشرة دولة، في مقدمها لبنان حيث كانت المفاجأة كاملة بعدما كان الإعلام المغرض نجح في الإيحاء بأن النازحين السوريين المتواجدين في لبنان معادون لدولتهم ولنظامها وراغبون في إسقاط الرئيس الأسد، ما يستوجب بقاءهم في لبنان لحمايتهم من ظلم النظام. وكان الرد صاعقاً من خلال الزحف الشعبي السوري من المناطق اللبنانية كافة وتجاوز 200 ألف مواطن اضطر معظم إلى السير لساعات على الأقدام للوصول إلى السفارة السورية في اليرزة والمشاركة في الانتخابات. وإذا كانت المفاجأة العامل الأبرز لدى المتحالفين مع سورية الدولة والموقع والوظيفة والدور، إلاّ أن الصدمة المقترنة بالإحباط سيطرت على المعادين لسورية والمناهضين لدورها العربي المقاوم، هم الذين توهموا أن كل من خرج من سورية هو من المعادين لنظامها والمطالبين بإسقاط الرئيس الأسد، وأنه يمكن إشراكه في جميع المخططات التي تستهدف سورية وصولاً إلى تدميرها وتجزئتها.
انطلقت المسيرات الشعبية السورية من سائر المحافظات في اتجاه السفارة في اليرزة. وكان الطابع الغالب عليها أن المشاركين فيها من العناصر الشابة، وسرعان ما تحوّلت إلى مهرجان سياسي متنقّل يدعم وحدة سورية ويشجب الحرب الكونية الإرهابية عليها ويجدد البيعة للرئيس بشار الأسد.
وشكل هذا الأمر تحوّلاً حقيقياً في الموقف الشعبي بعد الصمود البطولي للجيش العربي السوري والالتفاف الجماهيري حوله والقيادة الاستثنائية للمعركة من قبل الرئيس الأسد. وترافق ذلك مع تراجع المخطط الأميركي- الصهيوني الذي فشل في تحقيق أهدافه والذي يسعى إلى العودة للمنطقة بأسلوب جديد. وكان طبيعياً أن يقلق المراهنون على انهيار الدولة والنظام في سورية من تنامي السونامي الشعبي الذي شهدته المناطق اللبنانية دعماً للرئيس بشار الأسد والذي امتد إلى الأردن وباقي عواصم العالم. وسرعان ما شجع هذا التحوّل على امتداد عدوى المصالحات التي تمّت في حمص ومناطق سورية عديدة إلى النازحن السوريين الموجودين في لبنان بدأت بمساع يقوم بها وجهاء عرسال لتحقيق مصالحة بين جزء من السوريين الموجودين في محيطها مع النظام في سورية، بعدما اقتنع هؤلاء بأن النظام لن يسقط.
وهذا يفسر حالة التوتر التي سادت المراهنين من ذاك السقوط التي أفقدتهم أعصابهم إذ اكتشفوا أنهم يبنون قصوراً على الرمال وأن أحلامهم لن تتحقق، علماً أن ما حصل في 28 أيار لا يخرج على كونه مجرد مشروع «بروفة» للمشهد الذي سيقدمه أبطال سورية اليوم والذي سيؤكدون فيه إجهاضهم المؤامرة وانتصارهم على الحرب الكونية التي شنّت عليهم وتحويل أرضهم الطاهرة إلى مقبرة للإرهابين التكفيريين المرتزقة الذين دنّسوا تراب بلاد الشام بفضل وحدتهم وتماسك جيشهم وشجاعة قائدهم الرئيس بشار الأسد.
إن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو الآتي: ترى ماذا يحصل للمشروع الغربي مع تمدد خيار العروبة المقاومة الذي تجسده سورية بقيادة الرئيس الأسد الذي يستعدّ لبدء مرحلة جديدة من النضال يحمل فيها راية تحرير الأرض واستعادة الحقوق وبناء المجتمع العربي المدني الديمقراطي المقاوم، بعدما أطلق شعار «سوا منعمّرها»؟
عضو الأمانة العامة للحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي