الأسد: أولويتنا وقف الحرب ونحن في مرحلة مصيرية والمعركة معركة محور متكامل
أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن بلاده هي الآن في مرحلة مصيرية وليست هناك حلول وسط، مشيراً إلى أن رفع وتيرة الإرهاب على الأرض يهدف إلى دفع السوريين للقبول بما يفرض عليهم من خيارات أو استكمال تدمير سورية.
الأسد الذي تحدث خلال لقائه رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف التجارة والزراعة والصناعة والسياحة، أكد أن أي طرح سياسي لا يستند في جوهره إلى القضاء على الإرهاب لا معنى له ولا فرصة له ليرى النور، مضيفاً أن «لا خيار أمامنا سوى الاستمرار في مكافحة الإرهاب… فلا سياسة ولا اقتصاد ولا ثقافة ولا أمان ولا أخلاق حيث يحلّ الإرهاب».
وقال الأسد: «إن الرابط بين من يسمون أنفسهم بالمعارضة الخارجية والإرهابيين قوي ومتين، فالطرفان يمولهما ويديرهما وينسق بينهما سيد واحد يهدف إلى ابتزاز السوريين من خلال المسارين الإرهابي والسياسي لتحويل سورية إلى تابع» مذكراً بمبادرات الدولة السورية السياسية منذ بدء الأزمة وانفتاحها على الحوار الهادف إلى إنهاء الأزمة في البلاد».
الرئيس السوري لفت إلى أن ازدياد عدد الملتحقين بالجيش خلال الأشهر الأخيرة، مضيفاً أنهم «يحاولون تركيع حلب بالهجوم المباشر والقذائف وقطع المياه عن سكانها». وقال: «إن الهزيمة غير موجودة في قاموس الجيش العربي السوري»، مشيراً إلى أن سورية «خاضت بالتوازي مع الحرب العسكرية حرباً إعلامية تهدف إلى ترسيخ فكرة سورية المقسمة»، مؤكداً أن حصة كل سوري هي سورية الواحدة الموحدة الفخورة بأطيافها».
الأسد شكر كل الدول التي وقفت إلى جانب سورية ولا سيما إيران التي أكد أنها ساهمت في صمود الشعب السوري، وقدمت الدعم بخبراتها العسكرية. كذلك وجه الشكر إلى المقاومة اللبنانية التي قاتلت إلى جانب الجيش السوري.
وإذ دعا إلى عدم التعويل على التحولات في الغرب، أكد أن وقف الحرب في بلاده أولوية لدمشق، واعتبر أن تعامل الغرب مع الإرهاب ما زال يتسم بالنفاق.
وأضاف أن «الإرهاب فكر مريض وعقيدة منحرفة وممارسة شاذة نشأت وكبرت في بيئات أساسها الجهل والتخلف، إضافة إلى سلب حقوق الشعوب واستحقارها ولا يخفى على أحد أن الاستعمار هو من أسس لكل هذه العوامل ورسخها وما زال».
وتابع أن «من يريد مكافحة الإرهاب فإنما بالسياسات العاقلة الواقعية المبنية على العدل واحترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها واستعادة حقوقها المبنية على نشر المعرفة ومكافحة الجهل وتحسين الاقتصاد وتوعية المجتمع وتطويره».
واتهم الأسد تعامل الغرب مع الإرهاب بأنه «ما زال يتسم بالنفاق فهو إرهاب عندما يصيبهم وثورة وحرية وديمقراطية وحقوق إنسان عندما يصيبنا. التبدلات الغربية لا يعوّل عليها طالما أن المعايير مزدوجة».
واستطرد الرئيس السوري قائلاً: «لم نعتمد إلا على أنفسنا منذ اليوم الأول وأملنا الخير فقط من الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري»، معتبراً أن «روسيا شكلت مع الصين صمام الأمان الذي منع تحويل مجلس الأمن إلى أداة تهديد للشعوب ومنصة للعدوان على الدول وبخاصة سورية».
وفي ما يخص مبادرات التسوية، أكد الأسد أنه «كان نهجنا وما زال هو التجاوب مع كل مبادرة تأتينا بغض النظر عن النوايا فدماء السوريين فوق أي اعتبار ووقف الحرب له الأولوية».
وأعرب الرئيس السوري عن شكره لإيران على دعمها، مؤكداً أنها قدمت لبلاده دعماً بالخبرات العسكرية، واعتبر أن ما قدمته الأخيرة جاء» انطلاقاً من أن المعركة ليست معركة دولة أو حكومة أو رئيس بل معركة محور متكامل لا يمثل دولاً بمقدار ما يمثل منهجاً من الاستقلالية والكرامة ومصلحة الشعوب واستقرار الأوطان».
كما شكر الأسد حزب الله اللبناني على اصطفافه إلى جانب الجيش السوري، وقال: «إخوتنا الأوفياء في المقاومة اللبنانية امتزجت دماؤهم بدماء إخوانهم في الجيش، وكان لهم دورهم المهم وأداؤهم الفعال والنوعي مع الجيش في تحقيق إنجازات».
كما تطرق الأسد إلى وضع الاقتصاد السوري قائلاً إن «مؤسسات الدولة مستمرة بالقيام بعملها ولو بالحدود الدنيا ببعض الحالات، فنحن في حرب وفي الحروب تتوقف الحياة تماماً وتنقطع مقومات العيش».
واعتبر أن «أكثر القطاعات الواعدة في مثل ظروفنا هو قطاع الإعمار وقد صدر القانون الذي يفتح المجال واسعاً أمام هذا القطاع ووضعت المخططات التنظيمية لأولى هذه المناطق في دمشق».
ونوه كذلك إلى أن «هناك جنوداً مجهولين عمالاً ومهندسين وأطباء وحرفيين وكثيرين غيرهم من كل القطاعات، يصلون الليل بالنهار ويعملون في ظروف اقتربت أحياناً من ظروف القتال من أجل تأمين مستلزمات الحياة».
كما قال إن «هناك فرقاً كبيراً بين المعارضة الخارجية المنتجة في الخارج والمؤتمرة بأمره والمعارضة الداخلية التي تشترك معنا للخروج من الأزمة وزيادة مناعة الوطن».
وأعلن أن «الدول المتمسكة بحقوقها لا بد أن تنتصر وخير مثال على ذلك هو ما حققته الشقيقة إيران من اتفاق بعد طول صبر وعناء لكن بثبات وعزيمة وإرادة» في إشارة إلى الاتفاق النووي مع الدول الكبرى.
واختتم الأسد معتبراً أن «انتصار سورية في حربها لن يعني فقط دحر الإرهاب بل يعني أن المنطقة ستستعيد استقرارها فمستقبل منطقتنا سوف يحدد وترسم ملامحه استناداً إلى مستقبل سورية».
إلى ذلك، أعلنت دمشق رفضها أي تحرك عسكري تركي داخل أراضيها لا يجرى بالتنسيق معها، وأكدت انفتاحها على أي تعاون عسكري مع أي دولة في مكافحة الإرهاب.
وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إن سورية لا يمكن أن تقبل بأي تحرك تركي داخل أراضيها من دون تنسيق مسبق، موضحاً أن «حكومة العدالة والتنمية تذرعت خلال السنوات الماضية وحتى في الأسابيع الأخيرة بمحاربة الإرهاب للقيام باعتداءات على سورية على رغم أنها تعتبر داعماً أساسياً للإرهابيين والمسلحين والقتلة التي سفكت الدم السوري».
وأعرب المقداد عن «عدم استغرابه من تحرك تركيا بهذا الشكل متذرعة باعتداءات داعش على أراضيها وهو الذي تربى بأحضان أردوغان».
من ناحية أخرى، أكد نائب وزير الخارجية السوري أن بلاده ستكون منفتحة على أي موقف يخص مكافحة الإرهاب سواء كان من السعودية أو أي دولة أخرى، موضحاً أن سورية لم تكن سبباً في التباعد السياسي الحاصل حالياً ولم تتآمر على أي بلد عربي.
من جهة أخرى، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسین أمیر عبداللهیان أن بلاده لا تعقد صفقات مع أي جهة خارجیة حول قضایا المنطقة، مشيراً إلى أن بعض الحساسیات لدی بعض دول منطقة الخلیج وبخاصة السعودیة منذ بدء المفاوضات النوویة تحولت أحياناً إلی معارضة علنیة لعملیة التفاوض الإیجابیة.
وأعلن عبداللهيان أن إيران تعلن بكل فخر أنها منعت الإرهابیین من إسقاط الرئیس السوري بشار الأسد، وقال: «یسود الیوم هاجس كبیر في أوروبا والمنطقة عن أنه في حال سقوط الرئیس بشار الأسد فإن الإرهابیین سیكونون البدیل وسیحكمون البلاد وهذا الواقع في سوریة بات واضحاً للجمیع».
ونوه إلى أن إیران تشعر بالفخر لدعمها الحكومة السوریة في مواجهة ومكافحة الإرهاب، مؤكداً: «لدینا علاقات مع المجموعات السوریة المعارضة التي تؤمن بالعمل السیاسي وتدعم العملیة السیاسیة في سوریة، إلی جانب دعمنا للحكومة السوریة في مواجهة الإرهاب».