النووي و«داعش» يدخلان السباق في الانتخابات الرئاسية الأميركية
توفيق المحمود
سباق مفتوح على مصراعيه لعدد من المرشحين من أجل الوصول إلى البيت الأبيض عام 2016 ورئاسة الولايات المتحدة الأميركية، يأتي هذا السباق مختلف بعد 6 سنوات، وذلك بسبب حصول الجمهوريين على أكبر غالبية في الكونغرس منذ عقود، حيث لم يفز الجمهوريون بمجلس الشيوخ ويرفعوا عدد نوابهم في مجلس النواب فحسب، بل إنهم تمكنوا من الفوز بمناصب حكام ولايات لم يحكموها منذ مدة طويلة.
توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية في فيينا حدد موقف الرئيس أوباما والديمقراطيين من إيران وهو تغليب الأبعاد الدبلوماسية والاقتصادية في محاولة الضغط على إيران واستبعاد العمل العسكري وتوقيع الاتفاق سيطمأن بشكل كبير الرأي العام الأميركي بأن الولايات المتحدة لن تشنّ حروباً جديدة في الشرق الأوسط، ما سيكسب الديمقراطيين أصواتاً أكثر على رغم الخسارة في الانتخابات النصفية في الكونغرس الأميركي.
هذا الموقف الديمقراطي على عكس الموقف الحازم الذي يتبناه الجمهوريون، فقد حذروا أوباما من توقيع الاتفاق مع إيران فكان الرد بأنه سيستخدم الفيتو في حال رفض الكونغرس الاتفاق مع إيران في محاولة منه، لثني الجمهوريين عن تعطيل هذا الاتفاق التاريخي.
الحزب الديمقراطي وبقيادة أوباما يحاول أن يحقق تقدماً جدياً في الحرب على الإرهاب وبخاصة في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، فالحزب الجمهوري ينظر بعين غير راضية عن فعل الرئيس أوباما في كيفية تعامله مع أزمات الشرق الأوسط وتكاسله بحسب وصفهم مع التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم «داعش»، ويعتبر الجمهوريون أن عدم قدرة أوباما على حسم ملف الإرهاب والتطرف وتزايد رقعة انتشاره، بات بالنسبة إلى الأميركيين ناقوس خطر قد تمتد آثاره للداخل الأميركي، ولذلك كانت زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، إلى العاصمة بغداد الأسبوع الماضي في زيارة غير معلنة.
وأوضح مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن الجنرال ديمبسي تحدث إلى قوات بلاده عن التهديد الذي تمثله جماعة «داعش»، وأطلعهم على العمليات العسكرية لمحاربة الجماعة الإرهابية في مدينة «الرمادي» هذا ظاهرياً أما الهدف الأساسي للزيارة هو السعي إلى تعاون سريع مع إيران والحشد الشعبي من أجل القضاء على هذا التنظيم وتحقيق انتصارات جدية على الأرض، في محاولة من الديمقراطيين إثبات عكس ما يروجه الجمهوريون بأن الإدارة الأميركية متقاعسة في الحرب ضد الإرهاب والوصول إلى القناعة الكاملة بأن التعاون الجدي مع إيران سيساعد بشكل كبير في القضاء على هذا التنظيم الإرهابي، وبعد هذه الزيارة بأيام أعلنت تركيا أنها ستغلق الحدود من أجل منع تدفق الإرهابيين إلى سورية والعراق وبخاصة بعد التفجير الذي حصل في مدينة سروج التركية ذات الغالبية الكردية، وأوقع 30 قتيلاً وحوالى 100 جريح، ما تسبب في غليان كبير في الشارع الكردي والتهديد من قبل حزب العمال الكردستاني بتفجير الوضع وإلغاء معاهدة السلام مع الحكومة في حال استمرار دعمها لإرهابيي «داعش»، فقد قام الحزب بتبني استهداف ضابطين من الجيش التركي يقومان بتسهيل مرور الإرهابيين من وإلى داخل سورية وأعلن استعداده للتصعيد في مواجهة سياسة «حزب العدالة والتنمية».
كل هذه الأحداث جعلت أوباما يهاتف أردوغان فقد أعلن البيت الأبيض أن الرئيسين اتفقا على العمل معاً لوقف تدفق المقاتلين الأجانب وتأمين حدود تركْيا مع سورية، كما ناقشا تعميق تعاونهما في القتال ضد تنظيم «داعش» وأول بشائر التغير التركي هو إعلان السماح لواشنطن باستخدام قاعدة انجرليك لضرب الإرهابيين وعدم الحديث بشكل نهائي عن القيام بإنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، بعدما كثُر الحديث عنها بحجة الأمن القومي التركي.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان الشهر الماضي قد اقترح مبادرة حول قيام تحالف «سعودي ـ تركي ـ سوري ـأردني» للوقوف في وجه الإرهاب والتشدد من «داعش» و«النصرة» ومن هو في خندقهما، باعتبار أن الأولوية المطروحة اليوم على المجتمع الدولي بعامة، هي مكافحة الإرهاب ووقف تمدده بل ودحره والانتهاء من شروره التي تستهدف الجميع.
فهل تدعو واشنطن إلى عقد قمة روسية ـ أميركية مع وجود حلفائها من أجل تشكيل هذا الحلف والسعي إلى تطبيع التعاون بين حلفاء واشنطن وخصومها وتحقيق انتصارات على «داعش» التي لا يمكن من دونها فوز الديمقراطيين بالرئاسة، وإذا تحققت يصبح الجمهوريون جماعة الكلام والديمقراطيون جماعة أفعال .