وزير الإعلام السوري عمران الزعبي لـ«البناء» و«توب نيوز»: الأولوية عند السوريين وقف سفك الدماء والقتل والتدمير وستجد ترجمتها بالمشاركة في الانتخابات
حاوره سعد الله الخليل
ربما يكون التشويش والتهويل والعويل الطلقة الأخيرة، وكل ما يملكه أعداء سورية لضرب إرادة السوريين. فبعد أن استنفذوا كل أشكال الحرب وأساليب الترهيب من التهديد فالوعيد فالضرب بالرصاص والحديد، ها هو الشعب السوري يرسم مستقبله من جديد، وتزهر دماء أبنائه ربيع غد سورية الجميل.
بعيداً عن كل ما قيل ويقال وسيقال، في محاولة للتشويش على إرادة السوريين لثنيهم عن المشاركة في الاستحقاق الدستوري المتمثل بالانتخابات الرئاسية التي انطلقت صباح اليوم، ها هو الشعب يردّ اليوم قسط الدَّين لوطن صمد في وجه حرب ضروس، ولجيش كتب بفوّهات البنادق ودماء الشهداء مستقبل سورية. للشعب والجيش والوطن ألف تحية في هذا اليوم الاستثنائي من تاريخ سورية.
في يوم سورية التاريخي، كان لقاء لِـ«البناء» و«توب نيوز» مع وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، الذي رأى أن الوزارة أتاحت الفرصة لوسائل الإعلام كلّها، لإجراء التغطية الإعلامية، في حين وقفت وسائل الإعلام على مسافة واحدة من المرشحين. وأكد الزعبي أن الحضور الإعلامي الكثيف يعكس رغبةً في إظهار حقيقة ما يجري، ليس فقط خلال العملية الانتخابية، إنما إزاء كل ما حدث في سورية.
ورأى الزعبي أنّ مراكز الدراسات الغربية أكدت لمرجعيات القرار في الدول المعادية لسورية، أن الإقبال على الانتخابات سيكون كثيفاً، ما يُسقط ورقة التوت الأخيرة عن المؤامرة التي تستهدف سورية، واعتبر أنّ المشاركة الكثيفة تعني رفض كل ما يستهدف سورية، من ضرب البنى التحتية وتشويه سمعة البلاد، إذ ينتاب السوريين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والحزبية، شعور بأن ما يجري من قتل وتدمير لا يترك مساحة كافية لممارسة العمل السياسي.
وأكّد الزعبي أن التحدّي الأساس أمام الرئيس المقبل، يتمثل بمواجهة الإرهاب وإعادة الإعمار بكل ما تعنيه الكلمة، الانسان والحجر وكل مجال من مجالات الحياة وسياقاتها. لنبدأ من حيث استكملت الوزارة الاستعداد لمواكبة العملية الانتخابية فالجزء الأكبر من محاولة ضرب هذا الاستحقاق تم العمل عليه عبر الإعلام كيف عملت الوزارة على تأمين الظروف المناسبة لإظهار هذا الاستحقاق بصورته الحقيقية.
علينا أن نناقش المبدأ الذي اعتمدته الدولة السورية ووزارة الإعلام جزء من هذه الدولة والمبدأ يقوم على إتاحة الفرصة للوسائل الإعلام الموضوعية جميعها لإجراء التغطية الإعلامية لهذه الانتخابات بكل شفافية ونزاهة وحيادية بما ينسجم أساساً مع خصائص هذه العملية التي تم التحضير لها لتكون شفافة ونزيهة وحيادية.
أكثر من 200 وسيلة إعلامية غير سورية تواكب الانتخابات الرئاسية اليوم، برأيكم، ما الذي يدفع هذا العدد من وسائل الإعلامي للمجيء إلى سورية؟ وأيّ دور تلعبونه في دحض الدعاية الإعلامية المعادية؟
– هذا الحضور الكثيقف لوسائل الإعلام العربية والإسلامية والعالمية يعكس أهمية ما يجري في سورية، ليس فقط خلال العملية الانتخابية، إنما كل ما رافق الأحداث في سورية. الكل يعلم أن هناك محطات ووسائل إعلام وصحف كانت شريكة في تشويه صورة ما يجري في سورية، وتضلبل الرأي العام السوري والعربي والعالمي، وتعمل وزارة الإعلام على توضيح هذه الصورة، وأبرز أدواتها في ذلك دعوة الوسائل للحضور والتغطية المباشرة، إذ أتحنا الفرصة لكل وسائل الإعلام الراغبة بتغطية الانتخابات، ولم نرفض أيّ طلب، وأرسلت تلك الوسائل طواقمها الصحافية التي تؤدّي عملها من دون أيّ تدخل.
كيف ترون تعامل الإعلام السوري بشقّيه الرسمي والخاص مع الأجواء جديدة في سورية: تعدّد المرشحين، التعاطي معهم، الصمت الانتخابي، وغير ذلك من الأمور الجديدة على السوريين؟
– تستند ممارسة الدستور السوري وقانون الانتخابات على تفاصيل العملية الانتخابية وجزئياتها، والشقان الرسمي والخاص في الإعلام السوري شريكان في العمل، لكلّ منهما خصوصيته في مساحة العمل الخاص به، فالإعلام الرسمي وقف على مسافة واحدة من المرشحين، أمّا الإعلام الخاص فله مساحة من الحرية في أن يتعاطف مع مرشّح ما، أو أن يتنباه، وهذه من بديهيات العمل الانتخابي والحملات الانتخابية في أي دولة في العالم. انطلاقاً من هذه الفكرة، كان سلوك الإعلام السوري الرسمي بوسائله المختلفة يعتمد على إتاحة الفرص المتساوية في الظهور وتقديم البرامج، وأعتقد أننا نجحنا في خوض هذه التجربة الجديدة بلا شك. وبالاستناد إلى قانون الانتخابات والدستور والمحكمة الدستورية العليا ووظيفة كل مؤسسة في العملية الانتخابية، بدءاً من اللجنة القضائية العليا ووزارة الداخلية والإعلام والحكومة، التزمت كل مؤسسة القانون، ما جعل العملية تتم بشكل سلس.
غالبية دراسات مراكز الأبحاث توقعت المشاركة الكثيفة في الانتخابات. إلى أيّ مدى ساهم ذلك في إذكاء الحملة ضد الانتخابات والسعي إلى ضرب مصداقيتها؟
– إنّ هذه الحملة جزء من مؤامرة هذه الدول ضد الدولة السورية، إذ شنّت هذه الحملة سابقاً في كثير من الاستحقاقات والقضايا، بدءاً من الدستور وقانون الانتخاب، وصولاً إلى منعطفات كثيرة، خصوصاً في ما يتعلق بقضية اللاجئين ومحاولات التزوير في موضوع السلاح الكيماوي، أو اتهام الدولة السورية بارتكاب جرائم، وعدم مراعاة الحريات العامة، وعدم اتباع الأساليب الديمقراطية. كما أن هذه الحملة على الانتخابات زادت من قوّتها، خصوصاً بعد أن أكدت مراكز الدراسات الغربية لمرجعيات القرار في الدول المعادية لسورية، أن الإقبال على الانتخابات سيكون كثيفاً، ما يُسقط ورقة التوت الأخيرة عن المؤامرة التي تستهدف سورية.
اليوم، يقول الشعب السوري كلمته. ما هي الدلالات والرسائل التي يرسلها الشعب السوري من خلال مشاركته في الانتخابات؟
– العملية الانتخابية بظاهرها تستهدف اختيار مرشح، ولكن في باطن الحال، هي عملية تحمل جملة رسائل سياسية أهمها على الإطلاق، أنّ السوريين يرفضون كل ما يجري على الأرض السورية، بدءاً من التدمير والقتل والخراب، وصولاً إلى استهداف البنى التحتية وتشويه سمعة البلاد. لذلك هم يعبّرون عن رفضهم من خلال مشاركتهم بالانتخابات الرئاسية، كل كلمة «لا» إزاء ما سبق ذكره، تقابلها كلمة «نعم» لمرشح من المرشحين إلى الرئاسة السورية.
وحّدت الانتخابات الجزء الأكبر من السوريين على ضرورة إجرائها بغضّ النظر عن الانتماءات السياسية والفكرية والولاءات. كيف ينعكس ذلك على سورية مستقبلاً؟
– بعد سنوات من الأزمة، ثمة شعور لدى غالبية المواطنين السوريين، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والحزبية، بأن ما يجري من قتل وتدمير لا يترك مساحة كافية لممارسة العمل السياسي والحزبي، التي تؤكد الطبيعة الحقيقة للشعب السوري بالمشاركة بالمسائل السياسية والثقافية والفكرية، والتي تعدّ من أولويات العقل السوري، والتي لولاها لما شهد هذا الإرث الحضاري عبر 7000 سنة. واليوم، الأولوية الأهم لجميع مكوّنات الشعب السوري، تكمن في وقف سفك الدماء والقتل والتدمير، وبالتالي ربما يمكن القول أن هذه الأولوية لدى السوريين بانعكاسها وصداها، ستكون عبر المشاركة في الانتخابات.
بعد ما مارسته دول الغرب من تضييق الخناق على السوريين، أصرّ قسم من المغتربين على الاقتراع على أرض الوطن، وأمس شهدنا وصول سوريين من فرنسا وبلجيكا. أيّ رسالة أوصلها هؤلاء إلى حكومات الدول الموجودين فيها؟ وماذا تقولون لهم؟
– اعتقد أنّ الدول التي لم تسمح للسوريين بالاقتراع في مقارّ السفارات السورية، ارتكبت مخالفة في القانون الدولي، لا سيما في ما يتعلق منها بالقانون الدولي الإنساني تحت مصطلح حقوق الانسان، فمن حق الإنسان أن يستخدم حقّه في التعبير، والتعبير السياسي من أشكال هذا المفهوم، وبالتالي مَنْع السوريين أن يمارسوا حق التعبير، مخالف للقانون الدولي. إنّ هذه الدول اتخذت قرار المنع على قاعدة سياسية لا قانونية أو دستورية، فهي خالفت حتى دساتيرها الوطنية والتزاماتها التعاقدية بموجب الاتفاقيات الدولية، ومن هذا الباب، يمكننا مستقبلاً أن نسأل هذه الدول عبر الأدوات المعتمدة في القانون الدولي، عن هذا الخطأ وأسبابه وحجم الضرر اللاحق بالمواطنين السوريين الذين منعوا من ممارسة هذا الحق.
فرنسا الحرّية والديمقراطية أصبحت راعية للإرهاب وعائقاً أمام تطلّعات الشعوب في تقرير مصيرها، كيف ينعكس ذلك على المفهوم الغربي للديمقراطية؟ وهل يحق لمن عرقل إجراء الانتخابات أن يشكّك بشرعيتها؟
– ليس مهماً كثيراً، لا بل ليس من أولوياتنا الاهتمام بجوهر الموقفين الفرنسي والغربي إزاء الانتخابات، ليقولوا ما شاؤوا، فهذه الانتخابات لا تخصّهم كونها شأناً وقراراً سيادياً سوريين وطنيين.
من الملاحظ انحسار الحملة الإعلامية المضادة والمضللة بعد الانتخابات في الخارج. إلى أيّ مدى ساهم حضور السوريين الكثيف في إحباط تلك المشاريع؟
– مراكز الدراسات قدّمت صورة عن حجم التبدّل في المزاج الشعبي السوري، ولم يأخذوا هذا المعيار وهذه الدراسات بالأهمية اللازمة، ولم يعطوها الاهتمام المناسب. لذلك، صعقوا أمام مشهد ما حدث في السفارات السورية في العواصم المختلفة التي أجريت فيها الانتخابات، وربما كان لبنان الصورة الأوضح نظراً إلى المشاركة الكثيفة التي خطفت الأضواء. ولكن بالاستناد إلى نسب المشاركة، نجد أن هذه النسب مرتفعة في عواصم كثيرة، وهذه المفاجأة أثّرت في ما يمكن وصفه مراجعة خطابهم السياسي حيال شرعية الانتخابات، ولكن هذه المراجعة لا تفيد، لأنها أساساً لا تعنينا بشيء، سواء أعجبتهم هذه الانتخابات أو لم تعجبهم، وافقوا عليها أو لم يوافقوا، أيّدوها أو اعترضوا عليها، لا قيمة لمواقفهم، فلا رأي في الانتخابات إلا رأي السوريين.
في لقاء تلفزيونيّ، يقول وزير الداخلية اللبناني أن من انتخب من السوريين لا تتجاوز نسبتهم 6 في المئة من السوريين في لبنان. بدايةً، كيف تعلّقون؟ وكيف تقرأون هذه الهستيريا لدى فريق 14 آذار؟
– يبدو أن وزير الداخلية اللبناني كان يعاني في المدرسة ضعفاً في مادة الحساب، وأقترح عليه التعاطي مع مدرّس في الحساب لتقويم ضعفه. وعلى الصعيد الشخصي، لم يشغلني موقف فريق 14 آذار كثيراً، واطّلعت عليه بشكل عابر، ولن أعلّق عليه لأنه لا يهمني.
قبل أيام أصدرت وزارة الداخلية اللبنانية قراراً يقضي بمنع مغادرة النازحين السوريين الأراضي اللبنانية تحت طائلة سقوط صفة «نازح». لماذا هذا التوقيت؟ وما انعكاساته على الانتخابات من جهة، وعلى مستقبل السوريين النازحين إلى لبنان من جهة أخرى؟
– إنّ هذه القرارات مخالفة لقواعد القانون الدولي، وأنصح بمراجعتها واستشارة رجال قانون، والقانون الدولي أيضاً. على أيّ حال، ما جرى أمام السفارة السورية في لبنان، انعكاس لإرادة السوريين في الخارج، والتي تشبه بطبيعتها إرادة السوريين في الداخل، وأعتقد أن الاستنتاجات السياسية قد تحققت، ولم يعد مهماً الحديث عن إجراءات ونِسب أو ما شابه.
بالعودة إلى الداخل السوري، سورية بعهدة رئيس منتخب من قبل الشعب، ما هي أهمّ التحديات التي تنتظر الرئيس المقبل؟
التحدي الرئيس يتمثل في تحدّي الإرهاب ومواجهته وإعادة الإعمار بكل ما تعنية الكلمة، الإنسان والحجر بكل ميدانيه وكل مجال من مجالات الحياة وسياقاتها.
وأخيراً، وجّه الوزير الزعبي عبر «البناء» و«توب نيوز» نداءً إلى السوريين قائلاً: «أدعو السوريين جميعهم إلى التمثل بدرجة العالية من محبتهم لسورية ولهذا الوطن، وتحويل هذا العشق الوطني والصوفية الوطنية إلى فعل وممارسة، وأبرز فعل يمكن أن يستند إليه الشعب السوري يتمثل بالمشاركة في الانتخابات كضرورة وطنية وحق دستوري لكل مواطن، ومن الضرورة في مكان، ألا يتخلى أحد عن حقه في هذه الممارسة بغضّ النظر عن رأيه بهذا المرشح أو ذاك ومن سيختار، المهم مبدأ المشاركة بحيث يقدّم السوريون نموذجهم الحضاري عبر الانتخاب على رغم المخاطر».