سورية تتحدث بارتياح ومن مبدأ المنتصر
ناديا شحادة
مع التطورات الميدانية التي تشهدها الساحة السورية والتي تتجه نحو تحقيق المزيد من الانتصارات السياسية والعسكرية لسورية ولمحور المقاومة هذه الانتصارات التي تبشر ببدء الحسم العسكري المتدحرج على مساحة الجغرافية السورية، وأدت إلى تحولات مفصلة لمصلحة الحكومة السورية. ودفعت بالحكومة للتشديد بخطابها السياسي والتمسك بشروطها التي تطالب فيها بأولوية الحرب على الإرهاب لإنجاح أي تسوية سياسية. وجاء خطاب الرئيس بشار الأسد في 26 تموز ليؤكد ذلك حين قال انه يؤيد أي حل سياسي للأزمة في بلاده، ولكن أي حديث عن حل سياسي للأزمة أجوف وعديم المعنى من دون مكافحة الإرهاب، هذا الخطاب الذي وجهه سيادته ويحمل في طياته العديد من المعطيات والمعلومات، وأدلى بتصريح على أن المنطقة في شكل عام والحالة السورية في شكل خاص تعتبر من المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الإرهاب.
فظاهرة الإرهاب التي تنامت في سورية بات من الضروري محاربتها ليتم رسم معالم الحل السياسي للأزمة السورية، حيث أصبحت هذه الظاهرة من الملفات الساخنة التي تفرضها الساحة الدولية للمناقشات، بعد أن بات الإرهاب آفة عالمية تضرب مصالح الجميع وتنتشر كالنار في مختلف دول المنطقة وصولاً إلى أوروبا وشمال أفريقيا. فالأحداث الإرهابية التي شهدتها تلك الدول في الآونة الأخيرة، وتبنى تنظيم «داعش» تلك الهجمات ليتحول بذلك إلى ظاهرة كونية خطيرة على الأمن والاستقرار الدولي والإقليمي، فبات من الضروري إيجاد تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب. وهذا ما أكد عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيراً إلى أن موسكو مستعدة لدعم دمشق إذا اتجهت الأخيرة إلى الدخول مع دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا والأردن والسعودية، لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي. وبناء على ذلك جاء رد الحكومة السورية من خلال رسالة قوية وغاية في الأهمية عندما أعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن بلاده ستكون منفتحة على أي موقف يخص مكافحة الإرهاب، سواء كان من السعودية أو أي دولة أخرى، موضحاً أن سورية لم تكن سبباً في التباعد السياسي الحاصل حالياً ولم تتآمر على أي بلد عربي.
تصريحات الحكومة السورية التي أعلنت فيها انفتاحاً غير مسبوق على كل الدول والقوى التي تريد التعاون لمكافحة الإرهاب يؤكد المتابعون أنها تحمل في طياتها الكثير من المعطيات التي تؤكد أن النظام السوري يتحدث من مبدأ القوة والثقة بالنصر بعد المتغيرات التي تشهدها الساحة الداخلية السورية، وذلك من خلال وقوف الجيش السوري والمقاومة في صف واحد وتحقيقهم العديد من المكاسب الميدانية، التي قابلها معانات فصائل ما يسمى بالمعارضة السورية من انقسامات حادة وتشرذم إلى أكثر من ألف كتيبة وانفجار الصراعات الدموية في ما بينها حول النفوذ.
فتقدم محور المقاومة وتحقيق الانجازات العسكرية المتسارعة انعكس دبلوماسياً على الحوار الإيراني مع دول خمسة زائداً واحداً، وتم الاتفاق على النووي الذي حول إيران لقوة عظمى. هذا الاتفاق الذي يعتبر نصراً كبيراً لمحور المقاومة وسينعكس في شكل ايجابي على جميع الملفات ومنها الملف السوري. فإيران ركن من أركان محور المقاومة، وكذلك سورية هي ركن أساسي وهام من جبهة المقاومة، فمجموعة قوائم جبهة المقاومة صمدوا ولم يتراجعوا خطوة واحدة. فما حصل هو انتصار كبير لجميع أركان المحور، وهذا ما أكده السفير الإيراني السابق في لبنان غضنفر ركن أبادي.
فالنظام السوري راهن على محور المقاومة وصمد أمام العاصفة وتجاوز الأزمة تقريباً بفضل ذلك المحور وصمود الشعب السوري ورفضه التنازل أمام هذه الحرب التي تشن ضده. وهذا ما أشار إليه الرئيس بشار الأسد في خطابه عندما صرح قائلاً: إن الشعب السوري بعد هذه السنوات من حرب الوجود ما زال صامداً يضحي بأغلى ما عنده في سبيل وطنه، ولو كان يريد أن يتنازل لما انتظر كل هذا الوقت.
فبعد كل ما شهدناه من خلال سنوات الحرب على سورية يؤكد المتابعون أنه بات يحق للحكومة السورية أن تتحدث بكل ارتياح، ومن مبدأ المنتصر، فهي تقف في خندق المنتصرين غير المهزومين الذين راهنوا على أميركا ولم يجنوا غير خيبة الأمل.