تركيا …حلول «سلطوية» متأخرة جداً!
فاديا مطر
على خلفية الموقف المحرج الذي واجهته تركيا بعدم انضمامها إلى تحالف واشنطن ضد داعش ، وما أسدل من إشارات استفهام كبيرة داخلية وخارجية ،شرحت بعضها عن نفسها بعد الإفراج عن 49 تركياً من قبل تنظيم «داعش» في حزيران 2014 في مدينة الموصل بينهم القنصل العام في المدينة، موقف انتهى إلى نهايته السعيدة دونما خسائر، وبصورة تركت وراءها تساؤلات جمة لم تتخذ تركيا منها ما يقيها حر» داعش»، ولا بردّ حزب العمال الكردستاني الذي انهارت مفاوضات السلام معه، حتى وصلت تركيا إلى مفترق «سورج» الذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير، والذي فتح أبواباً كثيرة تبدأ من الأمن والسلم على الأراضي التركية ولا تنتهي بالعداء داخل المجتمع التركي، فالإسراع في الدخول على خط الحرب ضد «داعش» كان خياراً تركيا متأخراً على رغم حتميته وأرجحيته، لأن تركيا هي ضمن الحلف الأميركي الذي بدأ يفرض عليها أن تمشي بممشاه الجديد على صفيح سخونة ما كانت تقدمه تركيا للتنظيم الإرهابي من دعم، بحيث أن أكثر من ألف مواطن تركي يقاتلون ضمن صفوف التنظيم بحسب ما أكدته صحيفة» واشنطن بوست» الأميركية في 14أيلول 2014 ، وعلى جمر ما استجد دولياً وإقليمياً من اتفاق نووي اصطف بجدواه إلى جانب إيران التي تقود حلف مكافحة الإرهاب والتي تسعى الولايات المتحدة في هذا التحالف معها إلى استغلاله كورقة خارجية تجبر حلفاءها فيها على الانغماس في هذا المحلول، وداخلياً في دعم جبيرة الشارع الأميركي انتخابياً. ففي 11 تموز الجاري قدم المبعوث الخاص للرئيس الأميركي جون آلن إلى تركيا مثنياً على إجراءات تركيا في مواجهة تنظيم «داعش» ومشيداً بدور من اسماها» حليفتنا في الناتو» بالتزامن مع أنباء عن فتح قاعدة» إنجرليك «أمام طائرات التحالف الأميركي، وهو ما جعل الأمن التركي يوقف 25 أجنبياً في 13 تموز الجاري على الحدود السورية التي تقع تركيا فيها موقع خاص لما لها من إمكانيات جيوبولوتيكية، وموقع قريب من جغرافيا السيطرة الداعشية والقدرة على إغلاق منافذ عبور تمويل التنظيم الإرهابي مما يجعلها في موقع متحكم في منطقة حافلة بالأزمات التي بدأت تجر بيدها فلول الإرهاب الذي يهدد تركيا، إضافة إلى الصراع مع الأكراد الذي بدأ يأخذ مستوى يرقى إلى إمكانية التقسيم الديمغرافي والعرقي داخل الدولة العثمانية ويضعها في بوتقة ما صنعت يداها. فكان لا بد من صفقة تركية ـ أميركية تنقذ ما تبقى من وعود رحلت أدراج الرياح، وتدرأ الأعمال الانتقامية لـ «داعش» داخل الأراضي التركية، وتملأ فراغ رحيل» الربيع العربي»، لتبدأ عملية إعادة إعمار الرأي العام التركي تجاه قواعد حزب العدالة والتنمية وتحصيل ورقة الموازنة بين الانسجام مع الجهود الدولية ضد الإرهاب وتحقيق المصالح الجيو استراتيجية في المنطقة. فهل يضع إرهاب «سورج» تركيا أمام مسؤولياتها، خصوصاً مع أن الإبقاء على السياسة القديمة لم يعد ذا نفع مع دخول قدم الإرهاب الأرض التركية؟ وهل دخول مئات الشباب التركي حلبة التحالف مع «داعش» سيكون ذا فائدة اجتماعية وأمنية؟ فكل هذا برسم الأيام التي سترسم حجم المخاطر الجسيمة التي تهدد تركيا بالقرب من حدودها الكردية والداعشية، لتصبح هدفاً على لوائح من استثنت «داعش» من أهدافها، لتغدو تركيا راحلة إلى كسر» الحياد السلبي «المتعامي عن الخطر الذي يزرع بذور الفتنة والفوضى في المنطقة كلها ويجبر الدولة التركية على ترك «السلطوية» والتحرك لحماية الإرث السياسي والهوية الوطنية من نزاعات زرعتها «السلطوية الفارغة».