تيّارا أميركا والإرهاب المنكشف
نور الدين الجمال
يرى مصدر دبلوماسي عربي أن خطاب الرئيس الأميركي أوباما الأخير هو في مضمونه وجوهره الحقيقي بمثابة تسوية بين تيارين في الإدارة الأميركية، تيار متطرف ومتصلب يمثّله المحافظون الجدد مع اللوبي الصهيوني ويرفع شعار التدخل العسكري المباشر في سورية، وتيار يرفع شعار الحلول السياسية ويرفض الخيار العسكري في الأزمة السورية وغيرها من الأزمات في العالم لكونه غير ممكن التحقيق.
يضيف المصدر أن البديل من هذه السياسة الأميركية الاسترضائية للتيارين المذكورين هو حديثها عن تدريب مجموعات إرهابية «معتدلة» كما يحلو لها أن تسميها، ومساعدتها، علماً أن الإرهاب لا يمكن أن يكون إلاّ إرهاباً ولا يمكن تصنيفه بالمعتدل والمتطرّف. وهدف هذه المجموعات الإرهابية «المعتدلة» كما تروّج الولايات المتحدة مواجهة القوى الإرهابية «المتطرّفة» وقوات الجيش العربي السوري في آن واحد.
الملاحظ في خطاب أوباما أيضاً أنه لم يتطرق إلى إسقاط النظام ولا إلى رحيل الرئيس الأسد مثلما كان يردّد في معظم مواقفه على مدى السنوات الثلاث الماضية من عمر الأزمة السورية، بل ركّز على رفض التدخل العسكري، متحدثاً أمام العسكريين في الجيش الأميركي عن تشاور مع حلفائه وعملائه في مواجهة الإرهاب و«النظام الدكتاتوري» بحسب زعمه.
يوضح المصدر: منذ نحو شهرين حاولت الولايات المتحدة مع دول باتت معروفة في المنطقة، وبالتعاون مع الكيان الصهيوني، بناء ما يسمى بالمجموعات «المعتدلة» في الجنوب والشمال إذ يعلمون جيداً أنهم فشلوا في إسقاط الدولة الوطنية السورية وهم غير قادرين على تغيير موازين القوى، لذا سلّحوا ودرّبوا تلك المجموعات لمنع انهيارها بشكل كامل، ومحاولين في الوقت نفسه إفشال مبادرات الدولة السورية في ملف المصالحات الوطنية، ولذلك كان هذا الكلام الذي صدر عن أوباما وغيره من الدول المتورطة في التآمر على سورية حول الاستمرار في دعم المجموعات الإرهابية لعدم انهيار تلك المجموعات ودفعها إلى الاستمرار في عملية الاستنزاف، كي لا تشعر الدولة الوطنية السورية، بنشوة الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على مساحة الجغرافيا السورية بالإضافة إلى عمليات المصالحة الكبرى التي أنجزت حتى الآن، وعمليات أخرى ستنجز في المستقبل القريب في مناطق أخرى.
كشف المصدر الدبلوماسي أن إعلان الرئيس الأميركي عن تخصيص خمسة مليارات من الدولارات لدول المنطقة لمكافحة الإرهاب يعني ضمناً أن الإرهاب الماثل بصورة علنية وكبيرة على الأرض السورية والأرض العراقية ستكون له الحصة الكبرى في عملية مكافحة الإرهاب. ولا بد هنا من الإشارة إلى رسالة عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية فرجينيا إلى الرئيس بشار الأسد معلناً فيها دعمه المطلق للجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب، ومهنئاً إياه على بطولات هذا الجيش في التصدي للإرهابيين، مشيراً إلى نقطة جوهرية ومهمة عندما تحدث عن وجود أقلية شعبية في الولايات المتحدة لا تعرف أن الذين يقاتلهم الجيش العربي السوري ويتصدى لهم هم أنفسهم الذين ارتكبوا مجزرة الحادي عشر من أيلول، فهذه الرسالة قد تكون في خدمة الإدارة الأميركية لبدء إخراج نفسها من الحوادث السورية.
عن احتمال تزويد «المعارضة» المسلحة أسلحة نوعية متطورة، تحديداً صواريخ أرض ـ جو، يقول المصدر: إذا حصلت هذه الخطوة من قبل الإدارة الأميركية فستكون خطيئة كبرى، علماً أن وزارة الدفاع الأميركية تعارض ذلك والرئيس أوباما لم يتخذ قراراً بتزويد المسلحين هذه الأنواع من الأسلحة، ففي باكستان كانت هناك تجربة مماثلة فشلت إذ استولت «طالبان» عليها وروسيا تعلم من جانبها تماماً نوعية الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى المجموعات الإرهابية، ومن هنا كان التحذير الروسي على لسان وزير الخارجية لافروف. وفي الوقت نفسه لن تسمح روسيا بإخلال التوازن في سورية وستمدها بجميع أنواع الأسلحة المتطورة.