سورية تدحر المؤامرة

ربيع الدبس

السوريون ينتخبون.

ينتخبون رئيس الدولة لا رئيس النظام، مع أن لا دولة في العالم بلا نظام حُكم، أو بلا مؤسسات، أو بلا سلطة، أو بلا مرجعية سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية.

«كل منا يكتشف الدولة قبل أن يكتشف الحرية». هكذا يقول المفكر المغربي الواقعي عبدالله العروي. وإذا كانت الحرية المسؤولة قيمة عليا من قيم الدولة المعاصرة، فانّ تجربة الحرية تطلعٌ وتوقٌ أكثر منها تحققاً ملموساً. وقد أدرك السوريون، المقيمون منهم قبل المغتربين، والمعارضون فيهم قبل الموالين، نعمة الدولة الراعية القوية التي نعموا بها طوال أربعين سنة، عامرة بمنجزات التربية والتعليم العالي والطبابة وتقدُم الصناعة والزراعة والعمران من الريف الى المدن، ومن أقصى الشمال الى أقصى الجنوب. كما كانت حتى للدول الاخرى نموذج دولة تُحتذى في انتفاء المديونية عن مستلزماتها، والعجز عن موازنتها.

وهذه الميزة الأخيرة بالغة الأهمية، لأن الحرية في عصر ما بعد الحداثة هي التحرر من الديون، ولأن سيادة الدولة مرتبطة الى حد بعيد بهذا التحرر المفصلي في مسيرة التطور والإنتاج واقتصاد المعرفة… سورية هذه، التي شُنّت عليها حرب دولية همجية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً وإعلامياً ونفسياً، قد أثبتت في الثالث من حزيران 2014 وقبله في 28 أيار خارج القطر، على رغم ازدواجية المعايير الديمقراطية لدى الغرب الفئوي الذي منع السوريين في دوله من ممارسة حقهم الديمقراطي المشروع في انتخاب رئيسهم، أن منظومة الدول الغربية وأدواتها العربية و «الاسرائيلية» لم تدرك إلا متأخرة أن سورية، بصفتها دولة مركزية ذات سيادة، لا تستمد قوتها وصدقيتها فقط من قائد صلب، نما في كنف البطولات وفي مدرسة الرؤية الاستراتيجية المقاوِمة، وثقافة الحق القومي الذي لا يقبل المساومة، بل من شعب أبيّ واعٍ ضرب بصموده النموذجي خطيئة المضلَّلين من أفراده، وساديّة الرعاع من ارهابيي العالم، المرضى بالتخلف والوحشية واللاإنسانية. كما تستمد هذه الدولة المنيعة قوتها وصدقيتها من تماسك هيكلية الدولة عبر مسؤوليها الرسميين في الوطن والمغتربات، الذين رفضوا الصفقات ورفسوا بأرجلهم عروض الخيانة وإغراءات المال الملوث بذلّ التبعية وعار التآمر.

تبقى الصدارة لجيش العز الميسلوني، الرابض على الأسوار من الشمال إلى الجنوب، وحامي كل حبة من تراب سورية المقدس، ومن منظومة وحدتها واستقرارها وسلمها الأهلي، وهو المتمثل بقدوة يوسف العظمة، وصالح العلي، وابراهيم هنانو، وأنطون سعاده، وحافظ الأسد، وحسن نصرالله، وجميع الشهداء الأبرار من القامشلي إلى درعا، ومن كَسَب إلى الجولان، مروراً بعواصم التضحية والوفاء: دمشق وريفها، حمص وريفها، حلب وريفها، اللاذقية وريفها، وصولاً إلى كل حي وشارع وحجر انسكب عليه دم ضابط أو جندي أو مقاتل حليف، أو مدني خفير من البواسل الذين تسابقوا الى الشهادة، حتى تبقى القضية حية، والمقاومة نهجاً، وبيارق النصر متجهة الى فلسطين.

سورية دحرت رأس المؤامرة وها هي تتخلص من بقاياها.

تحية لشعبنا الأصيل في سورية.

تحية لأعراس الاستحقاق الانتخابي الفاصل في تاريخنا الحديث…

تحية للرئيس الذي يرمز إلى كرامة سورية المُكلّلة بالتراث الماجد، والحاضر الصامد، والغد الواعد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى