سورية والعراق والتنسيق في مواجهة عدو واحد
توفيق المحمود
منذ إعلان الولايات المتحدة الأميركية في أيلول عام 2014 تشكيل تحالف دولي لمواجهة ما أسمته خطر تنظيم «داعش» الإرهابي الذي يسيطر على رقعة جغرافية تجمع بين العراق وسورية، وإعلان التحالف أنه يريد القضاء على هذا التنظيم، لم يستطع إيقاف أيّ تقدم، بل عزز التنظيم سيطرته على العديد من المناطق في سورية والعراق.
ونشرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية مقالاً أشارت فيه إلى أنّ الضربات الجوية التي يشنّها التحالف الدولي على مواقع تنظيم «داعش» أسهمت في تعزيز قوة التنظيم وجعلت الجماعات المتطرفة الأخرى تتضامن معه، وينضمّ بعض مقاتليها إليه كما أنّ كلّ هذه الضربات لم تثنه عن التقدّم والسيطرة على الأنبار التي لها أهمية خاصة لتنظيم «داعش» الإرهابي، لأنها تجعله يسيطر على المنطقة الرابطة مع الأراضي السورية، فهذا التواطؤ الأميركي والتركي الذي سمح لتنظيم «داعش» بدخول الأنبار والانتشار في أرجائها على رغم الوجود العسكري الأميركي الكثيف، جعل كلاً من سورية والعراق يدرك أنّ الولايات المتحدة الأميركية غير جادّة في محاربة الإرهاب، بخاصة مع كلّ الوقائع والإثباتات التي تؤكد أنّ تنظيم «داعش» هو صناعة أميركية غربية من أجل إيجاد ممرّ للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وكانت زيارة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في آذار الماضي إلى سورية وتأكيده بعد لقاء الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم، وجود تنسيق بين البلدين في الحرب ضدّ الإرهاب، وكانت هذه أول زيارة لوزير خارجية عراقي إلى دمشق منذ بدء الأزمة السورية، وأعلن مسؤولون أنّ هذه الزيارة عززت التنسيق بين البلدين في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
سورية ومنذ أن أعلن التحالف شنّه غارات على مواقع التنظيم أعلنت، وعلى لسان وزير خارجيتها، أنها مستعدّة للانضمام إلى أيّ تحالف لمواجهة الإرهاب، وأنّ دمشق مستعدّة للتعاون مع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، ودعت الدول الراغبة في مواجهة الإرهاب في المنطقة إلى تبادل المعلومات الاستخبارية مع دمشق في هذا الشأن، ولكن الولايات المتحدة رفضت التنسيق مع دمشق بحجة أنه سيضعف التحالف، وهو ما كشفه صراحة الرئيس الأميركي باراك أوباما في ختام قمة العشرين العام الماضي، بقوله: «إنّ تحالفاً مع الحكومة السورية سيؤدّي إلى إضعاف التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم داعش في العراق وسورية»، على حد قوله.
سورية والعراق يواجهان عدواً واحداً هو الإرهاب الذي تدعمه تركيا من خلال تمرير آلاف الإرهابيين الآتين من كلّ حدب وصوب، للانضمام إلى هذا التنظيم في سورية والعراق، وها هي تركيا التي تتذوق الآن من الكأس نفسه التي شرب منها الشعبان السوري والعراقي، والدليل التفجير الذي حصل الأسبوع الماضي وأوقع 30 قتيلاً وحوالى 100 جريح في مدينة سروج التركية ذات الغالبية الكردية بعد التهديد الذي نشرته صحيفة «توداي زمان» التركية، نقلاً عن موقع ما يُسمّى «دار الخلافة» لتركيا بقولها إنها بقتالها «داعش» تستعدّ لنهايتها وستدفع ثمناً باهظاً لأفعالها.
الجميع يعلم الدور التركي والسعودي في دعم الإرهاب، فقد ذكرت إحدى الصحف تقريراً لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية صدر في آب 2012 أشار فيه إلى أنّ القوى الأساسية التي تقود ما أسماه «التمرّد» في سورياة هم «السلفيون، الإخوان المسلمون، والقاعدة في العراق» ويقوم بدعم الغرب ودول الخليج وتركيا.
العراق وسورية على يقين بأنه من الضروري التنسيق والتكامل لضرب «داعش» بقسوة في الطريق إلى إنهاء وجود التنظيم الأكثر وحشية على مرّ التاريخ، وسواه من التنظيمات الإرهابية الموجودة في سورية، ومنها «جبهة النصرة» التي لا تقلّ خطورة عن «داعش»، هذا التنسيق يعتبر انهياراً لمشروع تقسيم المنطقة، فتكامل الحكومتين اللتين تواجهان إرهاباً مدعوماً من تركيا وبعض دول الخليج سيكون صفعة كبرى لكلّ منها والصفعة الكبرى ستكون لمؤسّس هذا التنظيم الولايات المتحدة الأميركية.