سقوط السلطنة العثمانية على التراب السوري العراقي…
سعد الله الخليل
من جديد تداعب المناطق العازلة في سورية أحلام ومخيلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعاد ليرسم في مخيلته خرائط ومخططات حظر الطيران على الأراضي السورية، ومعها بدأ صوته يعلو في السر والعلن عن فرض تلك المناطق ومزياها الاستراتيجية والإنسانية التي لطالما حرص عليها السلطان «الإخواني» كلّ الحرص، ففتح لأجل عيون السوريين مخيماته! وليضمن لهم معيشة كريمة نقل مصانع حلب ليؤمّن للسوريين لقمة عيش حلال! وبحسب ادّعاءات أردوغان ستؤمّن تلك المناطق عودة كريمة لمليون وسبعمئة ألف لاجئ سوري إلى الأراضي السورية، وربما تحت هذا العنوان يدقّ أردوغان أبواب الساعين لإراقة الدم السوري وتأجيج نيران الحرب فيها أكثر فأكثر، عله يسمع ما يثلج صدره وتكون النتائج مخالفة للمرات السابقة التي خيّبت آماله، وعادت لتخيّب ذلك الأمل مع رفض واشنطن الفكرة ونفي الناطق باسم الخارجية الأميركية جون كيربي أيّ اتفاق بين تركيا والولايات المتحدة حول منطقة آمنة في سورية، وإعلان حلف شمالي الأطلسي «ناتو» الذي يضمّ تركيا عدم السير في فكرة المناطق العازلة، ورغم فشل أردوغان في المرات السابقة بنيل دعم لفكرته يبدو أنّ سلطان الآستانة الجديدة عوّل على جملة متغيّرات دفعته إلى العودة لترداد اسطوانته المخروقة حول المناطق العازلة سورية.
في الشكل يبدو تفجير «سروج» البوابة التركية والذريعة لإطلاق يد قواتها على الحدود السورية وفي الداخل العراقي، ونسف العملية السياسية مع الأكراد نظراً لتغيير موازين القوى ومعادلات التفاوض التي طالما أرادها أردوغان لصالحه ليمارس سياسة التظليل والتسويف، فآثر العودة إلى سياسات التصعيد التي تضمن له اللعب على الوتر القومي الديني لاستعادة بعض من شعبيته التي أظهرت الانتخابات الأخيرة حجمها الحقيقي، فكان لا بدّ من شن غارات ضدّ من يصفهم بإرهابيّي حزب العمال الكردستاني، ولم يجد من يؤيد خطوته سوى رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، الذي وجد ضالته بضرب مسلحي العمال الذين باتوا يشكلون خطراً على وجوده ونفوذه السياسي الكردي، خاصة بعد الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة والتي أدخلت حزب الشعوب الديمقراطية قبة البرلمان بتمثيل وازن في المركز الثالث، وهو ما يعني ظهور قيادات كردية قد تتسيّد المشهد السياسي في قادمات الأيام خارج خط البرزاني وهو ما أثار حفيظة أردوغان فلوّح بعصا القضاء وهدّد برفع الحصانة البرلمانية عن نواب حزب «الشعوب الديمقراطية» بتهمة دعم منظمات إرهابية.
ليس من باب المصادفة التصعيد التركي المتزامن حيال سورية والعراق، فالمخطط التركي كشف عنه ثعلب السياسة الأردوغانية، وراسم خطواتها رئيس الحكومة أحمد داوود أغلو الذي أكد عبر صحيفة «حرييت» «أن حضور تركيا القادم سيغيّر في نتائج اللعبة باستخدام قواتها في العراق وسورية وفي المنطقة»، مطالباً الدول بمراجعة مواقفها طبقاً لتلك النتائج، وهو ما يؤكد السعي التركي لتصدير الأزمة الداخلية إلى الجوار السوري والعراقي لإعادة استثمارها في الانتخابات المبكرة التي بات لا مفرّ منها، في ظلّ رفض الأطراف التركية الشراكة الحكومية مع حزب العدالة والتنمية الجناح التركي لتنظيم «الإخوان المسلمين».
أمام وضوح المشهد التركي والذي لم يخف عن الرؤية السورية والعراقية يوماً، بدا جلياً أنّ التنسيق السوري العراقي يقطع الطريق أمام المشاريع التركية، وفي هذا السياق تأتي زيارة فالح الفياض مستشار الأمن الوطني إلى دمشق كمبعوث لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، للتنسيق في مجابهة الإرهاب المشترك المتمثل على الأرض بالتنظيمات الإرهابية ذات الانتشار على مساحة البلدين، ومشاريع الإرهاب السياسي المرتبطة بالأرض والذي تبدو تركيا أكبر منصاته والساحة العملاتية الكبرى للمشروع المعادي لسورية والعراق والمنطقة، منصات ومشاريع لم تأل جهداً عن العبث في أمن المنطقة لتدمير مقدراتها والسيطرة عليها.
وحدة التنسيق السوري العراقي كنتاج لتنسيق محور المقاومة في المنطقة الكفيل بإسقاط أحلام يقظة أردوغان بضرب سورية والعراق، ومعها تسقط محاولة السلطان الجديد العودة إلى المشهد السياسي من جديد.
سورية والعراق تنهيان عهد إحياء السلطنة العثمانية فهل تشهد بلاد الأناضول عصر الأتاتوركية الجديد؟!
«توب نيوز»