هل سينجح دي ميستورا في ايجاد الحل السياسي للأزمة السورية؟

ناديا شحادة

بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها غالبية دول العالم في الشرق الأوسط وأوروبا وشمال افريقيا بات من الضروري تنسيق دولي اقليمي لمكافحة الارهاب، وقد أكد على ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلاً ان مكافحة الإرهاب تتطلب التنسيق الفعال لجهود المجتمع الدولي برمته، هذه الظاهرة الدولية التي لم تكن وليدة اللحظة بل هي خطة مدروسة ومحكمة تم العمل عليها على مدى سنوات طويلة لقلب أوضاع المنطقة فاللإرهاب تاريخ قديم، وسورية كانت السباقة الى مكافحته منذ زمن ففي عام 1986 اقترح الرئيس الراحل حافظ الاسد عقد مؤتمر دولي لتعريف الارهاب وفي مؤتمر القمة الاسلامي في الكويت عام 1987 قال الرئيس حافظ الاسد طرحنا فكرة تشكيل لجنة دولية برعاية الامم المتحدة لتعريف الارهاب.

فمن سورية خرجت اول دعوة للمجتمع الدولي لتعريف الارهاب ومكافحته بشكل جدي عام 1986 وفي عام 2015 تتكرر الدعوة من جديد بعد ان انتشر بقوة في كل من سورية والعراق وبات ظاهرة عالمية ولا يستثنى أحد، فجددت الحكومة السورية دعوتها للعالم لمكافحته، حيث طالب الرئيس بشار الاسد لدى استقباله المبعوث الاممي الى سورية ستيفان دي ميستورا العالم الى وعي ابعاد الخطر الذي يمثله الارهاب على امنه واستقراره.

يؤكد المتابعون انه مع تمسك الحكومة السورية بمطلب مكافحة الارهاب كبداية للحل السياسي للازمة السورية، ومع المتغيرات الاقليمية جاء اقتراح وسيط الامم المتحدة دي ميستورا في 29 تموز من العام الحالي باعتماد مقاربة جديدة لحل الازمة في سورية تجمع بين اجراء محادثات حول مواضيع محددة بين السوريين من ضمنها مسألة مكافحة الارهاب وانشاء مجموعة اتصال دولية، وذلك في الجلسة التي عقدها مجلس الامن الدولي وبحث فيها نتائج المشاورات التي اجراها مبعوث الامين العام للامم المتحدة الى سورية، تلك الجلسة التي حدد فيها امينها العام بان كي مون دور مبعوثه الخاص لسورية في المفاوضات المقبلة وهو التوصل الى اتفاق انطلاقاً من جنيف واحد وأبدى استعداده لعقد مؤتمر دولي من اجل اقرار التوصيات التي سيخرج بها السوريون. فبعد سنوات من السكوت العالمي على جرائم الارهاب، الذي يدل على وجود اجندات دولية، باتت اليوم الامم المتحدة تتبنى وجهة النظر السورية المطالبة بمكافحة الارهاب.

فمع تبني الأمم المتحدة وجهة النظر السورية لمكافحة الارهاب التي تعتبر اولوية بالنسبة الى موسكو وطهران، بات مبعوث الامم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا يقاسمهم الموقف من ان مكافحة الارهاب يجب ان تكون اولوية بالمرحلة الحالية، والذي كان من شروط الحكومة السورية لمواصلة التعاون مع مساعي المبعوث الأممي، وجاء كلام الرئيس الاسد في خطابه الأخير ليؤكد ذلك.

وفي خضم النقاشات والمشاورات التي أجراها دي ميستورا لبلورة مبادرة جديدة لاستئناف المساعي نحو حل سياسي للازمة السورية، ومع اقتراحه تعميق مشاورات جنيف، وبعد افشال العديد من جولات الحوار السوري -السوري التي رفضتها القوى المحسوبة على واشنطن وتركيا، حيث سعى البعض بكل ما في وسعه من اجل افشال تلك الحوارات بأي طريقة تنفيذاً لأجندة خارجية وهذا جاء على لسان بعض شخصيات المعارضة منها رئيس هيئة العمل الوطني الديمقراطي محمود مرعي، ومع محاولات الحكومة السورية فضح الجرائم الارهابية للوصول الى قانون دولي فعلي يلزم من يتبناه مكافحة الارهاب، ويبقى السؤال هل سينجح دي ميستورا في إيجاد حل للازمة السورية ونشهد قريباً حلاً سياسياً لتلك الأزمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى