آخر المخيمات الفلسطينية… عين الحلوة ينتحر!
د. نسيب حطيط
المقايضة «الإسرائيلية» – التكفيرية تقضي بتبادل الخدمات، فالعدو «الإسرائيلي» يدعم التكفيريين في سورية عسكرياً ولوجستياً واستخباراتياً ومعالجة جرحى «النصرة» و«داعش» مقابل أن يقدّم التكفيريون خدمات الاغتيال والخراب في سورية واغتيال الضباط السوريين وقادة المقاومة، مع طلب «إسرائيلي» أساسي بتفجير المخيمات الفلسطينية في سورية ولبنان، لمحو آخر مظاهر اللجوء الفلسطيني الذي يضغط لتحقيق حق العودة والتخلص من هذه المخيمات التي تشكل منجماً ونبعاً للمقاومين، والتي تبقي القضية الفلسطينية حية ومستمرة، فالمخيمات ترتبط بـ«الأونروا» المؤسسة الدولية التي ترعى شؤون اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وطالما أنّ المخيمات باقية فـ»الأونروا» باقية، وبالتالي سيبقى الملف الفلسطيني حياً في المؤسسات الدولية والإعلام والدول المانحة.
إنّ أول تجربة لتدمير المخيمات قامت بها «فتح الإسلام» مفرَزة الاستطلاع الأولى للإسلاميين التكفيريين، وقد تجسّدت بتدمير مخيم نهر البارد وإلحاق الخسائر الكبيرة بالجيش اللبناني، ثم جاءت التجربة الثانية في سورية وفي مقدّمتها مخيم اليرموك عاصمة اللجوء الفلسطيني في سورية، والذي تواطأت حماس على إسقاطه عبر «أكناف بيت المقدس» الاسم الحركي أو «العناصر غير المنضبطة» في حماس، بالتزامن مع توريط كلّ المخيمات الفلسطينية في سورية التي كانت المخازن الأولى لتسليح الثورة السورية، وقد نجحت «إسرائيل» عبر الجماعات التكفيرية «داعش» و«النصرة» وأخواتها بتدمير اليرموك وتهجير سكانه، والذي لن يعود كما كان مهما كانت الظروف بعد إنهاء الأحداث في سورية.
وجاء دور إعلان الجائزة الكبرى للعدو «الإسرائيلي»، بتدمير مخيم عين الحلوة العاصمة السياسية للشتات الفلسطيني والمخيم المركزي الذي يؤدّي سقوطه وتدميره إلى إسقاط مخيم المية ومية أيضاً ويفتح الطريق لإزالة مخيمي صبرا وشاتيلا اللذين يقعان في منطقة أليسار، التي يرغب تيار المستقبل وآل الحريري باستثمار أرضه عقارياً في نسخة «شعبية» لمشروع سوليدير.
مخيم عين الحلوة يعيش حالة الغليان المتفجّر ومنذ عامين والتحضيرات التكفيرية للسيطرة عليه لتحقيق هدفين:
تفكيك المخيم عبر إعلانه إمارة إسلامية تكفيرية.
التحكم بطريق الجنوب ومشاغلة محيطه لإزعاج المقاومة وقطع طريق الإمداد والتواصل.
لقد ساهم صمت وتلكّؤ القوى الفلسطينية وخاصة فتح وحماس في استقواء المجموعات التكفيرية داخل المخيم، وتحويله إلى ملجأ للهاربين من وجه العدالة اللبنانية، ومأوى للإرهابيين المتورّطين بالتفجيرات الانتحارية والاعتداء على الجيش من أحمد الأسير إلى شادي المولوي وفضل شاكر والإرهابيين الذين شاركوا بالسيارات المفخخة إلى الضاحية وغيرها.
عين الحلوة آخر المخيمات الفلسطينية ينتحر… وكلّ القوى الفلسطينية شريكة في إعدامه، ولكلّ هدفه، حتى المحايدون من أبنائه شركاء في تدميره ويفتحون الأبواب للفتنة والانفجار لأنهم ارتضوا أن يتحوّل إلى بؤرة أمنية للإرهابيين والتكفيريين وللاعتداء على أنصار المقاومة وتتسارع وتيرة الانفجار نتيجة انقسامات حركة فتح بين محمد دحلان وأبو مازن، وانخراط حماس في المشروع السعودي القائم على التفجير والعنف في اليمن وسورية ولبنان والعراق للاعتراض على الاتفاق النووي بين إيران والغرب وللتعويض عن خسائرها في «الربيع العربي».
هل يتزامن انفجار عين الحلوة مع الاستفزازات للمقاومة وأهلها مرة بقطع طريق الجنوب وبيروت، والتي قطعها العدوان الإسرائيلي في حرب تموز 2006 بتدمير الجسور، واليوم تقطع تحت شعار النفايات كمناورة وجسّ نبض ومن يريد منع النفايات يستطيع قطع طريق سبلين الفرعية المؤدّية إلى الكسارات وليس الأوتوستراد الساحلي وكذلك ضهر البيدر.
لبنان في عين العاصفة… فهل تحرق أكوام النفايات ما تبقى من أمن واستقرار أو بقايا مؤسسات الدولة وآخر عناوينها الحكومة؟
لينان أمام المخاطر… والمسؤولون عنه يتجادلون في جنس الملائكة، وبدل مناقشة «الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان» من العدو الصهيوني والتكفيريين يناقش الجميع «استراتيجية توزيع النفايات» ومع ذلك فقد فشلوا حتى في ذلك!
الأيام المقبلة تنذر بالأخطر والأسوأ… ولم يعترف الساسة في لبنان حتى اللحظة بأنّ الخطر ملموس وقريب وموجود في شوارعنا ومدننا وقرانا، ولا يحتاج إلا إلى عود ثقاب أو حادث فردي ليسقط لبنان في أتون اللهب التكفيري الذي يحرق العالم العربي منذ أربع سنوات… فهل سيستيقظ المقاولون ويمتنعوا عن إيذاء واستفزاز المقاومين!؟
سياسي لبناني