الداء والدواء… والنواة الصالحة
أن تؤْثرها سوداء بكماء جامدة، أمرٌ لافت، إنما أكثر من مريح! تلك الشاشة التي اخترت لها ركناً ما في منزلك، أو خصّصت لها مكاناً معيّناً في مكتبك، أو حفظتها في متناولك، صارت عبئاً ضاغطاً عليك، بل أخطر من ذلك بكثير! فبدلاً من أن تكون رافداً داعماص لك، أصبحت مصدراً مؤذياً لنفسك، مؤلماً لمشاعرك، مفسداً لفكرك، ملوّثاً لنظرك ولسمعك، مرعباً لأحلامك، مسمّماً لقيمك، مشوّهاً لإنسانيتك. باختصار، أصبحت تلك الشاشة مدمّراً لكيانك. فأين المفرّ؟ متى تشغلْها تطالعك، البشاعة والقبح: القتل والدماء، العنف والتدمير، التلفيق والتزوير، الألم والفقر، الظلم والقهر، البؤس والشقاء، وعدّد وحدّث بلا انتهاء… فأين أنت يا رحمة السماء؟ ليس ما نراه، وما نسمعه صوراً وتمثيلاً، بل واقع لا يقبل تبديلاً!
ابتعدْ، ابتعدْ، غيّر وجهتك. ماذا؟ أنختار الطبيعة؟ وهل بقيت شجرة وديعة؟ أو نختار الشوارع، وما استحدث فيها من تلال مريعة؟
لقد مللنا الثرثرة والتنظير، والتهكم والتحقير، والتجريح والتشهير، والدعوة إلى التغيير… ماذا نوصّف ما نشهده من مفاخرة بالفضائح، ومجاهرة بالقبائح، ومباهاة بالكبائر والوقاحات…؟ ولكن، من يحاسب؟ الكلّ يعرف الداء ويعرف أيضاً الدواء، إنّما من يريد الشفاء؟!
وفي خضمّ هذا الوباء المتفشي من الفساد، والشرّ المستشري في العباد، لا بدّ من نواة صالحة، كامنة في نفس طيّبة ستنبت برعماً في غصن يورق أخضر، ويثمر حصاداً وخيرات، تقدّمها أيادي حماة شجعان يذودون عن الحقّ ويقاومون الباطل، ويهبون أرواحهم لكي يحيا الآخرون، ومن أجل قليلٍ من العدالة. لا نذكرهم في الأوّل من آب فحسب، لا بل مع إشراقة كلّ شمس، وحلول كلّ ظلام، فأنتم صانعو الفجر المنتظر! نخجل من كلّ نقطة دم طاهرة بذلتموها ولا تزالون.
أصدق تحية، وأعظم تقدير إلى كلّ جندي في جيشنا الباسل، وإلى كلّ مقاوم دفاعاً عن الوطن والمواطنين الشرفاء!
سحر عبد الخالق