«سحر الكلمات» لعادل الفريجات… حالات من الحبّ وصوَر من الواقع
يقدّم الناقد والأديب عادل الفريجات في مجموعته القصصية «سحر الكلمات» باقة من القصص القصيرة والقصيرة جداً تحمل روح الحب بمعانيه وحالاته وأشكاله المتعددة من خلال عرض صور من الواقع بقالب قصصي مشوّق، إضافة إلى مجموعة من المواضيع التي فرضتها الأزمة في سورية، إذ استقى سير أبطالها من واقعنا اليومي المعيش محدّداً أماكن حدوث بعضها في وطنه الأم سورية، والآخر في باريس حيث سافر الكاتب أكثر من مرة.
«سحر الكلمات»، الكتاب الصادر حديثاً عن «دار النمير للنشر والتوزيع» في دمشق، يتضمن ثماني قصص قصيرة و36 قصة قصيرة جداً، يشكل الحب بحالاته القاسم المشترك بين أكثرها، مثل قصة «سحر الكلمات» التي حملت عنوان المجموعة، وهي قصة رومنسية جمعت «سعيد» مع المرأة التي أعجبته وتغزّل بها ذات يوم، ليكتشف أن سحر كلماته الغزلية لها طبعت أثرها في حياتها، ونجد ذلك أيضاً في قصة «فرح بطعم الحزن»، إذ ترتبط «ندى» بمن تحب بعد عشرين سنة من الفراق، لتصوّر القصة مشاعر الفرح الناقص والحزين لأنه فرح متأخر لكنه يبقى فرحاً لأنه كان مع من نحبّ .
وفي قصة «الحب والتلعثم»، يشير الكاتب إلى عالم الحب الافتراضي على «فايسبوك» الذي يعيشه الاشخاص عبر سبع دردشات بين صديقين قديمين التقيا بعد فراق على صفحات الإنترنت، ليجمعهما الحب. وما يثير الاستغراب المصطلحات والتعابير التي يستخدمها متصفحو «فايسبوك» وينقلونها عن واقعنا والتي غزت مفرداتنا وحديثنا اليومي.
كما أخذت عدة قصص طابعاً اجتماعياً صوّر الواقع الذي فرضته الأزمة والهجرة خارج الوطن. ففي قصة «هكذا هي الحياة» تمتثل حنان التي غادرت بلدها الأم بسبب الأزمة وحصلت بعد جهد ومشقة على إقامة لمدة عشر سنوات في فرنسا لمقولة «إن الحياة تمنحنا بعض ما نريد وتمنع عنا الحصول على كل ما نريد». وعن الهجرة واللقاءات التي تجمع المغتربين الذين هاجروا بسبب الأزمة جاء مضمون قصة «لقاء فريد» الذي جمع أسرتين سوريتين مهاجرتين في إحدى مقاهي مدينة بالتيمور في أميركا. ومن خلال الاحاديث التي يتبادلها أفراد الأسرتين، يصف الكاتب الواقع الذي فرضته الازمة والحرب على سورية، إذ كانت الهجرة من الخيارات التي استجاب لها عدد من السوريين، حاملين ذكرياتهم في حقائبهم وأملاً بالعودة لا ينطفئ.
وفي قصة «لعودة إلى الأهل» يصوّر الكاتب عودة العجوز التسعينيّ «عبود» إلى أهله الذين حرم منهم منذ كان في الثالثة من عمره أيام مذابح الأتراك للأرمن والسريان عام 1915، إذ يستخدم الكاتب قالب قصة اجتماعية ممتعة افرد لخياله اللعب بخيوط اللقاء الذي جمع «عبود» بأخوته بعد عقود من الزمن.
ويقدم الفريجات في مجموعته أيضاً 36 قصة قصيرة جداً عبارة عن ومضات اجتماعية وعاطفية تناول فيها مواضع مختلفة بأسلوب واقعي مباشر تارة، ورمزي غير مباشر تارة أخرى. مورداً فيها الكثير من أشعار الحب لنزار قباني وروايات احلام مستغانمي التي جاءت على لسان أبطال قصصه في حوارهم السردي الذي حمل أسلوباً بسيطاً سلساً بحبكة قصصية لا تخلو من السيناريو الدرامي الجاهز، ما يجعل القصص تصوّر في الذهن بشكل سهل وكأنها مسلسل أو تمثيلية تلفزيونية درامية.
يذكر أن الكاتب الدكتور الفريجات من مواليد قرية خبب في درعا عام 1949، حاصل على إجازة في اللغة العربية ودبلوم الدراسات العليا وعلى درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة دمشق، وهو ناقد وباحث في التراث له 19 كتاباً مطبوعاً منها: «الشعراء الجاهليون الأوائل» و«مرايا الرواية» و«النقد التطبيقي للقصة القصيرة في سورية»، وكتاب توثيقي عن قريته خبب بعنوان «قرية من حوران خبب سكاناً وعمراناً وثقافة»، إضافة إلى مقالات ودراسات كثيرة، كما شارك في عدد من المؤتمرات والندوات في سورية والعالم العربي.