الصحافة الغربية: عن أيّ «منطقة آمنة» يجري الحديث؟
عامر نعيم الياس
شكّل الاتفاق التركي ـ الأميركي الذي مهّد لدخول تركيا التحالف الدولي ضدّ «داعش»، محطّةً مهمّة لتحليلات الصحف الغربية من زاوية إمكانية إقامة المنطقة الآمنة. وقد لوحظ افتراق بين تقارير الوكالات حول المنطقة «الآمنة»، ومقالات الصحافيين والمراسلين العاملين مع الصحف الغربية. ففي وقتٍ تبنّت تقارير الوكالات الرواية الإعلامية التركية حول الاتفاق على إقامة «منطقة آمنة» في سورية، فنّدت المقالات هذا الخبر ووضعته في إطار التمنّيات ليس إلّا، معدّدةً العقبات التي تعترض طريقه من التساؤلات حول زيادة حجم التورّط الغربي في المنطقة، إلى ما يمكن تسميته بالتجربة الفاشلة الممتدة سنوات الحرب على سورية. إذ لا تزال الدول الكبرى المشاركة في العدوان على سورية إلى جانب القوى الإقليمية تراهن على اتّباع تكتيكات مختلفة من أجل تحقيق الهدف ذاته المتمثّل بتدمير الدولة السورية وتحقيق أحلام من قبيل المنطقة الآمنة التي تشكّل محور مقالنا.
وبعيداً عن الحديث عن المنطقة الآمنة وتحليل أسباب استحالتها من وجهة نظرنا كمراقبين، نحاول هنا تعداد هذه العوائق من قلب المؤسّسة الإعلامية التي تخوض الحرب على سورية والتي أعطت الملف الأبعاد التي يستحقها باعتباره فرقعةً إعلامية ليس إلّا. ووفق «تايمز» البريطانية فإن الاتفاق «سيزيد التدخل الغربي العسكري في المنطقة وسيؤدّي إلى تجدّد الصراع بين تركيا وأكراد سورية». في وقتٍ أشارت «إندبندنت» البريطانية أيضاً إلى أنّ «الولايات المتحدة وتركيا لم تتّفقا بعد على مقاتلي المعارضة السورية الذين سيحصلون على الدعم وفق اعتراف مسؤولين أميركيين». أما «غارديان»، فقد كانت أكثر مباشرة عندما قالت إن «المنطقة العازلة في شمال سورية لا تعني شيئاً سوى زيادة المأزق الأميركي. فالتدخل يتمّ من دون استراتيجية وأهداف واضحة».
«نيويورك تايمز» الأميركية كانت الأكثر واقعية في حديثها عن المنطقة الآمنة. فقد رأت أنّ «الخطة تواجه التحدّيات نفسها التي ابتليت بها السياسة الأميركية منذ فترة طويلة في سورية. فالولايات المتحدة تركّز على محاربة داعش، في حين تنظر تركيا والمقاتلون السوريون إلى هزيمة الرئيس بشار الأسد». واسترسلت الصحيفة في الحديث عن مخاطر عدم التنسيق مع الدولة السورية قائلةً: «الخطة ستضع الطائرات الحربية الأميركية والمتحالفة معها أقرب من أيّ وقتٍ مضى إلى المناطق التي تقصفها الطائرات السورية، الأمر الذي يثير مسألة ماذا سيفعلون إذا هاجمت الطائرات السورية شركاءهم على الأرض».
أما «وول ستريت جورنال» الأميركية فقد أشارت إلى العامل الكردي. فالغارات «ستغضب الأكراد»، شأنها شأن الصحف الفرنسية التي استفاضت هي الأخرى في الحديث عن الأمر. فوفق «لوموند»، إن «الاتفاق غامض والهدف من العمليات قُدِّم بطريقة متناقضة من كلا الطرفين». ناقلةً عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «مصطلح منطقة آمنة أمرٌ مبالغ فيه، شأنه شأن منطقة حظر طيران أو منطقة حماية إنسانية». أما «لوفيغارو»، فنقلت عن لسان أحمد انسل الأستاذ الجامعي والمحلّل السياسي التركي قوله «بين الأكراد وداعش والأسد: المعادلة المستحيلة لأردوغان». وأوردت الصحيفة في المقابلة استطلاعاً للرأي شمل ناخبي أردوغان أظهر أن 20 في المئة منهم يؤيّدون «داعش» أكثر من الأكراد إذا خيّروا بين من يتواجد من الطرفين على حدودهم مع سورية.
لا منطقة آمنة في سورية ولا منطقة حظر طيران. لا قوات برّية على الأرض، ولا دعم من قبل حلف شمال الأطلسي لهذا الأمر. هو غطاء جوّي مستمرّ منذ أكثر من سنة لا يغيّر في معادلة التنسيق القائمة بين تحالف أوباما وسورية شيئاً على الإطلاق. أما تركيا أردوغان فالوقت كفيل بتحطيم أحلامها.
كاتب ومترجم سوري