«المستقبل»: السعودية ترتكب جريمة بحق لبنان…
هتاف دهّام
بات بمثابة شبه المؤكد حتى لا نقول المؤكد بأنّ الوسيط الروسي أحدث خرقاً في الساحة الإقليمية والدولية، وتمكن من تنظيم لقاء بين رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك ممثلاً الحكومة السورية وولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان ممثلاً النظام السعودي في الرياض. وعلى رغم أنّ أحداً من الأفرقاء الثلاثة الروسي، السعودي والسوري لم ينف يؤكد حصول اللقاء أو يؤكده، فإن السكوت عن هذا الحدث البالغ الأهمية، يعني انّ اللقاء قد حصل.
وفي انتظار موقف آخر للنفي أو الإثبات، فقد بات المراقبون يتعاملون مع اللقاء على أنه حقيقة وقعت، وفي تفسير أحدهم لحصوله وخلفيته، يقول ان ّالمملوك ذهب الى السعودية ليجرّع المملكة كأس هزيمتها في سورية التي صنعها الميدان السوري ودفاعات محور المقاومة في القلمون والزبداني والقصيْر وغيرها من المناطق السورية. وعلى أي حال ينبغي من الآن وصاعداً أن ننظر الى خريطة العلاقات الدولية في الإقليم على أساس متغيّرات عدة يشكل هذا اللقاء أحدها، من دون المبالغة في قراءة تداعياته.
ومع التسليم باللقاء السعودي السوري، فإنّ السؤال الذي يطرح في لبنان عن تصرّف وأداء فريق 14 آذار، فهل ان اللقاء سيفتح الطريق على من ينتظر مطار دمشق للعودة الى بيروت؟ أو أنّ اللقاء سيساهم في تبريد الرؤوس الحامية وأصحاب ملف مملوك سماحة؟ أو ستكون للقاء قراءة منطقية واقعية بفهم من لديه القدرة على الفهم أنّ السياسة هي فنّ الممكن، ولا توجد فيها عداوات دائمة ولا صداقات دائمة. اسئلة كثيرة تطرح؟ والأجوبة عنها تنتظر الأيام المقبلة لكن لا بدّ من التأكيد انّ المنطقة بعد الاتفاق النووي بين الجمهورية الاسلامية والسداسية الدولية دخلت مرحلة جديدة لن يكون هذا اللقاء حدثاً يتيماً فيها. والسؤال الكبير هل سيكون اللقاء «الرياضي» بداية تكيّف سعودي ما بعد اتفاق فيينا؟
فُقد أربعة جنود يابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، وظلوا في مخابئهم، الى ان عثر عليهم الجيش الياباني بعد سبع سنوات، وكانوا يظنون انّ الحرب مستمرة، وهم ما زالوا على جاهزيتهم للقتال من دون ان يعلموا انّ اليابان استسلمت واميركا فرضت سيطرتها عليها. فهل ستكون حال 14 آذار كهؤلاء بعد هزيمة السعودية ورضوخها للأمر الواقع.
يستشرف تيار المستقبل أفق المرحلة المقبلة ما بعد الاتفاق النووي، والتي قد يكون بدايتها لقاء المملوك سلمان. ويعيش «المستقبل» تخبّطاً وضياعاً وإرباكاً وحيرة، ولا علم له بما يدور في كواليس الدوائر الكبرى.
لم يُطلع المسؤولون السعودون الرئيس سعد الحريري المقيم في جدة اسوة بحلفائه في 14 آذار، رئيس حزب القوات سمير جعجع ومنسق الأمانة العامة لـ14 آذار فارس سعيد، ورئيس مجلسها الوطني سمير فرنجية، ونوفل ضو، على أجواء الاجتماع، فهناك نقاش في الدوائر السعودية تحت عنوان ما هي الجدوى من دعم الرئيس الحريري ما دام، كما ينقل عن السفارة السعودية في بيروت، انه أصبح محترفاً بإلحاق الخسارة تلو الأخرى بالرياض في لبنان.
لا يريد «المستقبل» أن يصدّق أنّ لقاء كهذا قد حصل، على رغم أنّ مرحلة التحوّلات في المنطقة تتطلب من هذا الفريق الاعتراف بالحقائق الجديدة، والكفّ عن المراهنة على الخارج وحفظ ما تبقى من ماء وجوههم المبذولة جراء الرهانات كما دعاهم دوماً حزب الله. ويؤكد مسؤولوه الذين قرأوا عن اللقاء في الصحف «أنّ ما سرّب لا يتعدّى المعلومات الصحافية من دون أيّ معطيات أو على أي اساس جرى اللقاء، ولكن اذا حصل فإنه يكون، بحسب التيار الأزرق، بين رجال استخبارات ليس إلا، ولن يعني انّ الرئيس السوري بشار الاسد بات مقبولاً عند السعودية، وانّ الامور عادت الى مجاريها، أو أننا سنشهد في لبنان هيمنة جديدة لمعادلة الـ«سين – سين».
زاد اللقاء المذكور»المستقبل» إرباكاً وتخبّطاً وضياعاً وحيرة، وسارعت بعض أجنحته المتطرفة الى التأكيد انه حزب لبناني لا علاقة له بما تقوم به السعودية، وانه على مواقفه التي سيؤكدها اليوم في البيان الذي سيصدر بعد اجتماع كتلته من «انّ الحلّ الوحيد في سورية هو بتنحّي الرئيس الاسد». الغضب الأزرق انعكس تهوّراً في المواقف من انه في حال قرّرت القيادة السعودية فتح صفحة جديدة مع سورية في إطار التعاون لمكافحة الإرهاب، فإنها تكون ارتكبت جريمة كبرى بحق استقرار المنطقة ولبنان!