لافروف يطالب كيري والجبير بحسم الموقف من «الأسد» و«دعم المسلحين» «النصرة» تقرّر تصفية «أحرار الشام»… والزبداني تلحق بالحسكة محرّرة قريباً
كتب المحرر السياسي
اللقاء المرتقب بين وزيري خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري والذي انضمّ إليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، لم يعد مكاناً للمجاملات والاكتفاء بتسجيل المواقف، والرضا بما تيسّر من التفاهمات بالنسبة إلى روسيا، كما نقلت مصادر مواكبة للاجتماع لـ«البناء»، فالوزير لافروف وجه كلاماً واضحاً للوزيرين كيري والجبير يقول إنّ الجمع بين السعي إلى الحرب على «داعش» دون سواه كعنوان للحرب على الإرهاب مع المواقف الرافضة للتعاون مع الدولة السورية، وفي المقابل الدخول في تصنيفات انتقائية للجماعات المسلحة وتقديم الدعم لها باعتبارها معارضة معتدلة، بات أمراً يعطل فرص التوافق الدولي والإقليمي على عنواني الحرب على الإرهاب والسعي إلى حلّ سياسي في سورية، بالتالي فإنّ الموقف السعودي الذي يحظى بمسايرة أميركية بات العقبة أمام تشكيل حلف إقليمي جدّي لمحاربة الإرهاب يدعمه المجتمع الدولي، ببقائه أسير مواقفه العدائية من الدولة السورية، وأسير الرهانات على بعض الجماعات المسلحة. وذكّر لافروف بالموقف الأميركي الصادر أمس والقاضي بتقديم التغطية النارية لمن وصفهم الأميركيون بالمعارضين الذين يقاتلون «داعش»، معتبراً هذا الموقف تشجيعاً على ذهاب سورية إلى الفوضى، بينما الطريق سالك وواضح نحو الجمع بين الحلّ السياسي والحرب على الإرهاب باعتبار الدولة السورية وحدها تقدر أن تشكل الشريك المنشود في الحرب على الإرهاب، ولذلك تسعى روسيا إلى حلّ سياسي يجعلها دولة تتسع للجميع وفقاً لمعادلتي التوافق على أولوية الحرب على الإرهاب من جهة وارتضاء الاحتكام لصناديق الاقتراع من جهة أخرى، وهي بذلك تكون العمود الفقري لخطة إقليمية دولية تحقق استقرار سورية وحماية مؤسساتها وتؤمّن شريكاً يعتمد عليه في الحرب على الإرهاب.
المواقف المعلنة للأطراف لا تزال متباعدة على هذا الصعيد، فكما يبدو وفقاً للمصادر نفسها لم تنجح المساعي الروسية بعد في تجسير الهوة الكبيرة التي تفصل بين الموقفين السوري والسعودي بصورة تسمح بتعديل الخطاب، أو أنّ الوقت اللازم لحدوث ذلك لم يمرّ بعد على الأرجح نظراً للمدى الذي ذهبت إليه السعودية في المواقف العدائية من الدولة السورية ورئيسها، ويحتاج الأمر مزيداً من الوقت، خصوصاً إذا تقدّمت مساعي التسوية اليمنية وتخلصت السعودية من عبء الفشل في الحرب.
الرهان على الجماعات المسلحة وتصنيفها حصد أمس نتيجة تجعل الموقف الروسي على درجة عالية من المصداقية، فرفض «جبهة النصرة» للعرض التركي القطري الحاصل على الموافقة الأميركية، بإعلان التبرّؤ من العلاقة بتنظيم «القاعدة» كثمن لدمجها بعناوين الحلّ السياسي وشطبها عن لوائح الإرهاب، توّج بقرار «النصرة» تصفية تنظيم «أحرار الشام» الذي جلب له السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد شرور «النصرة» بامتداحه وتقديمه كقوة اعتدال، فقد قامت «جبهة النصرة» بتحشيد قواها في مناطق ريف دمشق وريفي حلب وإدلب لمهاجمة مواقع التنظيم بعدما أبلغته رسمياً انه ما لم يعلن تبرّؤه من العلاقة بالأميركيين فسيدفع الثمن غالياً خلال أربع وعشرين ساعة، باعتباره جهة تتولى التجسّس لمصلحة الأميركيين لكشف مواقع «النصرة».
لبنانياً، بقيت النفايات عقدة القرار الحكومي بعدما صارت بضاعة يفاخر لبنان بتصديرها، ولكن بدفع ثمن التصدير الباهظ، وصارت قضية التعيينات العسكرية قنبلة الحكومة الموقوتة خلال يومين بعدما صار التمديد لرئيس الأركان اللواء وليد سلمان مدخلاً للتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، كما قال التيار الوطني الحر معلناً قراره بالتصعيد نزولاً إلى الشارع.
لبنان يصارع… وخيارات العونيين مفتوحة
يصارع لبنان أزمة البقاء على قيد الحياة في خضم الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تعصف به. وتحمل الساعات الأربع والعشرين المقبلة تأجيل تسريح لرئيس الأركان في الجيش اللواء وليد سلمان، إلا أن هذا التمديد لن يمر بسلام إذ ستشهد الساعات 72 المقبلة تصعيداً في المواقف من قبل التيار الوطني الحر، وتحركات شعبية أمام السراي الحكومية التي ستشهد جلسة حامية لمجلس الوزراء غداً ستسبق جلسة حوار عين التينة مساء.
وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» إنّ كلّ الخيارات مفتوحة لمواجهة خيار التمديد لرئيس الأركان الحالي غداً». وتوعّدت المصادر بردّ فعلٍ أشدّ وأكبر مما حصل عندما نزل التيار الوطني الحر إلى الشارع الشهر الماضي. وكرّرت المصادر تمسكها بالدستور ورفض التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي ولأيّ منصب عسكري آخر.
وأشارت المصادر إلى «أنّ القضية لا تتعلق فقط بملف التعيينات، فهي مسألة ميثاقية ودستورية وشراكة، فعند كلّ استحقاق يتمّ ابتكار الحجج لتبريره وتمريره وهذا ما حصل منذ التمديد لمجلس النواب مرتين وتعطيل المجلس الدستوري والتمديد للأجهزة الأمنية مرات عدة.
ودعت المصادر إلى «عدم إلقاء اللوم على التيار الوطني الحر بما نتج وسينتج من الجمود الحاصل في مجلس الوزراء، بل يجب الضغط على من يرفض حقوقنا وشراكتنا في السلطة والحكم».
وحملت المصادر «الرئيس تمام سلام وتيار المستقبل المسؤولية عما وصلنا إليه لا سيما الشلل في مجلس الوزراء».
اللجوء إلى الشارع لا يوصل إلى نتيجة
وواصل نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل جولاته على القيادات اللبنانية للإطلاع على آرائهم حول التعيينات العسكرية. وفي هذا الإطار، التقى رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس السابق ميشال سليمان ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة في مكتبه في بلس. وعلم أن اللقاء بين سلام ومقبل وضع النقاط على حروف أزمة التعيينات الأمنية.
وشدد وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي «أن جلسة مجلس الوزراء الأربعاء ستستكمل البحث في الملفات التي بحثت في جلسة 30 تموز الماضي والمتعلقة بأزمة النفايات ومقاربة مجلس الوزراء، وبند القروض والهبات والرواتب. وأشار إلى «أن الجلسة ستشهد نقاشاً حول الاقتراحات التي قدمت لمعالجة أزمة النفايات من تصديرها، إلى إيجاد المطامر، وصولاً إلى التفكك الحراري لا سيما أنّ أي اقتراح لم يتمّ الإجماع عليه بعد»، لافتاً إلى «أنه من المفترض أن ترفع دراسة الشركة الفرنسية حول ترحيل النفايات إلى الحكومة خلال الساعات المقبلة.
ولفت حناوي إلى احتمال أن يطرح وزير الدفاع الوطني سمير مقبل إذا وافق التيار الوطني الحر ملف التعيينات من خارج جدول الأعمال، وسيقترح عدة أسماء لرئاسة الأركان وفق جدول المفاضلة، فإذا اتفق على اسم كان به، وإذا لم يتم الاتفاق سيصدر وزير الدفاع عقب الجلسة مرسوم تأجيل التسريح للواء وليد سلمان، بحسب ما نص قانون الدفاع في الحالات الاستثنائية.
وأكد حناوي «أن اللجوء إلى الشارع لا يوصل إلى نتيجة، بل يجب أن يكون هناك حوار يؤدي إلى انتخابات رئاسية، الممر الإلزامي لحل كل المشاكل العالقة».
جلسة مضيعة للوقت
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أن جلسة مجلس الوزراء غداً ستكون مضيعة للوقت، إلا إذا نزل الوحي واتفق السياسيون حول مسألة تصدير النفايات إلى الخارج». ولفت إلى أن سلام في حال عدم الاتفاق سيتحدث ويسمي الأشياء بأسمائها ويحمل مسؤولية ما يجري من تعطيل في ملف النفايات للمعرقلين والمعطلين».
وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» انه سيكون هناك اجتماع لعدد من الوزراء المعنيين بملف النفايات لمناقشة هذا الملف قبل جلسة مجلس الوزراء غداً.
وأضاف جريج: «الاتجاه اليوم في مجلس الوزراء هو لإيجاد مطامر وأن تأخذ الدولة سلطتها وتجد المطامر المناسبة وفقاً لمعايير موضوعية وتراعي الوضع البيئي والمياه الجوفية وليس الوقوف مع المتعهد، وذلك لتأمين الصالح العام ولو على حساب المصالح الخاصة»، مشيراً إلى «أن اختيار المعايير هذه تحتاج إلى شهرين أو ثلاثة أشهر، وإلى أن يتم تأمين مطامر مناسبة، سيبحث مجلس الوزراء تأمين مطامر موقتة لجمع هذه النفايات».
وتابع جريج: «الحل الثاني الذي يُبحث به الآن يقضي بترحيل هذه النفايات إلى خارج لبنان، لا سيما إلى ألمانيا مع ضمانات من الجهة التي نتفق معها لترحيل النفايات كي لا ترمى في البحر وأن تكون الشركة موضع ثقة وأن لا يكون السعر باهظاً».
ولفت إلى «أن العروض لدى وزير الاقتصاد آلان حكيم وبلدية بيروت ووزير البيئة محمد المشنوق وسيعرض هذا الموضوع غداً».
ودعا جريج إلى ضرورة «أن يكون مجلس الوزراء في حالة انعقاد دائمة لحل ملف النفايات ومصارحة اللبنانيين بواقع هذا الملف الذي شابه التقصير في ظل الحكومات السابقة والآن ورثته الحكومة الحالية ويجب بحث ما يتطلب لحل هذا الأمر».
وأعلن وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور في مؤتمر صحافي «أن المكبات العشوائية التي تم استحداثها بدأت تبلغ مداها الأقصى، مشيراً إلى «أنه لا يمكن رمي النفايات في الكرنتينا بعد اليوم، خصوصاً أن هناك معملاً للقمح قربه. وشدد أبو فاعور على «أن مكب النفايات المستحدث في محيط المطار يُشكّل ضرراً على المناطق السكنية المجاورة وخطراً على حركة الطيران».
اتصالات بين عين التينة والرابية
وجرت اتصالات أمس على أعلى المستويات من أجل خفض السقف الإعلامي بين عين التينة والرابية. وأشارت أوساط سياسية لـ«البناء» إلى «أن كلام العماد عون عن شرعية المجلس النيابي ليس جديداً وكرره في أكثر من محطة، مشيرة إلى «أن رد الرئيس نبيه بري أول من أمس «أنه يرفض التصويت لمن يقول عنه إنه غير شرعي»، هو نوع من الحرب الوقائية أو الاستباقية التي يشنها بري على عون قبل 48 ساعة من أجل تأجيل تسريح رئيس الأركان، لا سيما أن القرار اتخذ بالتمديد في ظل عدم التوافق على اسم من الأسماء المطروحة بين المكونات السياسية، وكلف كل طرف للقيام بما له لتسهيل مروره».
إلى ذلك، تعقد جلسة للحوار بين وفدي حزب الله وتيار المستقبل مساء غد الأربعاء على وقع الخلاف الحكومي بين التيار الوطني الحر وحزب الله من جهة وتيار المستقبل من جهة أخرى حول التعيينات العسكرية وملف النفايات والمقاربة الحكومية. وعلمت «البناء» أنّ الجلسة ستبحث في تفعيل المؤسسات، واستمرار عمل الحكومة والوضع الأمني، وضرورة تخفيف حدة الخطابات التشنجية والتي من المتوقع أن تتضاعف بعد جلسة مجلس الوزراء وإصدار وزير الدفاع الوطني سمير مقبل قرار تأجيل تسريح رئيس الأركان.