البركان الليبي: لا حكومة ولا برلمان… وميليشيات في كل مكان
أحمد سلمان ـ بي بي سي
بالمقارنة مع مصر وتونس تمرّ ليبيا عبر فترة انتقالية هي الأكثر صعوبة وعورة، ليس لأن الإطاحة بالنظام القديم جاءت عبر ثورة سالت فيها الدماء فقط بل لأن نظام القذافي لم يخلف دولة ذات مؤسسات راسخة مقارنة بدول الجوار.
لأكثر من أربعة عقود تحت حكم القذافي لعبت القبيلة دوراً محورياً في الحياة السياسية بدلاً من الأحزاب التي ألغيت، إضافة إلى أن القذافي لم يسع إلى تكوين جيش بالمعنى المعروف خشية الانقلاب عليه، وعزز من وجود قوات تدين له بالولاء، إلى جانب اعتماده على المؤتمرات الشعبية كأسلوب في الحكم.
العبور من الثورة إلى الدولة في ليبيا مخاض عسير استغرق إلى الآن أكثر من عامين منذ سقوط القذافي وأكثر من ثلاث سنوات منذ بداية الثورة في شباط 2011، من دون أن تكلل الجهود بالنجاح.
«البركان الليبي»
التحرك العسكري للواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي لم يكن مفاجئاً فالأوضاع في ليبيا كانت مهيأة لانفجار بمثل هذا الحجم في أي وقت.
يقول توفيق بريك عضو حزب قوات التحالف الوطني عن ليبيا إنها «بركان على وشك الانفجار، لا يوجد برلمان حقيقي هنا في ليبيا وليس هناك حكومة، لكن المليشيات في كل مكان».
انفجار حفتر هو الأكثر دوياً في البركان الليبي لكن سبقته انفجارات مشابهة وإن كانت أقل تأثيراً صبّت مزيداً من الزيت على الأوضاع الأمنية المتدهورة أصلاً بالبلاد في مرحلة عنوانها الميليشيات المسلحة. فخلال الأشهر الماضية سيطر مقاتلون على حقول نفطية عدة شرق البلاد ولم تحرك الحكومة ساكناً لعدم امتلاكها القوة اللازمة. وفي نيسان عام 2013 حاصرت قوات المجلس الأعلى للثوار وهو ميليشيا مسلحة من مدينة مصراتة – مقر المؤتمر الوطني الليبي البرلمان وأجبرته على استصدار قانون يمنع المسؤولين السابقين في عهد القذافي من تولى مناصب في الحياة العامة، ولاحقاً حاصروا الوزارات الحكومية مطالبين باستقالة رئيس الوزراء السابق علي زيدان. وفي وقت لاحق آخر العام اختطف علي زيدان لساعات من قبل ميليشيات محتجة على ما اعتبرته تواطؤاً حكومياً في اختطاف القوات الأميركية لمواطن ليبي من طرابلس، يشتبه في انتمائه للقاعدة.
حرب الكرامة
تمثل «حرب الكرامة» التي أعلنها حفتر، الذي شارك في الانتفاضة ضد القذافي، أكبر تحد للمؤسسات الانتقالية الهشة – الحكومة والمؤتمر الوطني – إذ يمكن أن تدخل البلاد في أتون حرب أهلية في ضوء الاصطفاف الواضح وراء الدعوة أو ضدها في صفوف من يمتلكون السلطة الحقيقية في البلاد وهي الميليشيات والجماعات المسلحة.
يتهم حفتر من يصفهم بالمتطرفين بالسيطرة على مفاصل الدولة وإغراق البلاد في الفوضى ومن ثم تصطدم حركته بالسلطة القائمة في طرابلس التي لم تتأخر في وسم حركته بالانقلاب والخروج على الشرعية.
وقد اكتسبت دعوة حفتر لقتال الإرهاب وتطهير البلاد من قوى التطرف زخماً ملحوظاً بانضمام العديد من الشخصيات البارزة وقوات عسكرية تابعة للجيش. وتستند هذه الحركة إلى قاعدة شعبية اكتوت من الفوضى الضاربة في البلاد وغياب الأمن والاضطراب اللذين تسببهما فوضى السلاح والمسلحين خصوصاً في بنغازي التي تعاني من موجة من الاغتيالات لعناصر في الأمن والجيش.
ترجمة دعوة حفتر على الأرض تعني الاصطدام بفصائل وميليشيات مسلحة لها وزن وذات توجه إسلامي بالأساس ومناصريها مثل أنصار الشريعة وكتيبة «17 فبراير» وميليشيات مصراتة لن تكون مواجهتها نزهة بأي حال.